معتصم الهويمل يكتب: مَجلِسُ الحَرَكاتُ؛ ثِّقَةِ

مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/11 الساعة 17:01
بقلم معتصم الهويمل بَدأَتْ رِحلَةُ التَّنزُهِ الْحُكوميةِ تَحتَ قُبةِ العَبدَلِي ؛لِنَيلِ الثِّقَةِ مِنْ مَجلِسِ الشَعبِ، وسَمِعنَا تَوَسُلَ وَأَوامِرَ ، تحذيراتٍ، تُهَمَ، وَجَعجَعةَ الشعبِ، مُمَثلَةً بِالنُوابِ لِلحُكومَةِ وَ عَليهَا، سَمِعنَا الخِطابَ الرَدِيءَ وَالْعَاطِفيَ، الَحَماسِيَ، الْفَصيحَ وَالْإنشَائِيَ، وَكُلَّ هَذا إِعتَدنا عَليهِ مُنذُ عَودَةِ الْحياةِ الْبَرلَمانِيَةِ فِي الْأُردُنِ. وَمَا يُمكِنُ مُلاَحَظَتَهُ بِوضُوحٍ وَلَا يُمكِنُ التَجَاوِزُ عَنْهُ مِنْ خِطاباتِ النُوابِ العَصماءِ ، أنَّ بَعضَهُمُ تَجاوزَ حُدودِ الْأَدَبِ وَالْلَباقَةِ وَالْاحْتِرامِ ، وَتَجاوزَ الأَمرَ بِهم حتَّى شَخَّصُوا القَضايا تَحتَ قُبَةِ البَرلَمانِ تِجاهَ الرَّئيسِ وَمِنْ نوابٍ إِعتَدْنا غيابَهُم عَنْ جَلساتِ التَصويتِ عَلَى الثِّقَةِ وَالْموازَنَةِ مَثَلًا، وَذَهَبَ بَعْضُ آخَرُ لِلجِهَةِ الْمُغايِرِةِ تَمامًا وَقايَضُوا وَسَاوَمُوا الْحُكُومَةَ عَلَى الثِّقَةِ مُقابِلَ الْخَدَماتِ الشَّخْصِيةِ وَالتَّعْيناتِ سَواءً لِأَبنائِهِم مِنْ الدَّرَجَةِ الْأُولَى أَوْ أَبناءِ دَوائِرَهُمُ الْإِنتِخابِيَةِ ، وَحتَّى اللَّحظةِ لا أعلمُ مَا هِي الرِّسالةِ التِي يُريدونَ إِيصالِها للجُمهورِ. فِي المجَالسِ الْأُولٕى بَعدَ عَودَةِ الحَياةِ الْبَرلَمانِيَةِ لِطَبيعَتِها عَامَ ١٩٨٩م كانتْ جَلسَاتِ الثِّقَةِ وَالخِطاباتِ تَشهَدُ نَقدٍ سَاخِنٍ أبهرَتٍ جُمهورَها؛ وَأَسقُفٌ مُرتَفِعةٌ وَديمُقراطِيةٌ تُثيرُ الإِعجابَ خُصوصًا أنَّها كانتْ بعدَ حياةٍ مُرعِبةٌ سياسيًا وسجونٌ وأحكامّ عُرفيَةٌ طالتْ السوادَ الأعظمَ مِمَنْ يَتحدَثُ بالسياسَةِ ؛ ولِأنَها كانتْ فتَراتًا مميزةً ، انساقَ بعضُ مِنْ مُمثِلي الشَّعبِ لاتخاذِ هَذَا النَّوعِ مِنْ الخِطاباتِ لِكسبِ الشَّعبَويّاتِ الفَارِغةِ، والاستِعراضِ بِالقُدرةِ عَلَى الارتِجالِ فِي مُخاطَبَةِ الجَماهيرِ ، واستُثنِيَتْ مِنْ ذَلِكَ الحُكومَةُ. وَلَا زالَتْ جَلسَاتُ الثِّقَةِ وَالموازَنةِ مَحطَ اهتِمامِ النُّوابِ شخصيًا، فَالأهمُ مِنْ مُخاطبَةِ الحُكومَةِ بِالشَّكلِ الصَحيحِ الَّذي يَضْمنُ تَسييرَها عَلَى القَوانينِ النَّاظِمةِ وَعدَمَ تَغولِها عَلَى السُلطاتِ وَضَربِ الدُّستورِ بِعرضِ الحائِطِ، هو أنْ تَنالَ خُطبتَ كلَ منهم العَصماءَ إعجابَ جُمهورهُ، وَمَحطُ اقتِباساتٍ لِوَسائِلِ الإِعلامِ المَرئي وَالمَسموعِ وَالمَواقِعِ الإِخباريَةِ، وَلا يَهمهُ إنْ كانَ تطرَقَ للبَيانِ الحُكومي فِعليًا أو لِلموازَنَةِ الَتي لَمْ نَشهدْها يومًا إلَّا وَتُعاني عجزًا أكبرَ مِنْ العَجزِ السَابِقِ، رَغم أنَّ خِطابَ النائِبِ يَجبُ مِنْ خِلالَهُ أنْ يَتَضِحَ رَائيه فِيمَا إذا كانَ سَيمنَحُ الثِّقَةَ أَو يَحجِبُها عَلَى فَرَضٍ أنْ لا غِيابَ يومَ التَّصويتِ عَليها. وَالمُثيرُ للاستِهجانِ أنْ جَرتْ العادَةُ أنْ نَسمَعُ مِنْ الشَّعبِ مُباشَرةً لا مِنْ مُمَثليهِ "إني أسَمعُ جَعجَةً وَلا أَرى طَحينًا" فَمُعظمُ الخِطاباتِ التي رَشَقتْ الحُكوَمةَ، تَلقَى لاَحِقًا أنَّ أصحابَها قدْ مَنِحوا الثِّقَةَ، وهُنا نَكادُ أن نَجزَمُ أنَّ الصَوتَ الغَاضبَ والصِراخَ والإيماءآتَ التي تُوحي بِعدَمِ الرِّضَا عَنْ الحُكوَمةٍ وبَرامجِها، مَا كانتْ سِوا تَمثيلًا أمامَ الكَاميراتِ، وَالتَّصويتُ شيءٌ آخرٌ تكريسًا لِلنفاقِ وَالإزدواجيةِ وَتشويهًا للثِّقةِ بِالبرلمَانِ وَمُؤسَساتِ الديمُقراطيةِ. وَمَا لا يُمكنُ تهميشَهُ أيضًا وَ ظَهرَ جَليًا، أنَّ طبيعةَ الكُتلِ تَحتَ القُبَةِ ليسَ بِالشَّكلِ المِثالي، فأغلبُها لَمْ يَقمْ عَلَى فِكرٍ مُوَحدٍ، بَلْ بَناءً عَلَى عِلاقاتٍ تربُطُ الشُخوصَ بِبعضهِم، وَهَذا مَا سَيُعَّقِدُ الأمرُ أكثرَ، رَغمَ أنَّ النُّوابَ الجُددَ يُواجِهونَ صُعوبَةَ فتحِ طَريقٍ جديدٍ غيرَ الطَّريقَ الذي شَقهُ قُدَامَى النُّوابِ، وتَجلى ذَلِكَ فِي إنتِخابَاتِ رئيسِ المَجلِسِ الحَالِي، وَعليِهِ فإنَّهُ لَا أملَ أيضًا هذِهِ المَرَةِ باقتِراحِ وَتشريعِ تعديلاتٍ للقَوانينِ مِثلُ الإنتخابِ وَ الأحزابِ وضَريبةِ الدَّخلِ وَالكَثيرِ تَليقُ بالأُردنيينِ وَالأُردُنِ بعدَ مِئَويتَهُ الأُولَى.
  • سموع
  • رئيس
  • تعديل
مدار الساعة ـ نشر في 2021/01/11 الساعة 17:01