بريطانيا تخرج من الاتحاد الأوروبي... منقسمة إلى المجهول

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/31 الساعة 13:26
مدار الساعة - تخرج بريطانيا اليوم الخميس من فلك الاتحاد الأوروبي وتدير ظهرها لعلاقة عاصفة استمرت 48 عاماً مع المشروع الأوروبي، إلى مستقبل مبهم سيشكل مسار شعبها لأجيال قادمة.
وسيتأكد الانفصال بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي الذي أصبح يعرف ببريكست، عندما تدق الساعة معلنة انتصاف الليل في بروكسل، أي 2300 بتوقيت لندن، لتنتهي عضوية بريطانيا المؤقتة التي استمرت بعد انسحابها رسمياً من الاتحاد في 31 يناير(كانون الثاني) الماضي.
وعلى مدى 5 أعوام هيمنت تقلبات أزمة بريكست على الشؤون الأوروبية، وأرقت أسواق الجنيه الاسترليني، وهزت سمعة بريطانيا أحد الأعمدة الرئيسية التي يرتكز عليها الاستقرار الغربي اقتصادياً وسياسياً.
وصور المؤيدون بريكست، فجراً جديداً للمملكة المتحدة، وكأنها ستنال به استقلالها، لكنه أضعف الروابط التي تجمع انجلترا، وويلز، واسكتلندا، وأيرلندا الشمالية، في اقتصاد واحد حجمه 3 تريليونات دولار.
وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون للبرلمان قبل ساعات من اعتماد اتفاقه التجاري مع الاتحاد الأوروبي: "بريكست ليس نهاية بل بداية"، وقال للصحافيين مازحاً وهو يبتسم فيما بعد، إنه قرأ الاتفاق الذي وقعه، وطمأن أوروبا على أن بريطانيا ستظل "الحضارة الأوروبية المثالية".
غير أن جونسون الذي كان عنواناً لحملة الخروج من الاتحاد الأوروبي، لم يسهب في الحديث عن تفاصيل ما يريد بناءه بالاستقلال الجديد، أو كيف سيفعل ذلك في الوقت الذي يقترض فيه مبالغ قياسية لسداد كلفة أزمة كورونا.

بريكست
في 23 يونيو(حزيران) 2016 صوت 17.4 مليون ناخب يمثلون 52% من الناخبين، في استفتاء بالموافقة على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما أيد البقاء فيه 16.1 مليون ناخب يمثلون 48% من مجموع الأصوات، ولم يغير أحد تقريباً رأيه، وأيدت انجلترا، وويلز الانفصال بينما أيدت اسكتلندا، وأيرلندا الشمالية البقاء في الاتحاد.
وأظهر الاستفتاء انقسام بريطانيا على ما يتجاوز بكثير، الاتحاد الأوروبي وغذى ا‭‬‬لبحث عن الذات في كل شيء من الانفصال عن الدولة، إلى الهجرة، إلى الرأسمالية والتاريخ الامبراطوري، ودور بريطانيا في العصر الحديث.
وكان الخروج من الاتحاد الأوروبي حلماً بعيد المنال لمجموعة متنافرة من "المشككين في الوحدة الأوروبية" على هامش المسرح السياسي البريطاني، فعندما انضمت بريطانيا للاتحاد الأوروبي في 1973 كانت تبدو "رجل أوروبا المريض"، وقبل عقدين من الزمان فحسب، كان قادة بريطانيا يتداولون فكرة الانضمام إلى اليورو، عملة أوروبا الموحدة.
وقال جونسون: "فقدت المؤسسة البريطانية في الأساس سحرها ودخلنا ما كان ساعتها السوق المشتركة فعلياً بدافع حماية الذات، اعتقدنا أن ذلك أفضل مستقبل لنا، ولم يكن بوسعنا رؤية طريق آخر للسير فيه".
وبعد 48 عاماً قال جونسون: "نرى مستقبلاً عالمياً لأنفسنا".
ووصل جونسون إلى مقعد السلطة في 2019 واقتنص معاهدة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي واتفاقاً تجارياً مخالفاً كل التوقعات، وحقق أكبر أغلبية للمحافظين منذ مارغريت ثاتشر في انتخابات 2019.
وفي نظر الأنصار يمثل بريكست هروباً من مشروع محكوم بالفشل، تهيمن عليه ألمانيا، وتخلف عن القوتين الرائدتين في العالم الولايات المتحدة والصين، أما معارضوه فيقولون إنه حماقة ستضعف الغرب وتنسف ما تبقى من نفوذ عالمي لبريطانيا، وتقوض اقتصادها وسيجعلها في النهاية مجموعة جزر ذات دور عالمي أصغر.
المملكة المتحدة
وبعد خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي اليوم الخميس، سيحدث بالتأكيد تقريباً بعض الاضطراب على حدودها، فزيادة الإجراءات البيروقراطية تعني زيادة الكلفة على مستوردي البضائع ومصدريها بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
ويتوقع ميناء دوفر انخفاض حجم البضائع في أوائل يناير(كانون الثاني) المقبل، ويقول إن أكثر الفترات إثارة للقلق، ستكون في النصف الثاني من الشهر نفسه، عندما ترتفع أحجام البضائع من جديد.
ويعني الانفصال بعد عضوية استمرت ما يقرب من نصف قرن تغييراً في كل شيء، من جوازات سفر الحيوانات الأليفة، إلى قواعد إصدار رخص القيادة للبريطانيين في أوروبا.
وزاد التأييد لاستقلال اسكتلندا لأسباب منها بريكست وبسبب جائحة كورونا، الأمر الذي يهدد الاتحاد السياسي بين انجلترا واسكتلندا الذي يبلغ عمره 300 عام.
وقالت الزعيمة الاسكتلندية نيكولا ستيرجن: "يجب الاستفتاء على الاستقلال في أوائل الدورة البرلمانية التي تبدأ العام المقبل".
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/31 الساعة 13:26