مونديال 2022 الرابح الأكبر.. ما انعكاسات مصالحة الخليج على الرياضة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/13 الساعة 13:01
بعد ثلاثة أعوام ونصف العام، طوى قادة الخليج صفحة الخلاف الداخلي الذي دب بين أركان مجلس التعاون الخليجي، في أزمة وصفت بأنها الأسوأ في تاريخه منذ تأسيسه عام 1981. وألقت الأزمة الخليجية بظلالها بقوة على كافة الصُّعد؛ ومنها الوسط الرياضي، الذي تأثر بشدة من الخلاف السياسي الخليجي، رغم محاولته قدر الإمكان البقاء بعيداً، قبل أن يجد نفسه محاطاً بتداعيات الأزمة وما أفرزته من واقع مرير. والآن بعد إنهاء الأزمة الخليجية فإن المصالحة بين الأطراف الخليجية ستنعكس -وفق محللين ومسؤولين مختصين- على الرياضة وساحاتها المختلفة إيجاباً، خاصة مع فتح الأجواء والمنافذ الحدودية البرية بين الدول المعنية، وبدء تسيير الرحلات بينها. وسيكون مونديال 2022، الذي وصفه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بـ"مونديال العرب"، أكبر الرابحين من المصالحة الخليجية، حيث ستتمكن الجماهير الخليجية من حضور "أكبر تجمع كروي في العالم"، فضلاً عن قدوم المتطوعين الخليجيين والعرب للمشاركة والمساهمة في الحدث المنتظر الذي سيقام بعد عامين في فصل الشتاء. قمة العُلا أفضت قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في مدينة العلا السعودية، 5 يناير 2021، إلى إعلان إنهاء الأزمة الخليجية وعودة الأجواء إلى سابق عهدها؛ أي ما قبل 5 يونيو 2017. القمة الخليجية شددت على عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها، وأكدت تطوير العلاقات الراسخة، واحترام مبادئ حسن الجوار، وعودة العمل الخليجي المشترك إلى مساره الطبيعي، وتعزيز وحدة الصف. وبعد بيان قمة العُلا غرّد اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم عبر حسابه في "تويتر" بصورة تجمع قائدي منتخبي قطر والسعودية؛ حسن الهيدوس ونواف العابد، وهما يسيران سوياً ويتعانقان، في لقطة كانت حديث الساعة وشغلت منصات التواصل، في بطولة كأس الخليج الأخيرة. تعاون مشترك منتظر يقول رئيس الاتحاد الخليجي للإعلام الرياضي سالم الحبسي، إن الابتعاد عن الأجواء السياسية المشحونة يعني أن التعامل بين الشعوب والمؤسسات سيكون مغلفاً بالأجواء الأخوية التي تسهم في تنظيم وإقامة الفعاليات والمناسبات الرياضية. وأوضح "الحبسي" في حديثه نقلته "الخليج أونلاين" أن هذا الأمر كان هو سيد الموقف منذ السبعينيات، عندما انطلقت أول دورة لكأس الخليج، والتي مثلت انطلاقة حقيقية للرياضة الخليجية إلى العالم، مشيراً إلى أن كأس الخليج هي التي كانت تجمع الأشقاء رياضياً، وتُعد مدعاة للفخر في ظل الروح الأخوية المسيطرة. واستحضر بعضاً من العوامل التي ساهمت في صناعة الرياضة بالمنطقة منذ خمسة عقود؛ منها المنشآت الرياضية، وتقديم شخصيات خليجية عالمياً، وبناء نجوم في الرياضة الخليجية أصبح لها باع على الصعيد القاري، مؤكداً أنه كلما ذابت الخلافات أصبح التعاون بين الأطراف عربياً وخليجياً أكبر وفتح آفاقاً أوسع للتفاهم والتطوير المشترك. مناسبات جامعة الرياضة كان لها دور في لم الشمل الخليجي ورأب الصدع، وتجلى ذلك في النسخة الأخيرة من كأس الخليج "خليجي 24"، التي احتضنتها قطر، في نوفمبر وديسمبر من 2019، وذلك بعدما شاركت المنتخبات الثمانية في البطولة، ومن بينها السعودية والإمارات والبحرين. وكانت هذه المنتخبات قد رفضت المشاركة