(سلم قلبك .. يا ملاذ الأطفال والفقراء!)
بقلم: عبدالسلام الطراونه
بسم الله الرحمن الرحيم .. فاتحة الخطاب .. ومبتدا الخير والفلاح.
وبعد البسملة أرفع أكف الضراعة الى العلي القدير بأن تتكلل بالشفاء التام رحلة علاج نصير الأطفال (احباب الله) .. وملاذ الفقراء والغلابى .. العالم .. والنطاسي البارع الأستاذ الدكتور أمجد الطراونه ليعود بحفظ الله ويكمل مسيرة الرفق .. والاكتشافات العلميه والانجازات الطبيه.
وأمجد .. البروفسور المبدع .. لمن لا يعرف نشأ من رحم المعاناة وفي بيئة ريفية قاسيه عشت انا تفاصيل قسوتها وشظف العيش ودقائق مجرياتها بالكامل! وهو .. وأنا من ريف مؤاب بمحافظة الكرك .. ولمن لا يعرف كان يطلق عليها وعلى جنوب المملكة في السابق (المناطق النائيه) بكل ما تعنيه التسمية من قسوة ووقع ثقيل على السمع والوجدان .. ومع تطور التكنولوجيا تطور الاسم فأصبح (المناطق الاقل حظاً)!! وما يزال بالمناسبة حظها قليلاً حيث تظل قسوة الحياة وشظف العيش هي الطابع المميز ومسطرة القياس تجاه نمط العيش واسلوب الحياة!!
الاّ ان الدكتور (أمجد) .. وبمشيئة الله وتوفيق من لدنه عزّ وجل لم تؤثر عليه هذه القسوة وضغوط الحياة ولم تنل من تصميمه وعزمه فراح يرسم من خلال الاجتهاد والمثابرة خارطة طريق لمسار خطه العملي .. ونهجه العلمي .. وهو يذكرني هو وامثاله من المبدعين تماماً بالماس الذي يزداد بريقه .. وتتصاعد قيمته .. ويتوهج ألقه كلما تعرض للضغط والحرارة والقسوة ليخرج من اتون المعاناة جواهر تسر الناظرين وتزين صدر الوطن!! فهل سمعتم – يا ناس – بماس رأى النور دون ان تلفح النار والقسوة والحرارة والضغط حدود اركانه ومكنونات بريقه؟!
حاصله .. رغم الصعوبات .. وقسوة الحياة ارتقى (أمجد) على درجات سلم النجاح والتفوق بدءاً من جامعة العلوم والتكنولوجيا مستلهماً روح الكفاح والمثابرة من حاضرة اليرموك في شمالنا الحبيب .. ومروراً بجامعة مؤته التي غازلت موهبته .. واختطفت فطنة وذكاء الطبيب الناجح في اهابه واوفدته الى (كندا) للحصول على درجة الدكتوراه في مجال طب الأطفال .. نعم .. مؤتة المجد التي تتشرف باحتضان الجثامين الطاهره وامجاد وبريق سيدنا جعفر بن ابي طالب والصحابة الابرار زيد بن حارثه وعبد الله بن رواحه رضوان الله عليهم .. ومروراً ايضاً بجامعة (هاملتون) في كندا التي حصل منها على افضل بحث علمي .. وتقدير في المرتبة الاولى على مستوى العالم في مجال طب الأطفال تخصص الخداج!!
فأنا معجب بأمجد المبدع .. والعالم الذي نال جائزة عالميه في مجال اكتشاف نقص الزنك في دم الاطفال .. هذا الاختراع الذي سمي باسم (أمجد) عالميا .. ليثبت بذلك ان رواد الابداع والتميز في بلدنا يقفون في طليعة منظومة (الانسان أغلى ما نملك)!
وأنا لا اجد غضاضة في الجهر بتقديري لابن عمي (امجد) الذي كانت عيادته في الكرك والتي يطلق عليها (عيادة الفقراء) مؤئلاً للاطفال وملاذاً للفقراء والمعوزين!! واعتزازي بالنطاسي المثابر والصبور الذي افترش الارض في غرفة العنايه الحثيثه في المستشفى بالكرك لمدة ثلاثين يوماً لا يبارح مطرحه وهو يرقب ويراقب بعين الاهتمام والحذر اطفال الخداج والتوائم الثلاثه الى أن ابصرو النور بحول الله ورعاية طبيب الاطفال (أمجد) الذي له من اسمه نصيب .. وعندما جاء والد الاطفال للسؤال عن الفاتوره قال له أمجد: ان الحساب مدفوع يا عم!! فسأله الرجل ثانيه: ولكن من دفع الحساب ؟! فرد (أمجد) على الفور: دفعه من هو أكرم منك ومني ومن الناس أجمعين .. دفعه رب العالمين .. واتمنى من ربي أن يكون ذلك في ميزان حسناتي .. ونحن عباده مسخرون لخدمة الانسانيه والطفوله والمحبة .. واثبت (أمجد) مرة اخرى من خلال حدبه على الأطفال والذين يتكورون داخل الحواضن لاحول لهم ولا قوة بأنهم في عداد (اغلى ما نملك) ايضاً!! وبالمناسبة هذه واحدة من وقائع انسانيه مماثله وكثيرة العدد!
