حرّض امرأة على إغواء صهره ليبتزّه لاحقاً، ودعم الحزب الديمقراطي.. قصة والد كوشنر الذي عفا عنه ترامب
مدار الساعة - قبل يومين من عيد الميلاد، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عفواً رئاسياً عن 29 شخصاً مدانين بجرائم مؤكدة، من ضمنهم والد صهره جاريد، تشارلز كوشنر. فلماذا عفا عنه ترامب، وما الجرائم التي تورط فيها؟
قرار العفو عن تشارلز كوشنر أعاد الحديث عن الجرائم والمؤامرة الغريبة التي حاكها الرجل ضد صهره، أي زوج أخته.
كان كوشنر الأب رجلاً ثرياً نتيجة أعماله في إدارة العقارات، وكان من كبار المتبرعين للحزب الديمقراطي، لكن في عام 2003 فتحت السلطات الفيدرالية تحقيقاً في أعماله وسجله الضريبي؛ وذلك لمساهمته في الحملات السياسية باسم شركاته بينما لم يكن بحوزته تفويض بذلك.
وعندما اكتشف كوشنر أن صهره الذي كان شريكه السابق (وليام شولدر) وشقيقته إستر يساعدان السلطات الفيدرالية في تحقيقاتها ضده، قرر الانتقام منهما و"إرهابهما" لتغيير إفاداتهما.
حوكم تشارلز كوشنر من قبل المدعي العام الأمريكي لولاية نيوجيرسي آنذاك، كريس كريستي، بتهمة التهرب الضريبي والتلاعب بالشهود والمساهمات غير القانونية في الحملات الانتخابية.
أقر لاحقاً بأنه مذنب في 16 تهمة بالتهرب الضريبي، وتهمة واحدة بالانتقام من شاهد فيدرالي – صهره -، وتهمة أخرى بالكذب على لجنة الانتخابات الفيدرالية.
وفي العام 2005، أصدرت المحكمة قراراً بزجه في سجن فيدرالي لمدة عامين. وبالفعل قضى تشارلز كوشنر 14 شهراً بسجن فيدرالي في قاعدة عسكرية في مونتغمري بولاية ألاباما لمدة عامين، و10 أشهر إضافية في أحد منازله.
"أكثر الجرائم المثيرة للاشمئزاز"
وقال كريستي في أوائل عام 2019، إن تشارلز كوشنر ارتكب "واحدة من أكثر الجرائم البغيضة والمثيرة للاشمئزاز" التي رافع فيها، في إشارة إلى مؤامرة انتقامية متقنة دبرها كوشنر الأكبر في عام 2003، من أجل استهداف صهره، وليام شولدر.
عندما علِم كوشنر الأب أن شولدر وشقيقته يتعاونان مع السلطات، استأجر كوشنر عاهرة لإغراء شولدر بممارسة الجنس في غرفة فندق في بريدجووتر بولاية نيوجيرسي بينما كانت الكاميرا تسجل ما يدور.
ثم أرسل شريط اللقاء إلى إستر، شقيقته، بحسب ما نشرته محطة CNN.
ولكن لعبة التخويف فشلت، إذ أحضر شولدر الفيديو إلى النيابة العامة، التي تعقبت المرأة وهددتها بالاعتقال، لكنها سرعان ما انقلبت على كوشنر وأقرت بالاتفاق الذي تم بينهما.
ولعل اللافت في الموضوع أن المدعي العام الذي حاكم كوشنر- كريس كريستي- أصبح لاحقاً من أبرز المدافعين عن ترامب وعمل رئيساً لفريقه الانتقالي.
لكن تاريخ كريستي مع عائلة كوشنر خيم بشكل كبير خلال الفترة التي قضاها مع فريق ترامب.
في عام 2016، تمت إقالته من الحملة الانتخابية، وألقى باللوم على جاريد كوشنر لإقالته، ومع ذلك، دافع كريستي باستمرار عن قراره محاكمة تشارلز كوشنر، حتى إنه ألَّف كتاباً يركز جزئياً على الملحمة بينهما تحت عنوان: "دعني أنتهي: ترامب، كوشنرز، بانون، نيوجيرسي، وقوة سياسة المواجهة" أو Let Me Finish: Trump, the Kushners, Bannon, New Jersey, and the Power of In-Your-Face Politics.
وقال كريستي في لقاء متلفز مع قناة PBS، عام 2019: "السيد كوشنر أقر بالذنب. لقد اعترف بالجرائم. ماذا عليَّ أن أفعل كمُدعٍ عام؟ أعني، إذا استأجر رجلٌ عاهرة لإغواء صهره، وقام بتصويرها بالفيديو، ثم أرسل شريط الفيديو إلى أخته؛ لمحاولة تخويفها من الشهادة أمام هيئة محلفين كبرى، فهل أحتاج حقاً أي تبرير أكثر من هذا؟".
