اَلْطِبُ مِهْنَةٌ إِنْسَانِيَةٌ قَبْلَ أَنْ تَكُوْنَ مِهْنَةً مَادِيَةً بَحْتَةً
لقد فضَّل الله الناس بعضهم على بعض في الصفات الخَلْقِيَةِ (أقصد المواصفات الجسمانية) والخُلُقِيَةِ (نقصد حسن الخلق واللطافة في التعامل والكلام الطيب ... إلخ) والعقلية والعلمية من ناحية التعلم فمن بني آدم ما أعطاه الله القدرة العقلية ليكون طبيباً متميزاً أو مهندساً فذاً... إلخ.
ولا يستطيع اي شخص أن يدرس الطب سواء أكان طب عام أولاً ومن ثم طب خاص إلا إذا كان متفوقاً في قدراته العقلية العلمية والدراسية. وكذلك فضَّل الله بعضنا على بعض في الجاه والمال والنسب... إلخ. وكان ذلك ليبتلينا الله فيما ميَّزنا وأعطانا من ميِّزات على غيرنا من خلقه من بني آدم وليمتحنَّا فيما إذا كنا نظبق أوامر الله ونواهيه في تعاملنا فيما نملك من ميِّزات مع غيرنا من عباد الله أم لا؟ ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأنعام: 165). وهل حمدنا الله وشكرناه على ذلك أم لا؟ (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (إبراهيم: 7))، فإذا تم إستغلال هذه الميِّزات في الإعتداء على وفي ظلم وإستغلال الآخرين فإن الله سيعاقبنا ولو بعد حين وسيكون عقابه سريعاً لعباده المظلومين، إذ ليس هناك حجاب بين الله ودعوة المظلوم (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (النحل: 61)). فللأسف الشديد نجد أن بعض الأطباء وخصوصاً في المستشفيات الخاصة المشهورة في أردننا العزيز نسوا تماماً ما رفعهم الله بميزات خصهم فيها عن غيرهم من عباده من التفوق العلمي وغيره وركزوا على المادة بشكل رئيسي (همهم مادي بحت وكم سيجمعون من المال ونسوا إنسانيتهم تماماً ولا يستمعون أو يرغبون حتى في الكلام فيما وضعوه لأنفسهم كأجرة طبيب لإجراء عمليات معينة.
هناك عدد كبير من الأطباء لا يكتفون بما حصلوا عليه من أموال بل يريدون المزيد، كثيراً منهم يطلبون آلافاً مؤلفة من الدنانير فمثلاً يطلبون أربعة آلاف دينار أو أكثر (هذا غير تكاليف غرفة العمليات والأجهزة والمبيت في المستشفى... إلخ من مستلزمات للعملية) أجرة يد كطبيب جرَّاح فقط لإجراء عملية بالمنظار مثلاً أو جراحياً. ولا ينظرون إلى حالة المريض هل يستطيع أن يدفع هذا المبلغ أم لا؟ ولا يكترثون أو حتى يفكرون فيما إذا كان المريض يستطيع أن يدفع تكاليف العملية كاملة أم لا؟، حتى شركات التأمين بدأت تتذمر منهم ومن طمعهم وجشعهم، وأصبحت شركات التأمين تفاوضهم على تقليل أجور أياديهم في عمل العمليات حتى تستطيع الشركات تغطية تكاليف أكثر من عملية لموظفيها إذا إحتاجوا. فنقول لأولئك: هل تحبون إذا إحتجتم أنتم أم إحتاج أحد من أقاربكم إجراء عملية ما، أن يطلب منكم دفع هذه التكاليف الباهظه؟ نعتقد لا؟ فنقول لهم: إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. ومن لا يَرْحَم لا يُرْحَم والطمع في الدين وفي الآخرة وليس في الدنيا وزخارفها الفانية (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ (الرحمن: 26 و 27)).
ولا ننكر أن هناك أطباء في المقابل غير أولئك عندهم الرأفة والرحمة في عباد الله ويرحمون مرضاهم ويضعون التسعيرة المعقولة لكل مريض تقريباً ويتعاملون مع مرضاهم وفقاً لإمكانات كل واحد منهم. وللأمانه وحتى نشجع الأطباء الذين يلهثون خلف المادة وزخارف الدنيا على عمل الخير، لا بد من ذكر بعض الأسماء التي من حقها علينا ذكرها ممن يعملون عمليات للمحتاجين مجاناً وتسعيرة عملياتهم معقولة جداً وفي متناول الجميع ونضرب مثلاً كلاً من الأستاذ الدكتور مأمون الزبده والأستاذ الدكتور نزيه ناجح القادري (وفق الترتيب الأبجدي لحروف الأسماء) في مستشفى الأردن رغم أن عليهما مثل ما على الأطباء الآخرين من تكاليف يدفعونها لمن يعمل معهما في مركزيهما الطبيين واجور لعياداتهما وضرائب دخل ... إلخ، وفقهما الله لما يحب ويرضى وأدام عليهما الصحة والعافية.