جرائم ما بعد الحداثة !!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/15 الساعة 01:53
كثير من المصطلحات المتداولة بمعزل عن سياقاتها الفكرية والسياسية والاقتصادية تبدو شديدة الالتباس ومنها الحداثة وما بعدها، خصوصا اذا عرفنا ان بيانا صدر في برلين عام 1815 اي قبل قرنين كان عنوانه موت الحداثة . والمفارقة ان عالمنا غير المتجانس والمتفاوت في كل شيء، منه من يعيشون ما قبل الدولة ومنه ايضا من يعيشون قبل الحداثة واحيانا قبل الماكناغارتا والعقد الاجتماعي الشهير لجان جاك روسو .
وما اسميه جرائم ما بعد الحداثة هو ما نسمعه على مدار الساعة من مختلف مصادر الميديا عن انماط غير مسبوقة من الجرائم، ومنها قتل الآباء والأمهات والابناء، بحيث يصبح ما كان يسميه عالم النفس فرويد قتل الاب بشكل رمزي ابادة كاملة للعائلة !
والتشخيص السطحي المتسرع هو كالعادة ينجم عن غياب الروادع والكوابح، لكن خطاب المواعظ الاخلاقي يبقى مجردا وبلا مفاعيل اذا لم نفهم مجمل ما طرأ على حياتنا من تعقيدات، فالفقر اصبح بحاجة الى اعادة تعريف؛ لأن فقراء هذا القرن ليسوا من لا يملكون الغذاء والمأوى، والجهل ايضا اصبح بحاجة الى اعادة تعريف بعد ان اتسعت وتسارعت المعارف في كل مجالات الحياة، لهذا فإن جاهل القرن التاسع عشر ليس كالجاهل في هذا القرن .
ومن ينسبون الجرائم وتصاعد منسوبها الى الاقتصاد او اية عوامل مادية فقط، اما يجهلون او يتجاهلون ما طرأ على عالمنا من انتهاكات لكل ما هو آدمي، سواء أكان ذلك من خلال الاستبداد المتوحش او الحروب القذرة او البراغماتية التي بررت كل الوسائل .
جرائم ما بعد الحداثة تمت بدوافع بدائية لكن بأدوات وتقنيات حديثة جدا، وقد غاب عن سادة الفقر كما يسميهم هانكوك ان ما قُدم من مشاهد مُتلفزة عن انتهاكات دول وتعذيب اشخاص ومصائر قادة ادى الى اطلاق الغرائز من عقالها، وقفز هذا الكائن برشاقة قرد من ناطحة سحاب الى الكهف ومن الفضاء الى الغاب ! الدستور
  • اقتصاد
  • مدار الساعة
  • ميديا
  • سحاب
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/15 الساعة 01:53