وتابع قائلاً: "إنها واحدة من أكثر الجرائم البغيضة والمثيرة للاشمئزاز التي عملت عليها، وكنت محامياً أمريكياً في ولاية نيوجيرسي، لذلك كان لدينا العديد من الجرائم البغيضة والمثيرة للاشمئزاز هناك".
ووفقاً لبيان صحفي أعلن فيه إقراره بالذنب، اعترف كوشنر للمحكمة بأنه دفع لمحقق خاص 25 ألف دولار لترتيب إغواء زوج الشاهدة المتعاونة وتصويره بالفيديو. واعترف كوشنر بتجنيده شخصياً للعاهرة وأمر بإرسال شريط الفيديو إلى الشاهد المتعاون عبر البريد.
كما أقر كوشنر بأنه مذنب في 16 تهمة تتعلق بالمساعدة في تقديم إقرارات ضريبية كاذبة وتهمة واحدة بالإدلاء ببيانات كاذبة إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية.
كل هذه الأحداث حصلت قبل زواج إيفانكا ترامب بجاريد كوشنر، الذي تم العام 2009.
وفي قرار العفو الذي صدر الأربعاء 23 ديسمبر/كانون الأول 2020، لم تتم الإشارة إلى صلة القرابة بين ترامب وتشارلز كوشنر، بل تم تبرير الأمر على أنه مكافأة لأعمال خيرية قام بها.
وجاء في بيان البيت الأبيض: "منذ أن أكمل عقوبته في عام 2006، كرّس السيد كوشنر جهوده لمنظمات وقضايا خيرية مهمة، مثل مركز سانت برنابا الطبي ومنظمة الشلل الدماغي المتحد. هذا السجل الخاص بالعمل الخيري يلقي بظلاله على إدانة السيد كوشنر والحكم عليه لمدة عامين لإعداد إقرارات ضريبية مزيفة وانتقام الشهود والإدلاء بأقوال كاذبة".
ماذا حصل بعد انقضاء فترة السجن؟
بعد إطلاق سراح تشارلز كوشنر من السجن نقل أنشطته التجارية من نيوجيرسي إلى مدينة نيويورك، وهناك استأنف حياته المهنية بمجال العقارات، وضمن ذلك شراء مجمع برج مراقبة شهير على طول جسر بروكلين بنويورك، كان المقر السابق لشهود يهوه، بحسب ما نشرته قناة ABC الإخبارية.
كما ارتبط اسمه بتبرعات لمنظمات يهودية، وقال لصحيفة New York Times في عام 2018، إنه لم يكن مهتماً بالعفو، مبرراً أنه "يفضل عدم الحصول على عفو"، لأنه سيحظى بالدعاية ويعيد تركيز وسائل الإعلام على ما ارتكبه في السابق.
نبذة شخصية عن تشارلز كوشنر
وُلد تشارلز كوشنر عام 1954، وترعرع مع شقيقه الأكبر موراي وشقيقته إستر في نيوجيرسي، حيث كان والده عامل بناء ثم أصبح مطوراً عقارياً.
درس في كلية الحقوق بجامعة هوفتسرا وتخرج فيها عام 1979.
وفي عام 1985، أسس شركات كوشنر مستخدماً أصول شركة الإنشاءات التي يملكها والده، علماً أن والديه جوزيف وراي- ناجيان من الهولوكوست من بولندا- وصلا إلى نيويورك في عام 1949.
تزوج سيريل كوشنر وله منها ابنان هما جاريد وجوشوا، وابنتان هما نيكول ودارا.
في عام 2005، استقال من منصبه كرئيس لشركته التي تحمل الاسم نفسه، ثم تولى ابنه جاريد منصب الرئيس والوجه العام في شركات كوشنر، وصنع لنفسه اسماً من خلال شراء صحيفة "نيويورك أوبزرفر" الأسبوعية في يوليو/تموز 2006، ولاحقاً الزواح بإيفانكا.
لماذا عفا عنه ترامب رغم أنه قضى المدة؟
يمنح العفو الرئاسي امتيازات عديدة للمدانين السابقين، مثل استعادة حق التصويت أو المشاركة في هيئة المحلفين والحق في شراء سلاح، وقد يقلل إلى حد ما من وصمة العار الناحمة عن الإدانة، لكنه لا يمحو سجل الإدانة نفسه.
لذلك، لا يزال يتعين على الشخص الذي حصل على عفو، الإفصاح عن إدانته عندما يستوجب الأمر، كما يحق له أن يعلن حصوله على العفو.