قطاع سيادي لا يمكن تجاهله

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/23 الساعة 23:45

الكاتب: عماد عبدالرحمن

فرض الواقع الاقتصادي الراهن الذي تمر به البلاد ظروفاً حرجة على القطاعات الاقتصادية الرئيسة التي يرتكز عليها الاقتصاد الوطني، إبتداء من القطاع السياحي والصناعي والزراعي وانتهاءً بالعمالي، لكن رغم تحديات وقساوة هذه الظروف إلا أن الاسعار للمواد الغذائية الأساسية حافظت على معدلاتها، بل على العكس هناك سلع غذائية انخفضت أسعارها خصوصاً الخضار والفواكه لدرجة دعت كلاً من المزارعين إلى الاحتجاج، ووزير الزراعة لدق جرس الإنذار والدعوة لإنقاذ القطاع قبل انهياره تماماً.

القطاع الزراعي يعتبر أساسياً في بنية الاقتصاد الأردني، وأهم ما يميزه ثباته واستقراره رغم الهزات التي تعرض لها على مدى عقود طويلة مضت، وقد برزت أهميته مع انتشار وباء كورونا، خصوصاً بعد أن بات الحديث عن الجوع والتجويع نظريات يتحدث عنها الخبراء وغير الخبراء صباحاً ومساء، بالتالي هذا يقودنا إلى تفكير جديد ومقاربة جديدة لمستقبل القطاع الزراعي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسة هي: تحسين واقع وسبل عيش المجتمعات الزراعية والريفية المنتجة، إعادة هيكلة القطاع الزراعي إنتاجاً وتسويقاً، ووضع استراتيجية جديدة تنفذ مباشرة دون أن تبقى حبيسة الأدراج.

اليوم تمثل الزراعة مدخلاً سيادياً للدول التي تسعى لاستقرار مجتمعاتها وتحصينها ضد الهزات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لكن الواقع الزراعي عانى من خلل مزمن منذ عدة عقود، نتيجة الاهمال والعشوائية وتقلب الأمزجة، وضعف الإدارات في مواكبة أهمية ومكانة هذا الملف، لكن رغم كل ذلك لا زال هناك إرادة ونظرة جديدة لدى صانع القرار في الأردن وعلى أعلى المستويات، لكن في حال امتلكنا الارادة الجمعية والاهتمام الحقيقي من قبل المزارع أو الحكومة، لأنه لا يوجد بديل لهذا القطاع مهما حاولنا وكابرنا.

السؤال الابرز المطروح اليوم: كيف ننهض بالقطاع الزراعي في الأردن في ظل المعطيات المحكومة بالامكانيات الضئيلة والمشاكل الكثيرة التي تواجه القطاع؟.

لا بد من توفير الاستقرار المعيشي والمالي للمزارع الأردني ودعمه بكافة مستلزمات الانتاج والبذور والاسمدة والتسويق، فالمزارع أساس القطاع ومن غيره لن يكون هناك قطاع زراعي ناجح وكفؤ، أيضا منح البلديات الاردنية صلاحيات قانونية وإدارية لاستصلاح الاراضي وتشغيل الشباب بالمجتمعات الزراعية والريفية في هذا القطاع، للحد من النزوح للمدن وتوفير فرص عمل للشباب لتحقيق التنمية الريفية المطلوبة.

أضف إلى ذلك، يتطلب تحفيز القطاع وتشجيعه معاملة خاصة على صعيد النقل للأسواق التصديرية، أو الحفاظ على استقرار الاسعار، فمن غير المعقول أن يصل سعر كيلو البندورة إلى دينار في بعض الاوقات، وفي أوقات اخرى يصل سعره إلى 10 قروش، فالتباين يربك المزارع والمستهلك، وهذا يعود لأسباب ترتبط بالوسطاء وأسواق الجملة، وآخر من يستفيد منها هو المزارع.

ومن الضروري أيضاً، تأسيس صندوق تكافلي تعاضدي يضمن تعويض المزارعين في حالات الصقيع أو إرتفاع درجات الحرارة أو الكوارث الطبيعية،وغيرها، تشارك فيه كل الاطراف المعنية.

الظروف الصعبة التي تجاوزناها والظروف المستقبلية التي لا تقل صعوبة فرضت علينا واقعاً جديداً وصعباً ما يتطلب من الجميع التفكير جدياً بتحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي، وخلق بدائل غير تقليدية تمكننا من إجتياز المرحلة الحساسة من تاريخنا، من أجل تخطي الأزمات المحيطة بنا من كل حدب وصوب.

Imad.mansour70@gmail.com

الرأي

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/23 الساعة 23:45