جلسة حوارية.. 47 % فاقد المياه في الأردن وكلف الخزينة 260 مليون دينار
مدار الساعة - كشف المنتدى الاقتصادي الأردني أن فاقد المياه في الأردن هو من أهم المشاكل الرئيسية في قطاع المياه حيث تبلغ نسبته 47 بالمئة، في حين تتكبد الموازنة العامة دعماً مالياً مباشراً يقدر بـ 260 مليون دينار.
وبيّن المنتدى خلال الجلسة الحوارية التي نظمها حول مشروع قانون المياه لعام 2020 أن تحسين الأداء التشغيلي وتخفيض نسبة فاقد المياه على سبيل المثال من 47% إلى 30% سيعمل على زيادة الإيراد التشغيلي وتقليل قيمة الدعم بمقدار 94 مليون دينار سنوياً في دولة أساساً فقيرة بالمياه وهو يزيد عن المبلغ المنوي جبايته من خلال المادة تطبيق رقم (11-ب) من القانون الجديد.
وأكد المنتدى أن القانون يجب أن يؤدي غرض تحسين الأداء والتوفير على كل من الموازنة العامة والمواطن لا أن يخلق تشوهاً بغرض تجميل صورة وواقع الأداء المالي لقطاع المياه دون أي أثر على تحسين الأداء والمؤشرات الأساسية.
واستعرضت الجلسة الحوارية الملاحظات على مسودة قانون المياه في المملكة والذي تم إعداده وإرساله لديوان التشريع والرأي في رئاسة الوزراء دون مناقشة ومشاركة فاعلة من شركاء قطاع المياه في اختلاف مسمياتهم ومواقعهم، لاسيما انه قد بدء التفكير في إعداد قانون المياه قبل أكثر من عشر سنوات وكانت أهم الأسباب الموجبة والغايات الأولى من القانون، هي جمع كل الأحكام الناظمة للقطاع في تشريع واحد وشامل.
وبيّن المنتدى أنه يتبيّن أن جمع هذه الأحكام في قانون واحد ليس سوى شكلي، ولم يتخطى المشكلة الرئيسية وهي تعدد مصادر التشريع التي تنظم قطاع المياه، مشيرا أن عجز القانون عن توفير رؤية واحدة متناسقة يتم توحيد هذه الأحكام حولها، فيظهر القانون متناقضاً وغير متسّق في روحيّته.
وزاد: "يمكن بعد معاينة النص التأكيد أن الإشكاليات التي تعتريه محورية وأساسية، فإلى جانب ضآلة عدد مواد القانون (22 مادة فقط)، ينضوي النص على إشكاليات أساسية".
وأشار المنتدى إلى ان مسودة قانون المياه جهد متواضع قياساً بحجم مشكلة المياه في المملكة التي تعد ثاني أفقر دولة في المياه حيث لم يرد وصف للأهداف والمبادئ العامة لقانون المياه والتي من المفروض أن تستند في مجملها لأهداف التنمية المستدامة – الهدف رقم 6 "المياه و الصرف الصحي" والتي تهدف لإدارة مستدامة للمياه تتجاوز مجرد توفير مياه مأمونة وخدمات صرف صحي إلى معالجة سياق المياه الأوسع مثل جودة المياه وإدارة مياه الصرف الصحي وندرة المياه وكفاءة الاستخدام وتحقيق التوازن بين الطلب على المياه والموارد المتاحة والمنافسة على استخدام المياه وإدارة موارد المياه والأمن المائي وحماية وترميم النظم المتصلة بالمياه.
ونوه المنتدى الى ان مسودة قانون المياه ترقى لمستوى نظام تنظيمي إداري لوزارة المياه والري لا غير وتشمل اقتباسات حرفية من قانون سلطة المياه رقم (18) لسنة 1988 في المهام والمسؤوليات والحاكمية ولا ترقى للمفهوم الأوسع والأشمل للإدارة المتكاملة لمصادر المياه في ضوء الاستراتيجية المائية وبموجب ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺨﻁﻁ ﻭﺍﻟﺒﺭﺍﻤﺞ ﺍﻟﻘﻁﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺒﺜﻘﺔ ﻋنها.
