هل نشتري المنتجات لأننا نحتاجها، أم لأن الشخص الذي نتابعه حدثنا عن مدى روعتها؟
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/16 الساعة 10:54
مدار الساعة - تعددت الأشكال، والهراء واحد! هذا ما تحول إليه تسويق مشاهير الشبكات الاجتماعية.
لقد تربينا على الإعلانات التي كانت في حد ذاتها شكلاً من أشكال الترفيه. وكانت تُضحكنا وتُعلّمنا وتقربنا من بعضنا.
وإذا كنت ممن عاصروا الفترة التي سبقت هيمنة الشبكات الاجتماعية، فستعرف أن الموسيقى المصاحبة لهذه الإعلانات كانت ألحاننا المفضلة في طفولتنا وشبابنا. وكنا نحفظ كلماتها ولقطاتها عن ظهر قلب.
كانت مبتكرة وخلاقة ولا تُنسى. ودلت جودتها على الجهد الحقيقي المبذول في صناعتها. لدرجة أن التفكير فيها الآن يثير فينا مشاعر قوية بالحنين إلى الماضي.
ولكن في عام 2020، أصبحت الإعلانات القصة نفسها لكن شخصاً مختلفاً يرويها، شخصاً يبدو شبيهاً تقريباً بالشخص الآخر الذي قد أضيفه.
الإعجابات والتعليقات والمشاهدات والمتابعون… أصبحت عملة عصرنا. وهنا يأتي دور مشاهير الشبكات الاجتماعية. ولأن الأجهزة المحمولة والشبكات الاجتماعية أصبحت مهيمنة على حياتنا، فمن المتوقع أن يتجه أصحاب المنتجات إليها في محاولة لزيادة المبيعات. والاستعانة بمشاهير الشبكات الاجتماعية أمر منطقي من الناحية التجارية، لأنهم يجذبون الكثير من الاهتمام الذي يمكن مشاركته مع المنتجات وهو ما يعود على الجميع بالنفع.
فأثناء تقليبك العشوائي في أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، قد ترى شخصاً ربما يحمل حسابه علامة "صح" زرقاء يخبرك عن منتج يحتفظ به أو يستخدمه، وكيف أنه قد يرغب في الحصول عليه، بل ويعطيك كوداً لتحصل عليه بسعر مخفض.
وثبت أن مشاهير الشبكات الاجتماعية مصدر دخل ضخماً للشركات.
وماذا يخبرنا ذلك عن مجتمعنا بشكل عام؟ هل نشتري هذ المنتجات لأننا نحتاجها، أم لأن الشخص الذي نتابعه حدثنا عن مدى روعتها؟
هل نحن مجرد مقلدين، يمكن التلاعب بهم بسهولة، أم خائفون من ضياع الفرص أم أننا نحاول تقليد الجيران؟
وحتى لو كانوا يجيدون إخفاء ذلك، فنحن شبه متيقنين من أن هؤلاء المشاهير لا يستهلكون بالضرورة المنتجات التي يحاولون دفعنا لشرائها أو يحبونها. ونعلم أنهم يروجون لهذه المنتجات لمنفعة مالية. ولا يبدو أن هذا النفاق ينجح في إبعادنا.
هل شاهدتم مقطع الفيديو الذي انتشر على يوتيوب لبعض المخادعين الذين أرسلوا صخوراً زائفة إلى بعض مشاهير الشبكات الاجتماعية المطمئنين الذين حاولوا الترويج لها لمتابعيهم؟
وما الدروس التي يمكننا تعلمها أيضاً من تحدي #fakeinfluencer على تيك توك الذي ينطوي على تظاهر بعض الأشخاص بأنهم من المشاهير والمؤثرين ويخبرون "متابعيهم" مجموعة من الأكاذيب وهم على مقربة من أخ أو زوج أو والد أو قريب أو صديق لتسجيل ردود أفعالهم على هذه الأكاذيب الواضحة؟
كما أن الجزء الأكبر من مشاهير الشبكات الاجتماعية لا يحاولون "الإعلان" عن هذه المنتجات بطريقة إبداعية أو مشوقة، بل يكتفون بترديد الكلمات نفسها مراراً وتكراراً أثناء حديثهم عن أي منتج جديد. فهل يموت الإبداع بهذه الطريقة؟
ولأن هذا الأسلوب أصبح من الأساليب السائدة للإعلان عن أي منتج حالياً، فهذا دليل على فعاليته.
وصحيح أنه لا يمكننا التخلص منه تماماً. فالاستعانة بالمشاهير في الإعلانات عن المنتجات أسلوب شائع منذ الأزل. لكن هؤلاء كانوا دوماً أساطير وشخصيات بارزة عملت بجد ولسنوات عديدة لبناء مكانتهم والحفاظ عليها. كانوا أشخاصاً يشاهدهم الناس ويريدون تقليدهم. أرادوا أن يكونوا مثلهم. أن يكونوا هم. وكان هذا هو السبب وراء بيع هذه المنتجات.
لكن هذه الأفكار تغيرت عام 2020. فأصبح القليل من الاهتمام كافياً لمنح الشخص شهرة فورية وإذا صقلها قليلاً، فسيصبح من المؤثرين ومشاهير الشبكات الاجتماعية.
لكن هذا الاتجاه مثله مثل أي اتجاه آخر لا بد أن يختفي في نهاية المطاف. وأعتقد أننا سنستريح جميعاً إذا حدث ذلك.
فقد يعيدنا ذلك إلى العصر الذهبي للإعلانات عالية الجودة، وينقذنا من ثقافة الاستهلاك، ويساعدنا في تحسين صحتنا النفسية، وظروفنا المالية بعد تراجع دوافع الشراء، وفي إنقاذ الكوكب على المدى الطويل من تراجع التصنيع.
وجميعنا نحب أن يحدث ذلك، أليس كذلك؟
– هذا الموضوع مترجم عن موقع Medium الأمريكي.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/16 الساعة 10:54