الأردن وحمولة المعازيب!

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/15 الساعة 23:29
بقلم: شحاده أبو بقر في موروثنا الشعبي العشائري والعائلي المعروف سابقا قبل أن يصبح لدينا مطاعم لطبخ المناسف ومتخصصون في خدمات الضيافة كالقهوة الأردنية السادة وملحقاتها، كان بعض أقرباء الداعي المعزب هم من يقومون بهذه المهمات تكريما للضيوف المدعوين. أما كيف يجري ذلك، فعلى النحو التالي: تنقسم حمولة المعزب الداعي إلى قسمين، قسم هم الأكثرية ينصبون بيت شعر أو خيمة قريبة من الصيوان المعد للمدعوين، ويتولون هم بأنفسهم طبخ المناسف على نار الحطب ثم إعدادها وترتيبها جيدا وغايتهم النبيلة هي إعانة قريبهم المعزب صاحب الدعوة وتبييض وجهه مع ضيوفه، وبعضهم يتولون وبإخلاص صادق أيضا سكب القهوة وماء الشرب للضيوف والترحيب بهم وخدمتهم, فيما تتولى بعض نساء الحمولة طبخ الأرز وتجهيزه للمناسف. القسم الثاني من حمولة المعزب وهم قلة يعدون على أصابع اليدين أكثر أو أقل، لا يكلفون نفوسهم بأي تعب، يتوزعون جلوسا مرتاحين في صيوان الضيوف، وتنحصر مهمتهم بتوزيع الابتسامات المصطنعة على الضيوف والسؤال عن حال هذا وذاك، وكلما حضر ضيف نادى أحدهم أو أكثر يا ولد هات القهوة.. صب لأبو فلان.. وزع ميه.. الله حيهم ولا أكثر من ذلك، فيما القسم الأول وهم الكثرة يتدارون عند عملية الطبخ ويصطلون بنار الحطب يتصبب عرقهم وهم بما يفعلون سعداء بإخلاص، وغايتهم الصادقة كما أسلفت هي بياض وجه قريبهم صاحب الدعوة المنشغل بإستقبال الضيوف. وعندما يقترب وقت توزيع المناسف في صيوان الضيوف من قبل شباب الحمولة, ينهض أفراد القسم الأول من مقاعدهم المريحة داخل الصيوان ليشرعوا بالمناداة وبصوت عال يثير جلبة.. هاتوا طاولات هون, لا, حط الطاولة هذي هناك قدام أبو فلان، وزعوا ميه يا شباب، ولا بأس من أن يقوموا ولو بتحريك الطاولات حتى وهي في مكانها للدلالة على أنهم مهتمون براحة المدعوين, تلك هي مهمتهم لا أكثر ولا أقل، حكي بحكي بروبغندا يعني. يحمل أفراد القسم الأول وهم الأكثرية كما أسلفنا، المناسف برغم تعبهم الذي إستمر لساعات ويوزعونها أمام الضيوف مع الشراب والماء ويخرجون خارج الصيوان ولسان حالهم الدعاء بأن يتمم ربنا سبحانه على خير وأن يتناول الضيوف طعاما طيبا ويشيدون بالمعزب. وما أن يشرع الضيوف بالقيام لتناول الطعام, حتى يسارع أفراد القسم الثاني أهل البروبغندا بالاندساس بينهم يلتهمون الطعام بنهم حتى قبل الضيوف ولسان حالهم حاسد للمعزب على وليمته لكنهم يأكلون أطيب اللحم. أما الأكثرية أفراد القسم الأول من أقارب المعزب، فقد يجد بعضهم بقايا مناسف طوره ثانية وقد لا يجدون، فيعودون في ختام الوليمة إلى بيوتهم يبحثون عن شيء من طعام عند نسائهم وهم جد سعداء بأن سارت الأمور على خير، وبيض الله وجه قريبهم المعزب مع ضيوفه وضيوفهم، وهذا هو غاية ما يتمنون وهو المصلحة العامة حتى وإن عادوا إلى بيوتهم بجوعهم. بصراحة.. هذا هو حالنا في الأردن ولسوء الحظ، قلة تحظى بكل شيء حتى دون تعب ولا حاجة بها لما يسمى إخلاصا للمصالح العامة، وكثرة راضية بما آتاها الله حتى وإن لم تحصل على شيء، وجل غايتها هو أن يستر الله الوطن ويكفل له الأمن والإستقرار. لا حول ولا قوة إلا بالله. هو سبحانه من وراء قصدي.
  • الأردن
  • نساء
  • سلف
  • شباب
  • يعني
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/15 الساعة 23:29