سد الوحدة وتهديد الأمن الغذائي الأردني
أسوأ ما في العلاقات العربية العربية أن أي خلاف مهما كان بسيطا يشتعل كاللهب حتى يصل قمة الهرم السياسي، حتى لو كانت تعليقات للرأي العام حول قضية سخيفة ومن هنا نفهم سوء إدارة الاقتصاد المائي العربي الذي يهدد مستقبل الأجيال بأسوأ كابوس قد تعيشه بلادنا، وليست مشكلة سد النهضة وحده الذي يهدد الأمن المائي لمصر والسودان فحسب، بل إن الأردن هو أكثر بلد عربي يمكن أن يفقد سلة غذائه في ليلة وضحاها، في ظل فقر كبير للسدود المائية الداخلية عندنا.
التقرير الجريء الذي أعدته الزميلة مريم شاهين في (الرأي) يوم أمس بعنوان «حلول بديلة باهظة الثمن في ظل عدم استئناف اتفاقية تقاسم المياه مع سوريا» قد نكأ جرحا لم نحسب حسابه حينما قرر بعض العرب دعم الثورة السورية ضد النظام، والذي جعل الأردن أمام فوهة بركان سياسي واقتصادي حارق، رغم إدارة السياسة الأردنية لموقف متوازن مع النظام فإن دخول القوات الإيرانية ثم الروسية واشتعال الصراع متعدد الجنسيات وانخراط القوى الجهادية في كل مكان من سوريا، جعل موقف عمان كمن يمشي وسط حقل ألغام.
التقرير سلط الضوء على مسألتين مهمتين، الأولى عدم الوفاء بالحصة الكاملة من سد «الوحدة» المقارن سابقا، والثانية موت القطاع الزراعي البطيء في أخصب بقعة شمال غرب الأردن، وجاء التوقيت مع تصريحات وزير الزراعة محمد داوودية عبر برنامج «ستون دقيقة» في التلفزيون الأردني، الذي كشف الغطاء الرسمي عن عجز الحكومات ووزارة الزراعة عن إيجاد حلول لإنقاذ القطاع الزراعي الذي تغّول عليه كبار التجار وإغلاق الأسواق الخارجية وتدني القوة الشرائية للمواطنين وفرض رسوم باهضة على القطاع.
وبالعودة الى السياسة المائية، فإن على المسؤولين الأردنيين أن يقدموا مقترحات بديلة عن هذا الصمت المطبق فيما يتعلق بعلاقاتنا مع دول الجوار الذي ننتظر منهم إعادة تدفق المياه،وهنا نخصص العلاقة الاقنصادية مع سوريا والتي لا يمكن عزلها عن العلاقة السياسية في ظل القرارات الأميركية ضد سوريا، فسد الوحدة الذي أعلن ابتداء الشراكة فيه الملك عبدالله الثاني والرئيس بشار الأسد عام 2004 وبدأ الضخ منه عام 2011 لم يغط الحصة الحقيقية للأردن،ومقابل 11 سدا في مختلف مناطق الأردن، فقد بنت دمشق 40 سدا على حوض نهر اليرموك،وهذا يعني حرمانا طويل الأمد إذا بقينا مكتوفي الأيدي.
إن تهديد الأمن الغذائي الأول هو شح المياه، ومهما أعلنا من مشاريع زراعية كبرى فلن نصل إلى شيء ما دام الأمر يتعلق بشح مصادر المياه، في دولة هي الأفقر مائيا ومحكومة باتفاقيات لا يحترمها الآخر، بل إن حصتنا الرخيصة التي قبل الأردن بها مقابل اتفاقية وادي عربة فهي لم تكن حقيقية بالكمّ والنوعية، فيما الإسرائيليون قاموا بجرّ مياه طبريا الى النقب وأقاموا مزارع ضخمة على الشريط الغربي لنهر الأردن ووادي عربة.
على الحكومة الأردنية أن تتحرك بعيدا عن يوميات كورونا لفتح الطرق المغمورة بالثلوج مع الجيران بآليات سياسية ذكية، فالأردن يحتاج إلى خطة أمن غذائي ومائي لثلاثين عاما قادمة،ولنتذكر أن تمويل سد الوحدة بدعم من الصندوق العربي للإنماء 80% وصندوق ابو ظبي 15 % والحكومة الأردنية 15 % ثم لا نأخذ من حصتنا المحددة بثلاثمئة مليون مترسنويا سوى الربع.
Royal430@hotmail.com
الرأي