خرفان يكتب: مئوية الدولة الاردنية.. الهاشميون حاملوا لواء الحرية لابناء أمتهم
كتب: المهندس رفيق خرفان - مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية
التاريخ كما هو مستودع الاحداث البشرية عبر فترات زمنية غابرة هو ايضا مخزن ومستودع الذاكرة الانسانية،يستذكر فيه الانسان ماضيه وتاريخه بكافة صوره وتحدياته وانجازاته، وللامم والشعوب ضروب مختلفة في بناء ذاكرتها الوطنية تتوارثها عبر الاجيال بما يؤدي الى تعزيز روح الجماعة والانتماء والعيش والمصير المشترك.
ونحن في الاردن اذ نحتفل بذكرى مئوية الدولة الاردنية نستذكر تضحيات الاباء والاجداد بقيادة ملوك بني هاشم الكرام،حيث تأسست الدولة الاردنية الحديثة على مبادىء قومية عربية سامية، ارتكزت الى الثورة العربية الكبرى ورسالتها السامية بقيادة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه، تحريرا لارادة الامة ودفعا للظلم والتهميش وبناء الدولة العربية.
وكان من نتاج هذه الثورة العربية، قيام الدولة الاردنية الحديثة والعصرية في اطار رؤية عربية نهضوية حمل راية قيامها وبنائها ملوك بني هاشم، فمنذ ان وصل سمو الامير عبدالله الاول بن الحسين ارض معان عام 1921، بعد نداءات من الزعماء العرب للشريف الحسين بن علي لانقاذ المشروع النهضوي العربي اثر الاحتلال الفرنسي لدمشق، حيث توافدت جموع العرب من ارجاء المشرق العربي لمبايعة سموه، ولتبدأ معها قصة بناء الدولة الاردنية الحديثة.
هذا الحمى العربي الهاشمي الذي وضع سمو الامير عبدالله الاول اولى لبناته وانجز تحقيق الاستقلال وتوفير الامن والشروع في بناء مؤسسات الدولة العصرية القائمة على سيادة القانون ومفهوم المواطنة القائمة على الحقوق والواجبات، وانتهاج سياسة التسامح والوسطية، والدفاع عن قضايا امتنا العربية والاسلامية وعلى راسها قضية فلسطين، التي كان ومازال لها المكان الارحب والاهتمام الاوسع في الرؤية الاردنية الهاشمية.
ولقد كانت وما زالت القضية الفلسطينية ارثاً متوارثاً في رسالة الهاشميين، وصدحت اقوالهم وافعالهم عاليا منذ تأسيس الامارة ذوداً عن فلسطين وشعبها العربي الابي ومقدساتها،وبعد النكبة الفلسطينية عام 1948، اضحت القضية الفلسطينية قضية الاردن الاولى، وهي بالنسبة للاردن والاردنيين قضية حياة او موت كما وصفها جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله ( لم تكن القضية الفلسطينية بالنسبة لنا في يوم من الايام مجرد قضية سياسية نجهد ونعمل في سبيلها ولا كان موقفنا بصددها مجرد موقف يمليه تمسكنا بالمبادىء والقيم والحقوق، انها في عقيدة هذا البلد وفي صلب كفاحه ونضاله وفي اعماق ضمائر ابنائه قضية موت او حياة).
ومع استمرار المظلومية والمأساة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني تروي فصولها الاجيال الفلسطينية التي اقتلعت من ارضها قسرا وبالقوة لتتشرد في اصقاع الارض، اضافة الى ما تمارسه سلطات الاحتلال يومياً من قتل وتدمير ومصادرة للارض واعتداءات متواصلة بحق المقدسات الاسلامية والمسيحية، وانكار متواصل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على ارضه وتراب وطنه واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس،، ضاربة بعرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية والحقوق القانونية والانسانية للاشقاء الفلسطينيين
ومن هذه الرؤية الاردنية الهاشمية العربية الاصيلة كان وما زال جلالة الملك عبداله الثاني بن الحسين هو الرائد والمبادر دوماً في الذود والدفاع عن فلسطين وقضيتها في كافة المحافل الدولية والاقليمية، سعيا وعملا لاستعادة الاشقاء الفلسطينين حقوقهم الوطنية المشروعة، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، كما يواصل الاردن وبقيادة جلالته وانطلاقا من الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس،بالتصدي للانتهاكات والاعتداءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي لطمس هويتها العربية الاسلامية سعيا لتهويدها وفرض سيادتها عليها، حيث عمل الاردن بالتنسيق مع الاشقاء الفلسطينيين والعرب على استصدار قرارات من اليونسكو تؤكد بأن الحرم القدسي الشريف هو مُلك للمسلمين وحدهم وان لاحق لليهود فيه، اضافة الى الدعم الذي يقدمه الاردن الى الاشقاء الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى كافة المستويات.
