المسؤولون وملعقة الذهب

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/17 الساعة 01:03
استكمالاً لما كتبته في المقال السابق, عن جهل الكثيرين ممن يتصدرون المشهد العام ويحتلون المواقع المتقدمة بالأردن وبتاريخه وتاريخ وسيرة البناة الأوائل للدولة الأردنية, اتوقف اليوم عند ظاهرة لم نكن نعرفها سابقاً في الأردن, وهي انتشار الخطاب الطبقي البغيض الذي يحاول البعض أن يغلف به طموحه الشخصي, المشروع كهدف المرفوض كأسلوب, من ذلك ان الكثيرين من هؤلاء يقدمون أنفسهم كأبناء حراثين, وان من حقهم أن يحتلوا المناصب على هذا الأساس. فات هؤلاء أن المجتمع الأردني عند تأسيس الدولة كان مجتمع فلاحة وبداوة, وأن مهن الغالبية الساحقة من الأردنيين كانت مرتبطة بالأرض والمواشي, وبهذا يتساوى معظم الأردنيين بأنهم أبناء حراثين ورعيان, وهذه من اطهر المهن التي عرفها الانسان وعمل بها الكثير من رسل الله, لكنها لا تصلح كذريعة لفريق من الاردنيين في مواجهة فريق آخر. ما ينطبق على مقولة أبناء الحراثين, ينطبق تماماً على القول أن فلاناً الذي وصل الى الموقع الفلاني هو ابن قرية, مما يعتبره البعض تحولاً في تاريخ الأردن, وكأن الربة التي خرج منها هزاع المجالي كانت مدينة مزدهرة, وكأن اربد التي درج في حارتها الشهيد وصفي التل كانت حاضرة مزدحمة, وكان جرش التي جاء منها مضر بدران كانت مدينة تكنولوجية, وكان أم العمد حيث ترعرع فيصل الفايز كانت حاضرة صناعية, بل أن عمان نفسها التي نشأ فيها زيد الرفاعي وزيد بن شاكر لم تكن مدينة بالمفهوم العصري للمدن, فعند تأسيس الدولة الاردنية الحديثة لم تكن لدينا مدن حقيقية, ومن هذه الحقيقة يمكن القول أنه مثلما أن غالبية الاردنيين هم ابناء حراثين ورعيان فهم ابناء قرى وبوادي, وهي حقيقة تبين حجم الانجاز الذي حققه البناة الاوائل للدولة الأردنية, الذين صنعوا حياة مدنية عصرية حتى في ريفنا وباديتنا. مقولة ثانية من مقولات الخطاب الطبقي الذي يحاول ان يروجه البعض ترجمةً للجهل بتاريخ الاردن, قولهم لترويج من يحبون أنه لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب, فمن قال ان حابس ووصفي وهزاع وفيصل ومعروف البخيت ويوسف الحنيطي, وغيرهم من قامات الدولة الاردنية ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب, فالحقائق تقول أن معظم المسؤولين الكبار في بلدنا بمن فيهم رؤساء وزارات كانوا يسكنون بيوتاً مستأجرة, ويعانون من تراكم الديون, فقد كانت طهارة اليد اهم مزايا المسؤول الاردني, وعندما غابت هذه الميزة صرنا نعاني الأمرين من مسؤولي هذه الايام, لذلك فإن المطلوب أن يكون خطابنا باتجاه اعادة القيم التي قامت عليها الدولة الاردنية, بدلاً من استخدام خطاب الكراهية لتمرير المزيد من الفساد والمحسوبية؟!. Bilal.tall@yahoo.com الرأي
  • مال
  • الأردن
  • الاردن
  • الربة
  • اربد
  • جرش
  • عمان
  • الحديثة
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/17 الساعة 01:03