وانا اختزن في ضميري التقدير للاستاذ في كلية الطب بجامعة مؤته الذي تخرج على يديه الالاف من الأطباء الذين نهلوا من غزير علمه وفيض انسانيته وحدبه على الأطفال والفقراء والمحتاجين ليثبت بذلك ,مرة ثالثه, أن القدوة الحسنه تقف في الصف الأول من طابور (أغلى ما نملك)!
وانا اُكبر بالدكتور أمجد وفاءه لجامعة مؤته التي ابتعثته واصراره على العمل في رحابها رغم المغريات الماديه والمناصب العلميه والامتيازات الكثيره من قبل جامعات مشهوره في كندا والولايات المتحده الاميركيه للعمل لديها والانتفاع من علمه واختراعاته في مجال طب الاطفال .. لكنه اختار الحضن الدافيء (مؤته) بجوار سيدنا جعفر بن ابي طالب والصحابة الابرار والمحيطين بهم في مؤاب من ابناء العمومه والذين بادلوه الوفاء بالوفاء حين تنادوا لفزعة معنويه ونخوة اخويه نابعة من القلب فعوضوا بذلك انحسار منسوب رعوية الدولة وعدم القيام بالواجب نحو عالم .. وبروفسور .. ومخترع رفع اسم الأردن عالياً في العديد من المحافل الطبيه والعلميه في العالم!!
ولا بد من الاستدراك بهذا الصدد والقول بأن دولة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونه لم يقصر أبداً حيث اولى اهتماماً بالغاً لحظة سماعه بالمحنة التي يتعرض لها (أمجد) وأوعز مشكوراً في الحال بضرورة الاسراع في علاج اضطراب كهربة قلبه قبل فوات الاوان .. واوكل الامر من حيث التنفيذ الى معالي وزير الصحة الدكتور نذير عبيدات والذي بذل جهوداً متواصله ولم يقصر كذلك .. ويضاف الى هذه الجهود الاتصالات والمساعي الحثيثه التي بذلتها نقابة الأطباء الاردنيين من اجل ايفاد (أمجد) خارج الوطن للعلاج والسباق الحثيث مع الوقت لتوفير العلاج اللازم له .. ولكن – وياللاسف- فقد وقف الروتين وحاجز البيروقراطيه حائلاً دون تنفيذ واتمام احد فصول رعوية الدوله وبالسرعة المطلوبه تجاه احد ابنائها المبدعين!
أرأيتم كيف يقسو الوطن على بعض ابنائه من خلال الروتين القاتل والبطء في التنفيذ .. ووضع قائمة من الطلبات التي تقف على تخوم المستحيل في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للسرعة في التنفيذ واستغلال كل ثانية من الوقت من أجل اصلاح الاضطراب الذي اصاب كهربة البطين الايسر في قلب أحد المبدعين .. نعم القلب الرؤوم على الاطفال والحنون على الفقراء!!
وفي الختام أقول: ان الدكتور أمجد الطراونه .. النطاسي المتميز .. والمبدع في مجال طب الأطفال .. وصاحب الاختراعات والاكتشافات الطبيه ليس بحاجة الى المال في محنته الحاليه رغم قسوتها .. انه بحاجة لأن يحنو عليه الوطن .. ويقدره .. ويترجم واجب الرعاية نحو عالم ومبدع .. وانسان متميز سجلت باسمه اكتشافات في مجالات الطب .. واختراعات تنفع الناس واطفالهم وتمكث في الارض!!
نعم .. ان الدكتور (امجد) بحاجة لأن يلمس بعض الرذاذ من رعوية الدوله والتي تنهمر غيومها بالمطر .. والدعم .. والخير العميم على جهات عديده!!
بقي ان اقول .. انني لا اتحدث عن الدكتور أمجد الطراونه (ابن العم) رغم اعتزازي البالغ بروابط العشيرة والقربى .. لكنني اتحدث عن حالة أردنيه نحو مبدع أتمنى أن لا تتكرر معاناتها مع أحد في أردننا الغالي.