أنا طبيبة نفسية وأحب أن أخبرك بما يجب أن تفعله حين تشعر بالحزن وأنت وحيد

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/20 الساعة 12:03

مدار الساعة - يصادف اليوم ذكرى وفاة والدتي، لا زلت أجد صعوبة في تجاوز ألم تلك الفاجعة التي أشعر بآلامها في كل مناحي حياتي، عند الحركة والحديث وحتى عند إعداد قهوتي في الصباح. يبدو لي أنَّني حزينة كما لو كنت غير قادرة على المضي قدماً في الحياة.

نعم، أنا حزينة، لكنني في نفس الوقت مضطرة للتعامل مع تداعيات جائحة فيروس كورونا، يجب أن أجمع شتات نفسي، ثمة أشخاص آخرون يعتمدون عليَّ.

لا يتسع المجال للحزن في ظل الظروف الحالية

ظاهرياً، أصارع حزني من أجل هدف نبيل، لكن داخلياً، أنا حقاً منهارة من دون أن يكون لديّ متنفس للحصول على الدعم كالمعتاد.

لا أستطيع استضافة تجمُّع عائلي، حيث يمكننا معانقة بعضنا البعض والبكاء والضحك وتبادل الصور والقصص وتناول أطعمتنا المفضلة حتى تبقى ذكرى والدتي حية داخل عائلتنا.

لا أستطيع السفر لزيارة قبرها أو الذهاب إلى الكنيسة، لا أستطيع الخروج في جولة طويلة بسبب جدول أعمالي المزدحم للغاية.

لذا، أواصل فعل ما كنت أفعله طوال فترة الجائحة، ألا وهو إلهاء نفسي، يُمثّل الإلهاء وسيلة دفاعية بالنسبة لي، أنا مشغولة دائماً بالتقارير واستكمال التقييمات والمكالمات الهاتفية وعقد اجتماعات متواصلة عبر تطبيق "زووم"، أقول لنفسي دائماً إنَّني ليس لدي وقت للحزن، لكن حزني مثل الغيوم، يحيط بي.

بينما أمضي قدماً لتحقيق أهدافي المهمة للغاية تهمس لي ذكرياتي وتدعوني قائلة: "أنتِ بحاجة للبقاء ساكنة، حزينة وباكية".

على الرغم من جهودي المضنية فإنني لا أستطيع التخلّص من حزني وألمي. أستعيد لحظاتي الأخيرة مع والدتي في دار رعاية المسنين، وأتذكّر كيف قالت بكبرياء كلماتها الأخيرة قبل أن تصمت للأبد.

لا تزال أمي حاضرة في حياتي، وبينما أحاول التركيز على المهام الماثلة أمامي اليوم أتذكّر كافة ذكريات الماضي، سواء كانت سعيدة أو حزينة.

هذا هو بالضبط تعريف الحزن الناجم عن فاجعة فقدان شخص عزيز، إنَّه عملية العيش في أحزان الماضي في الوقت الذي نمضي فيه قدماً عبر الحاضر.

كلنا نُفجع

أتساءل لماذا بات حزني اليوم شديداً وعميقاً للغاية، على عكس الذكرى الأولى أو الخامسة لوفاة والدتي. ثم أجيب عن سؤالي قائلة إنَّ حزني اليوم عميق وغامر للغاية، لأنَّ العالم كله حزين بسبب فيروس كورونا المنتشر في كل مكان، يموت الناس في جميع أنحاء العالم، تؤدي حالة الحزن السائدة حولي إلى تعميق حالة الحزن الخاصة بي، نحن جميعاً نتعامل مع جائحة حزن من شأنها مفاقمة جميع أحزاننا الأخرى.

ما أعرفه غير صحيح

أقول لنفسي إنَّ حزنك يجب ألا يكون عميقاً بنفس درجة شخص خسر والدته للتو، لكن الحقيقة أنَّه لا توجد طريقة لتقسيم مشاعر الحزن، الخسارة هي الخسارة، دون أي اختلاف في الألم الناجم عنها.

