الضبع
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/30 الساعة 09:12
أنا دربني راتب العوضات, مع اللاعبين في الفيصلي, سأقول لكم كيف؟ ذات يوم داهمتني الدهنيات وارتفع الكوليسترول لدي بأكثر من عجز الميزانية, كنت يومها عضوا في الهيئة الإدارية للفيصلي..واتصلت بالكابتن راتب العوضات, فدعاني للتدريب مع النادي.
اللاعبون في الفيصلي, مثل ريحان الدار في أول انبلاجه, كلهم حركة..وأنا كنت رجلا قد تكرش للتو, لم أستطع أن أجاريهم لا في القفز ولا في الركض.. ولكني كنت أكتفي بالمشي حول الملعب والتقاط (الطابات) الشاردة..
أنا أعرف راتب العوضات, منذ أن كنت طالبا في الجامعة, يترك محاضراته لمتابعة الفيصلي.. كنا نلقبه (بالضبع)،وتشدنا شراسته في الملعب.. وما يشدنا أكثر هو هذا الوفاء للفيصلي, فهو من جيل أبو عابد, وصبحي سليمان, حسونة الشيخ, مؤيد.. عدنان عوض هو من جيل تدرب على يد مظهر السعيد, وكانوا رجالا بحجم اسم الفيصلي.. فهم لم يأتوا من عمان العربية وقصورها, لم يتخرجوا من جنوب (ويلز) ويلتحقوا في الفيصلي..ولم يكن لهم مدراء أعمال, ولم يتقاضوا الملايين مثل النوادي الأوروبية, ما شدهم للفيصلي هو الشغف وحب كرة القدم, وحب الحياة..
راتب العوضات في التسعينيات, كانت شعبيته أكثر من شعبية النواب, والوزراء.. كان له شعبية طاغية جدا, وهو أكثر لاعب كنا نغني له في المدرجات.. وهو الذي إذا تسلم قلب الدفاع فلن تمر كرة منه, وحين اعتزل التحق بالتدريب..ويسجل له أنه أنقذ الفيصلي في فترة كنا نخشى هبوطه, أنقذه بالوفاء والصرامة..والتفاني, وهذا طبعه منذ أن كان صبيا في صفوف النادي.
أعرف أن السرطان لئيم جدا, وأعرف أنه مرض حقير.. وأعرف أن دمع راتب العوضات خرج من عينيه عنوة, وأعرف أن قهر الرجال لا يدانيه قهر في الدنيا..لكن القصة ليست في الدمع ولا في المرض, القصة تكمن في (فزعة) الناس لراتب, في العاصفة الإلكترونية التي انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي, وفي الإعلام الذي حمل قضية إنسانية حقيقية وليست مزيفة أو استعراض..وفي هذا التكريم العظيم, الذي قدمه الشعب لراتب, أدرك أن في رفع المعنويات في حالات المرض أهم من العلاج..وما فعله الناس اتجاه راتب العوضات كان نصف العلاج.
لماذا حين يعتقل أحدهم تضج الدنيا؟ بالمقابل لم نشاهد ردة فعل من النواب ولا من الحكومة ولا من..وجهاء المجتمع المدني, ولا من الجمعيات الممولة وغير الممولة..على قصة راتب العوضات, مع أن ابداع راتب العوضات كان أكبر من ابداعنا كلنا..فهو صاحب بصمات في المنتخب الوطني والفيصلي..لماذا تخاف المؤسسات الرسمية والبرلمانية من صحفي عادي بالمقابل لا تقيم وزنا لرياضي..قاتل دفاعا عن موهبته وشغفه باللعبة؟
صديقي العزيز..
ستقف مجددا, وستنهض وتزيل عن كتفيك غبار المرض والتعب, لقد كان دمعك أكبر من الدمع بكثير.. كان شرارة أشعلت في قلوبنا الحب.. وذكرتنا بك حين كنت تجوب الملعب مثل (الضبع).. والكل يخشاك, أتذكر يا راتب حين كانت الجماهير تلقبك بالضبع.. أعرف أنك في الملعب كنت مثله, ولكنك في الحياة.. كنت أرق من ورق الورد, كنت أبسط الناس وأكثرهم كرما ومحبة..
(الله يحميك يا راتب)..
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/30 الساعة 09:12