فيسبوك واستعمار الاعلام والوعي
الكاتب: كمال زكارنة
احدث الفيسبوك بدون ادنى شك ثورة هائلة في عملية التواصل بين البشر على جميع المستويات والصعد وفي المجالات والميادين كافة من غير تحديد او تسميات
ومنذ ان بدأ الناس في جميع انحاء العالم باستخدام هذه الوسيلة المبتكرة للاتصال والتواصل، وجدوا انفسهم رهائن لها بسبب الادمان عليها، فقد اسرتهم في جميع الاعمار والمستويات التعليمية والثقافية والمهنية، وقد لا يستطيع كل فرد في العالم حاليا الابتعاد او الاستغناء عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي واهمها الفيسبوك الذي غزى كل شخص واسرة وبيت ومؤسسة وشارع وحي وقرية ومدينة ودولة.
لكن وسيلة التواصل هذه "الفيسبوك"، على اهميتها وانتشارها السريع والدور الذي تقوم به، لم تخترع عبثا وبدون اهداف في غاية الاهمية والخطورة، وقد بدأت تلك الاهداف تظهر وتتضح، بعد ان غرق الناس في سرابها وعلقوا في شباكها ووقعوا فعلا في قبضتها، فهي تهدف اولا وقبل كل شيء الى محو الذاكرة وقتل الوعي ووأد وانهاء دور وسائل الاعلام الاخرى التي عرفها وتعامل معها وبها الناس في جميع انحاء العالم، وفي طليعتها ومقدمتها الصحافة المطبوعة، والتحكم بوسائل الاعلام المرئية والمسموعة، وبالتالي توجيه الوعي العالمي الجمعي في اتجاه واحد وصناعة الرواية التي تريدها هي بعد احكام السيطرة والتحكم بتوجيه الرأي العام العالمي سياسيا واقتصاديا وثقافيا ودينيا وفي جميع مناحي الحياة الاخرى كيفما تريد وكيفما تشاء.
وللوصول الى تحقيق هذا الهدف كان لا بد من سحب اهتمام الناس وجذبهم الى هذه الوسيلة وابعادهم عن الصحف الورقية ومرفقاتها من مجلات ومنشورات وغيرها، واسكات المطابع تماما، واقفال اهم مصادر التوعية والتثقيف اليومية التي تغذي العقل والفكر البشري في كل دول العالم، بهدف حفر ذاكرة توعوية جديدة يتم تسريب وتمرير الوعي المصطنع والرواية المعلبة عبر جدولها الذي نحتته الصهيونية بسهولة متناهية في فضول الناس، لان الفيسبوك ببساطة وسيلة اعلام عالمية الانتشار يرأس تحريرها الحركة الصهيونية ولم يعد بالامكان نشر اي محتوى في هذه الوسيلة لا يخدم اهداف الحركة الصهيونية الحاضنة الرئيسية للكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين.
لا تتردد ادارة الفيسبوك الصهيونية التي تنشر خطاب الكراهية وتجيد التعامل العنصري ببراعة لا مثيل لها في العالم، في شطب كل محتوى ومضمون يوجه ادنى نقد لليهود والصهاينة والكيان الغاصب او يذكر اسم فلسطين وقادتها وشهداءها وقضيتها وكل ما يتصل بها سواء كان نصا مكتوبا او صورا لاشخاص او مواقع، ولا تكتفي تلك الادارة العنصرية بهذا بل تقوم بحظر الكاتب او الناشر عدة ايام او اسابيع من التعليق والنشر، كيف لا وهي رئيس التحرير الذي يتحكم بكل ما ينشر على صفحات الفيسبوك.
اذن اهم هدف لوجود الفيسبوك، هو سيطرة الحركة الصهيونية على الاعلام العالمي برمته، والتحكم بتوجيه الرأي العام العالمي بما يخدم الاهداف الصهيونية والاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية والعربية.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، لماذا لا تقوم الدول المشهورة جدا بالتقدم والتطور التكنولوجي مثل الصين والهند واليابان وروسيا وكوريا الجنوبية وماليزيا واندونيسيا وغيرها، بانتاج وصناعة واختراع فيسبوك مواز ومنافس للفيسبوك الحالي وانتزاع هذا الاحتكار من ايدي الحركة الصهيونية العنصرية ووقف سيطرتها على هذا المنجز التكنولوجي والتحكم به، وفتح المجال للتعبير عن جميع الاراء والمواقف بحرية كاملة لجميع سكان الارض؟