في نسخة "خليجي 23"، التي كانت مقررة في قطر، أواخر 2017، قبل أن يتم نقلها إلى الكويت بموافقة قطرية احتفاءً برفع الحظر الذي كان مفروضاً على الكرة الكويتية من الاتحاد الدولي للعبة (فيفا). واحتفت قطر وقنواتها الرياضية بمنتخبات كأس الخليج، كما رحبت بالجماهير القادمة من الثلاثي الخليجي المقاطع لها، في مشهد أعاد اللحمة لدول مجلس التعاون رياضياً، فضلاً عن إشادة حظيت بها الدوحة لإبعادها الرياضة عن خلافات الساسة. النجاح القطري توّجه الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني؛ بحضور المباراة النهائية للبطولة الخليجية رغم عدم تأهل منتخب بلاده، كما أنه سلم الكأس للمنتخب البحريني الذي وضع يده على اللقب للمرة الأولى في تاريخه، بعد تغلّبه على نظيره السعودي. وفي منتصف ديسمبر الماضي، احتضنت العاصمة العُمانية مسقط الجمعية العمومية للمجلس الأولمبي الآسيوي، حيث كانت محط الأنظار لمعرفة هوية الملف الفائز بتنظيم دورة الألعاب الآسيوية عام 2030. وتنافست العاصمتان القطرية ونظيرتها السعودية على استضافة "أكبر حدث رياضي في القارة الصفراء"، حيث نجحت الدوحة في كسب ثقة الأسرة الرياضية الآسيوية بفضل ملفها القوي الذي استند على منشآتها الرياضية وبنيتها التحتية. دبلوماسية رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، الشيخ الكويتي أحمد الفهد، نجحت في رسم الابتسامة على وجه القائمين على الملفين؛ بعدما جرى التوافق على منح الملف الخاسر تنظيم النسخة الموالية (2034)، لتحظى الرياض بفرصة تنظيم الآسياد للمرة الأولى في تاريخها، في مشهد خليجي متكامل أقيم على الأراضي العُمانية وانتهى بفرحة قطرية وسعودية بفضل الحنكة الكويتية. سنوات صعبة ويُمني الخليجيون النفس بطلاق نهائي مع السنوات الأخيرة التي كان فيها الخلاف مسيطراً، وتأثرت الرياضة به، حيث كانت البداية مع قرصنة حقوق شبكة قنوات "بي إن سبورت" القطرية، صاحبة الحقوق الحصرية لبث كبرى الفعاليات والبطولات الرياضية في العالم. وعملت قناة تُدعى "بي آوت كيو" على بث محتوى "البنفسجية"، مع وضع شعارها على لوغو الأخيرة، كما حظرت السلطات السعودية قنوات قطر الرياضية، وهنا يدور الحديث حول "بي إن سبورت" و"الكأس"، وصادرت أجهزة البث والاستقبال الخاصة، ومنعت تداولها في منافذ البيع. كما ظهرت تداعيات الأزمة الخليجية في بطولة كأس الأمم الآسيوية التي احتضنتها الإمارات، مطلع يناير 2019، حيث مُنعت جماهير قطر من دخول أراضي البلد المنظم لمؤزارة منتخب بلادها، كما مُنع الوفد الإعلامي المرافق لـ"العنابي" من تغطية أطوار البطولة، قبل أن يتدخل الاتحاد الآسيوي للعبة ويضغط لمنع ذلك. أما مونديال قطر، وهو الأول من نوعه في الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد كان حاضراً دوماً في أتون الأزمة الخليجية؛ إذ تعرض لهجوم دائم من وسائل إعلام خليجية. وتعرضت الدوحة لحملة إعلامية وصفت بـ"الشعواء" لسحب تنظيم المونديال منها، واهتمت بعض وسائل إعلام دول حصار قطر بكل ما تصدره الصحافة البريطانية، وهو ما تصدت له الدوحة بنجاح، ما أثمر تسلمها رسمياً راية الاستضافة، منتصف يوليو 2018، والكشف عن شعار المونديال، في سبتمبر 2019، وإعلان جدول المباريات في يونيو 2020، وإكمال أكثر من 90% من مشاريع البنية التحتية الخاصة بكأس العالم 2022 من ملاعب ومنشآت وطرق ومواصلات.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/13 الساعة 13:01