وأضاف المنتدى: "لعل من أهم المحاور التي أغفلتها مسودة القانون هو تنظيم وإدارة وتخطيط الموارد المائية من خلال وضع ﺍﻟﻤﻭﺍﺯﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ ﻭﺘﻘﻴﻴﻡ ﺤﺠﻡ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻴـﺎﻩ ﻭﺍﻟكميات ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﺴﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻟﻠﻘﻁﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺔ ﻟﻠﻤﻴـﺎﻩ ﻭﺫﻟـﻙ ﻤـﻥ ﺨﻼل ﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﻭﺘﻘﻴﻴﻡ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﺎﺘﻬﺎ ﻭﺍﺠﺭاء ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻭﺘﻨﻤﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺸﺒﻜﺔ ﺍﻟﺭﺼﺩ ﺍﻟﻤﺎﺌﻲ ﻟﻜل ﺤﻭﺽ ﻭﺍﻟﺸﺒﻜﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ، ووضع مبادئ التخطيط المائي على ضوء ﺘﻘﻴﻴﻡ ﺍﻷﺤﻭﺍﺽ المصادر ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺸﺘﻤل ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤﺅﺸـﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻭﻀﻊ ﺍﻟﻤﺎﺌﻲ ﻭﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻟﻜﺎﻓﺔ ﺍﻻﺴـﺘﺨﺩﺍﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﺯﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻤﺎﺩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁﺔ ﻭﺍﻟﻁﻭﻴﻠﺔ ﻭﺘﻌـﺩ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﺴﺎﺴﺎ ﻟﻭﻀﻊ ﺒﺩﺍﺌل ﺍﻟﺨﻁﺔ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ، ومنها مياه الري.".
واكد أعضاء المنتدى انه من المهم تبويب المحاور بشكل واضح ومستفيض في مسودة القانون وهي الاستخدامات القطاعية للمياه للأﻏﺭﺍﺽ الزراعية ﺍﻟﻤﻨﺯﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼـﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴـﻴﺎﺤية، الأمن المائي في الإطار الوطني والإقليمي، حقوق وتراخيص المياه، الحفاظ على المياه وحمايتها من التلوث، فاقد المياه، الحماية من السيول والتغيير المناخي و إجراءات الضبط و العقوبات الجزائية.
ان المادة للمادة (8) من مسودة القانون فقد أشارت إلى إنشاء وحدة مستقلة تسمى (وحدة تنظيم قطاع المياه)، تهدف إلى تنظيم قطاع المياه على أساس التوازن بين مصالح الشركات والمستهلكين ومن ضمن مهامها دراسة تعرفة أثمان المياه لمختلف الاستخدامات وتكاليف إيصال خدمة المياه والصرف الصحي ورفع التنسيبات للوزير.
وزاد الجدوى من إنشاء وحدة تنظيم قطاع المياه غير مفهوم حيث تعتبر هيئات التنظيم القطاعية مؤسسات مستحدثة نسبياً في الجهاز الحكومي في الأردن وأُنشئت إثر تبني الدولة لمبدأ اقتصاد السوق وما تطلبه ذلك من خصخصة لأهم القطاعات الحيوية مثل قطاعي الاتصالات والكهرباء، وبحيث انسحبت الحكومة من مهام إنشاء البنى التحتية والتشغيل وتقديم الخدمات والتي أُنيطت جميعها بالقطاع الخاص، وتولت الهيئات التنظيمية مهمتي الرقابة والتنظيم لهذه القطاعات بهدف تحفيز المنافسة المشروعة فيها وضمان تقديم الخدمات بجودة عالية وأسعار معقولة ووفقاً للسياسة العامة الموضوعة من الحكومة لكل قطاع من القطاعات التي تمت خصخصتها.
وقال أعضاء المنتدى إن هذا لا ينطبق على قطاع المياه الذي مازالت أصوله مملوكة للحكومة التي تقوم بتمويل إنشاء البنى التحتية والتشغيل في قطاع المياه، من مصادر التمويل المتعددة (خزينة، منح و قروض إنمائية) وبالتالي الغاية من إنشاء الوحدة وهي تنظيم قطاع المياه على أساس التوازن بين مصالح الشركات والمستهلكين مضللة، وهي فعلياً ستقوم بمراقبة أداء شركات المياه المملوكة للحكومة ومسؤولة عن التشغيل والصيانة وتحصيل الإيرادات و ليست مسؤولة عن تمويل وإنشاء البنى التحتية، مع التأكيد أن القانون مدار البحث لم يوضح آلية أو الجهة التي ستؤول إليها ملكية أصول ومنشآت سلطة المياه التي تبلغ قيمتها حسب البيانات المالية المدققة ما يزيد عن 3 مليار دينار أردني.
