وزير المالية عن جريدة الرأي: أنتم لستم (الهيرالد تربيون)
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/31 الساعة 01:27
الكاتب: عبدالهادي راجي المجالي
أنا أحترم وزير المالية, وسبق أن كتبت عنه.. ودافعت عن مشروعه وجلست معه.. في معرض حديثنا عن (الرأي) وأزمتها قال لي يوماً: أنتم لستم (الهيرالد تربيون) حتى يكون لديكم هذا الكم الهائل من الموظفين, وهذا الحجم من النفقات.. بالفعل نحن لسنا (الهيرالد تربيون).. فالصحافة البريطانية, هي مشاريع ربحية.. شركات في الدرجة الأولى.
لكن (الرأي) غير ذلك.. (الرأي) أهم في الوجدان الأردني من (الهيرالد تربيون) لدى البريطاني.. الصحافة البريطانية في مجملها, باستثناء (البي بي سي), تعنى بالفضيحة أكثر من عنايتها بالخبر أو التحليل.. مثلاً: خيانة تشارلز للأميرة ديانا شكلت حدثاً مهما للصحافة.. أكثر مما شكلته حرب (الفوكلاند) التي قضى بها العشرات من الجنود البريطانيين..
الوجدان البريطاني لم تشكله الصحافة, شكله التاج البريطاني.. والحروب والماضي الاستعماري والثقافة الإنجليزية.
لكن (الرأي) مختلفة, كونها مرتبطة بعمق الوجدان الأردني.. هي التي أخرجت طارق مصاروة, وقد وصفت جريدة الجمهورية العراقية هذا الكاتب, بأنه قاتل في الحرب العراقية الإيرانية.. مثل كتيبة مدرعة, (الرأي) أنتجت مؤنس الرزاز أرق مبدع أردني.. صاحب رواية (مذكرات كاتم صوت).. (الرأي) أنتجت بدر عبدالحق المثقف المتنور, الذي كان وعيه أعلى من وعي حكومات كاملة.. (الرأي) أنتجت فهد الفانك وهذا الكاتب, حكومات كثيرة توقفت عند رأيه في المسألة الاقتصادية, واستمعت له بعناية.. الرأي أنتجت للسياسة الأردنية سليمان عرار.. والذي خرج منها رئيساً لمجلس النواب, أنتجت الحج جمعة حماد والذي نسج من الوحدة الوطنية كوفية وضعها على رأسه, هي من أنتجت أيضاً.. محمود الكايد والذي تعلمت منه الناس كيف هو طعم الجنون في حب البلد.. (الرأي) أنتجت حبيب الزيودي, وحملت قصائد حيدر محمود.. وجنون خالد محادين وألقه, (الرأي) هي من أنتجت.. الحب ومتاريس الدفاع عن الوطن.. هي من نعت وصفي التل، وظلت حامية لإرثه.. حين قال: نريد صحيفة للوطن والدولة..
هي من أرسلت فخري قعوار لمجلس النواب, فقد كان يصول ويجول على صفحاتها.. هي من أنتجت لانا مامكغ.. أجمل صوت نسائي, وأحلى قلم.. هي من أنتجت كفاءات وبيوت خبرة واحتضنت الناس من كل الأطياف..
الفرق بيننا وبين بريطانيا, أن الصحافة هنالك تعتمد الفضيحة منهجاً.. ولا تشكل الوجدان بالمقابل نحن وطن مختلف جداً.. بريطانيا ليست مهددة في وجودها, لكن (الرأي) ولدت في لحظة كان الأردن فيها مهدداً في وجوده.. لهذا كانت فرقة حربية وليست جريدة..
حتى نفهم معنى صحيفة الرأي في الوجدان الأردني, علينا أن نقرأ التاريخ الاجتماعي لهذا البلد وبنية الإنسان الأردني وأنماط تفكيره, وحتى نجري المقارنات مع الصحافة البريطانية.. علينا أيضاً أن ندرك أننا في وطن صغير بني على الحب والبنادق, لسنا امبراطورية لم تغب عنها الشمس.. لكن أحياناً الأوطان الصغيرة الحب فيها يكون أكبر من امبراطوريات.. وقصة صعودها ووجودها تكون.. أشبه بالأسطورة.
في الأردن لدينا قضايا كثيرة.. ولكني لن أنسى قضيتي (الرأي) وأقاتل لأجل القضايا الأخرى.. علينا أن نفهم جيداً, أن دعم (الرأي) هو دعم للتاريخ والوجدان والهوية.. وتركها هو التخلي عن الموروث وعن التاريخ وعن التراب..
هل عرفت يا صديقي الوزير.. الفارق بين (الهيرالد تربيون) و(الرأي)؟
(الرأي) هي قضيتي, هي أول الحب.. والحروف والعشق, وأول رذاذ الشوق.
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/31 الساعة 01:27