سامي جوهر

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/23 الساعة 00:45
حين استعد عادل إمام من أجل إطلاق مسرحيته (شاهد ماشافش حاجة), تبين له أنه يحتاج لمن يقوم بدور (برعي).. وهو المراسل في المحكمة الذي يحضر الشاي والقهوة ويحمل الملفات, وفي النهاية عثر على شخص ليس له علاقة بالتمثيل كان من ضمن الفنيين الذين يعملون في المسرح واسمه (سامي جوهر)..وكلفه بتمثيل دور (برعي).. هذا الرجل أدى دورا واحداً في حياته, وهو (المراسل في المحكمة).. والصحافة المصرية أطلقت عليه لقلب (وزير الحاجة السائعة), لأنه أحضر (الكازوزة) لعادل إمام.. وبعد هذه المسرحية اختفى عن الأنظار نهائيا. ظلت مصر تبحث عن (وزير الحاجة السائعة).. مدة (40) عاما, إلى أن اهتدت إليه منى الشاذلي, واستضافته في برنامجها المشهور (مع منى الشاذلي), فقد اكتشفت أنه بعد المسرحية سافر إلى أميركا وأصبح طيارا وعاش هناك..وبالصدفة عثروا عليه. (برعي) لم يعرف أنه دخل التاريخ من أوسع أبوابه, ولم يعرف أن أجيالا من المصريين ظلت تردد جملة عادل إمام: (خذ.. بالك منهم).. ولم يعرف أيضا أن الملايين من العرب ما زالت تضحك على عادل إمام وهو يقول (لبرعي) عن اسمه: (وده جالك من ايه).. وما زالت تتذكر كم أدخل هذا الرجل بالحديث البسيط بينه وبين عادل إمام, الفرحة والضحكة في قلوب الملايين عبر امتداد القارات. في النهاية عاد (سامي جوهر) إلى مصر كي يفتح منتجعا في سيناء, وتقاعد من مهنة الطيران في أميركا.. وحين عاد تلقفه الإعلام, وكأن مصر كانت مدينة لهذا الرجل وقامت بسداد الدين له.. تخيلوا..أن مصر لاتنسى, مصر لاتنسى من قاتل لأجلها.. ولا تنسى من أضحكها..وهي في ذات الوقت لا تنسى من جرحها..وظل إعلامها (40) عاما وهو يبحث عن (برعي) كي يسرد للناس قصة الدور الذي جاء بالصدفة, وكي يحكي لهم عن سنوات الغربة..والمنتجع الذي بناه في سيناء بعد كل هذه السنين من الاغتراب وكم أنجب من أولاد.. وكم تعب وكم فرح..وكم شقي لأجل الرزق. سامي جوهر أدى دورا بسيطا مدته (9) دقائق فقط, لكنه سيبقى في ذاكرة الملايين من العرب ربما لألف عام أخرى..كان يظن كما قال لمنى الشاذلي, أنه مجرد دور هامشي ولن يعلق في أذهان الناس.. ولكن الحقيقة كانت غير ذلك..مصر لا تنسى ذاكرتها من حديد, لكن للأسف نحن ننسى.. يا إلهي كم نجيد نحن النسيان.. صدق تيسير السبول حين قال: (عذيرك بعد إذا ما التقينا بذات منام تفيق الغداة وتنسى, لكم أنت تنسى عليك السلام...) كم تمنيت لو أنني (برعي) في هذه مسرحية الحياة الطويلة تلك, والتي تستعصي على الانتهاء.. Abdelhadi18@yahoo.com الرأي
  • محكمة
  • لب
  • وزير
  • عرب
  • الدين
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/23 الساعة 00:45