تبقى مشاعر حزننا صادقة للغاية، سواء كان السبب قد حدث للتو أو قبل سنوات، أعلم أنَّني سأستطيع العودة إلى نمط حياتي الطبيعية، وأنَّ حزني يتفاقم لأنَّني محاطة بأعداد القتلى المتزايدة، وأعرف الكثير من الأشخاص الآخرين الذين على وشك فقدان أحبائهم أو فقدوهم بالفعل. تنطبق هذه الحقيقة علينا جميعاً.

3 طرق للاعتناء بنفسك عند التعرّض لفاجعة أليمة:

بدأت التركيز تدريجياً على ما يمكنني فعله الآن من أجل الاعتناء بنفسي، أشياء بسيطة وفورية.

– إعادة التأكيد على الالتزامات تعتبر وسيلة جديدة لتكريم أحبائك الراحلين

علمتني والدتي القتال وعدم الاستسلام، أتذكر ذلك وأبتسم، أعيد التأكيد على التزامي بعملي التي كانت فخورة جداً به، أستطيع الآن صبَّ مزيد من التركيز على العمل.

– تشارك الألم

في واحدة من مجموعات الدعم الأسبوعية التي أحضرها، تحدّثت إحدى العضوات عن محنة فقدان والدها، اعتبرت هذا الموقف علامة تكشف لي أهمية أن نتشارك الألم.

قلت: "يصادف اليوم ذكرى وفاة والدتي، أنا أيضاً أشعر بالحزن الشديد".

نتشارك الحزن معاً. أخبرنا عضوان آخران أنَّ اليوم يصادف أيضاً ذكرى وفاة والديهما، قالت عضوة أخرى إنَّها على وشك فقدان والدة زوجها.

تعيش أكثر من نصف هذه المجموعة –التي لا يعرف أعضاؤها بعضهم البعض بصورة شخصية- في حالة من الحزن والأسى خلال موسم العطلات المقبل. يساعد التعبير عن مشاعر الحزن في تخفيف آلامه.

– انشر الفرحة أينما تستطيع

أنا أعيش في ريف نيويورك، بينما يعيش أحفادي الصغار في لوس أنجلوس، بات الوصول إلى بعضنا البعض أمراً صعباً للغاية في ظل جائحة كورونا، وهو ما يزيد حزني الآخذ في التفاقم بسبب تلك الجائحة.

أفكر فيما أستطيع فعله وأخطط للذهاب إلى متجر الألعاب. وبينما أتطلع إلى تنفيذ هذه الخطوة أشجع نفسي على عدم التفكير فقط فيما أود تقديمه لأحفادي، الذين ربما لن أراهم لمدة عام آخر بسبب جائحة كورونا، ولكن التركيز على إسعاد الأشخاص الآخرين الموجودين في حياتي.

هؤلاء الأشخاص هم الشباب الذين يخضعون للعلاج في محل عملي بأحد مراكز إعادة تأهيل مدمني الكحول والمخدرات، وكذلك المراهقون الذين يعانون إلى جانب الإدمان من مشاكل قديمة العهد تتعلق بإساءة المعاملة في مرحلة الطفولة، من ضمنهم واحدة كانت تدخن مخدر الميثامفيتامين مع والدها، وأخرى علّمتها والدتها منذ الطفولة كيفية إطلاق الرصاص.

سأشتري الهدايا لأولئك الذين أعلم أنَّهم سيكونون في مركز إعادة التأهيل خلال احتفالات عيد الميلاد المجيد، وسأرسل لهم التهنئة عبر البريد الإلكتروني، أشعر بالسعادة والأمل عندما أستطيع إسعاد الطفل الرقيق الذي بداخلهم.

نتعرّض جميعاً لفاجعة فقدان شخص عزيز علينا، ونكافح من أجل تجاوز هذه المحنة، لكن الاعتراف بحزننا واتّخاذ خطوات بسيطة وملموسة قد يساعدنا على التعافي، حتى أثناء وباء الإدمان المتزايد خلال جائحة كورونا.

-هذا الموضوع مترجم عن مجلة Psychology Today الأمريكية.

 

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/20 الساعة 12:03