وتحظى قضية اللاجئين الفلسطينيين بأهمية عليا في السياسة الأردنية بقيادة جلالة الملك، ويؤكد باستمرار على أن أي جهد سياسي ودبلوماسي يُبذل من أجل إيجاد تسوية سلمية لهذا الصراع يجب أن يركز على التوصل إلى حل عادل وشامل لقضية اللاجئين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وبشكل خاص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194)، والتمسك بحقوقهم الإنسانية والقانونية التي أقرتها المواثيق الدولية ذات الصلة والمتمثلة بالعودة إلى وطنهم وديارهم وتعويضهم عن الأضرار والمعاناة التي لحقت بهم
ومن هذا المنطلق يؤكد الاردن على دعمه المتواصل لوكالة الغوث الدولية ( الاونروا ) للقيام بمهامها وواجباتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في كافة مناطق عمليات الوكالة ومنها الاردن، ونشير هنا الى ان ما يقدمه الاردن للاجئين الفلسطينيين هو اكبر بكثير مما تقدمه الوكالة حيث يعيش في الاردن 2.3مليون لاجىء يشكلون 40% من اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث في مناطق عملياتها الخمسة، يقيم 450 الف منهم في المخيمات الثلاثة عشر المنتشرة في المملكة، حيث كان الاهتمام والرعاية الملكية لابناء المخيمات من خلال اللقاءات الملكية المتواصلة مع الفعاليات الشعبية والاهلية في المخيمات اضافة الى المبادرات والمكارم الملكية التي شملت كافة مخيمات اللاجئين في المملكة، نذكر منها ما يخص ابنائه الطلبة في الجامعات الرسمية بتخصيص (350) مقعد ومنها ما يخص فقراء المخيمات من خلال توزيع طرود الخير ومنها ما تخص قطاع الشباب بإنشاء ملاعب وغير ذلك ومنها ما يخص مجتمع المخيم من خلال انشاء مراكز تنموية شاملة وهناك الكثير والتي كان لها الاثر الكبير والمباشر في رفع مستوى معيشة ابناء المخيمات
وبتوجيهات ملكية تولي الحكومة الموقرة كل الرعاية والاهتمام لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين بهدف تحسين اوضاعهم المعيشية، واستدامة البنى التحتية للخدمات المقدمة لهم، حيث تقوم دائرة الشؤون الفلسطينية بتقديم العديد من الخدمات و تنفيذ المشاريع الخدمية التي من شأنها التخفيف من معاناة اللاجئين الفلسطينيين خاصة في المخيمات الثلاثة عشر في المملكة وتحسين الاوضاع المعيشية مثل، خدمات البنى التحتية من طرق وممرات وتصريف مياه امطار، حيث تقوم الدائرة ومن خلال لجان خدمات المخيمات بشكل متواصل ادامة هذه الخدمات ضمن الامكانات المتاحة وبالتعاون المستمر مع مؤسسات الدولة الاخرى كوزارة الاشغال العامة والاسكان وامانة عمان الكبرى والبلديات المجاورة لهذه المخيمات.، اضافة الى المشاريع التي تنفذ من قبل جهات دولية مانحة في كافة المخيمات.
وسيظل الاردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حاملاً لراية الدفاع عن قضية فلسطين ارضاً وشعباً ومقدسات، الى ان تتحق طموحاتهم الوطنية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وكما قال جلالته (القضية التي دافعت عنها الثورة العربية الكبرى، وما زالت شاغلنا الأول، هي عروبة فلسطين، فقد نفي جدُّنا وضحى بملكه فداء عروبتها، وأنفق آخر ما يملك لإعمار المسجد الأقصى، حتى وصفوه بصديق الأقصى في حياته، وجار الأقصى في مماته.
وما زال الهاشميون يقومون بمسؤوليتهم وواجبهم تجاه المقدسات في القدس الشريف.
الأردن بني على التضحية والفداء، لا يتوانى أبناؤه وبناته أبدا عن خدمة الوطن والذود عنه، فالأردنيون هم أبناء الرجال الذين حملوا راية الثورة، أبناء الرجال الذين ضحوا باسم الأمة)