وبالنسبة للمادة رقم (11-ب) من مسودة القانون، أشار أعضاء المنتدى الى أنها أخضعت الأبنية القائمة في المملكة جميعها والتي ستنشأ بعد ذلك باستثناء المخصصة منها للعبادة لدفع مساهمة سنوية مقدارها (10%) من صافي قيمة الإيجار السنوي المقدر للبناء لغايات الضريبة وفق قانون ضريبة الأبنية والأراضي داخل مناطق البلديات المعمول به، سواء أكان البناء معفى من تلك الضريبة أم غير معفى منها، ويتم تحصيل هذه المساهمة مع ضريبة الأبنية والأراضي من قبل وزارة المالية أو أي جهة رسمية أو بلدية يفوضها وزير المالية بذلك داخل مناطق البلديات، حيث ورد هذا النص سابقاً في قانون سلطة المياه رقم (18) لسنة 1988 الذي أخضع الأبنية القائمة في المملكة جميعها والتي ستنشأ بعد ذلك باستثناء المخصصة منها للعبادة لدفع مساهمة سنوية مقدارها (3%) من صافي قيمة الإيجار السنوي، وبالتالي تكون الزيادة في نسبة المساهمة السنوية (7%).
ولفت المنتدى إلى أن إجمالي قيمة الإيرادات المبنية على مساهمة ال (3%) حوالي 37 مليون دينار سنوي (حسب البيانات المالية الموحدة المدققة لقطاع المياه) وزيادة نسبة المساهمة السنوية إلى (10%) سيزيد قيمة هذا الإيراد الثابت ليصبح 110 مليون دينار أردني سنويا أي بزيادة مقدارها 73 مليون دينار.
وتابع أن هذه الزيادة ستحقق إيراد لقطاع المياه لا علاقة له بالأداء التشغيلي أو معايير ومؤشرات الأداء (إيراد غير تشغيلي)، وستعمل على خلق تشوهات وإخفاء عدم كفاءة الإدارة والفعالية التشغيلية.
وفيما يتعلق بالمادة رقم (16-أ) أجازت بموافقة مجلس الوزراء أن يعهد وزير المياه والري بتنفيذ أي مشروع من مشاريعها إلى أي جهة أخرى من القطاع الخاص وفق شروط ومدد تحدد في العقود، في حين ان هذا يعتبر استثناء ومخالفة لمواد قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص رقم (17) لسنة 2020 الذي نص في المادة رقم (22) " لا يعمل بأي نص ورد في أي تشريع آخر يتعارض مع أحكام هذا القانون".
وقال أعضاء المنتدى إن قطاعي الطاقة و المياه قد رتبا على الحكومة الأردنية، سابقاً ومن خلال استثناءات مماثلة خارج مراقبة وزارة المالية وقوانين الشراكة في حينه، التزامات مالية مباشرة وطارئة على المالية العامة والدين العام أو من خلال تقديم دعم مالي حكومي مباشر أو غير مباشر، تتعارض مع مبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة، وبالتالي فإن تضمين هذه المادة في مسودة قانون المياه غير حصيف.
وقدم المنتدى مقترحا يتضمن شطب المادة أو تعديلها للتوافق مع قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص والإشارة إلى دور وحدة الشراكة التي تم إنشاؤها حديثاً في رئاسة الوزراء والتي ستعمل على المساعدة على تحديد مشروعات الشراكة المحتملة وأولوية السير بها وإعداد مذكرة مقترح مشروع الشراكة وإعداد التحليل التفصيلي لجدوى مشروع الشراكة من الجوانب المؤسسية والقانونية والفنية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والسلامة العامة ودراسة ديمومة مشروع الشراكة والتحقق من القيمة المضافة مقابل المال وقدرة الجهة المتعاقدة على تحمل تكاليف مشروع الشراكة وتحليل مخاطر المشروع والحد منها وتوزيعها على الطرف الأقدر على إدارتها.
وشدد أعضاء المنتدى على ان القانون لم يشر إلى متلازمة المياه-الزراعة والطاقة الثلاثية وجرت العادة على أن تكون المياه والطاقة والزراعة محل تركيز سياسات منفصلة، كل منها بتخطيطه الاستثماري المنعزل عن الآخر، حيث وضعت الأطر التنظيمية والمؤسسات والبنى الأساسية للتصدي للتحديات والمطالب الخاصة بكل من هذه القطاعات.
قانون المياه الجديد يعتبر فرصة لتغيير ذلك إلى نهج جديد يتناول المصير المشترك لهذه القطاعات المختلفة وخصوصاً بعد جائحة كورونا التي رسخت القناعة بضرورة دمج مختلف السياسات الخاصة بالمياه والطاقة والزراعة لتحسين كافة القطاعات وأيضا الاقتصادات التي يعتمد عليها الإنسان.