يُدرِّس 4 علوم فقط.. هل ينجح نظام «STEM» التعليمي في العصر الحالي؟
مدار الساعة - تجهز ندى الشافعي – الطالبة الثانوية بإحدى مدارس «STEM» في مصر – حقيبة سفرها وتحضر أدواتها للذهاب إلى المدرسة، إذ تُعد كل مدارس «STEM» في مصر مدارس داخلية يقيم فيها الطلاب مدة الدراسة في السكن الدراسي.
تذكر ندى أن «STEM» من أفضل الأمور التي حدثت في حياتها؛ إذ تُعرف هذه المدارس الثانوية – والذي يُقدر عددها في مصر بـ15 مدرسة – بأنظمتها المختلفة عن باقي مدارس الثانوية العامة في مصر؛ والمعروفة بمدارس المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا.
يُعد «STEM» منهج تعليم مبتكر في الولايات المتحدة، يعتمد على فكرة تعليم الطلاب أربعة تخصصات محددة، هي: العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، بنهج تطبيقي.
بدلًا من تدريس التخصصات الأربعة ضمن مواد منعزلة ومنفصلة، تقوم «STEM» بدمجها في نموذج تعليمي متماسك يعتمد على تطبيقات العالم الحقيقي.
ويعتمد البرنامج أيضًا على بحث الطالب عن المعلومة من المصادر المختلفة، وعدم الاعتماد على منهج دراسي مُقَيد؛ وذلك لتلبية حاجة السوق التي تُقدر في أمريكا بحوالي 8.65 مليون عامل في الوظائف المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، في الوقت الذي يواجه فيه قطاع التصنيع نقصًا مقلقًا في الموظفين ذوي المهارات اللازمة.
بدأت مدارس «STEM»، أو «مدارس المتفوقين»، في الظهور في مصر عام 2011م، حين تأسست أول مدرسة في مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، تلاها إنشاء مدرسة المتفوقات بزهراء المعادي بمحافظة القاهرة عام 2012م، ثم في العام الدراسي 2015/ 2016 أنشئت سبع مدارس تغطي عدة محافظات مصرية، مع الحرص على اتباع مواصفات موحدة لجميع مدارس المتفوقين، وتؤهل هذه المدارس للكليات العلمية الطبية بأنواعها والهندسية، كما يدرس الطلاب فيها باللغة الإنجليزية.
نظام «STEM» في مصر.. رسوب وعزوف «المتفوقين»
مع أن ندى ترى أن التحاقها بمدارس المتفوقين أحد أفضل إنجازاتها، فإنها عددت سلبيات مدارس «STEM» في مصر، التي كان أبرزها ما يُعرف بـ«النسبة المرنة»، التي تقتضي تحديد عدد مقاعد محدد من كل كلية خاصة بطلبة «STEM».
مثلًا، إذا نجح 100 طالب في نظام «STEM» وكان عدد الطلاب الناجحين في الثانوية العامة 1000، مع توفر 200 مقعد في كلية الطب مثلًا، ستتدخل هنا النسبة المرنة؛ والتي تقسم عدد طلاب «STEM» الناجحين على عدد طلاب الثانوية العامة الناجحين، ثم تضرب العدد في عدد المقاعد المتوفرة في الكلية لينتج رقم المقاعد المتاح لطلاب «STEM»، والذي يقدر عددهم في المثال السابق بـ20 مقعدًا لطلاب «STEM».
تكمن المشكلة هنا – في وجهة نظر ندى – في النسبة القليلة المتاحة لطلاب تقديراتهم الدراسية في طبيعتها مرتفعة، ما يعني أنك مهما حصلت من تقدير في نظام «STEM» فقد تجد نفسك في النهاية في الكلية التي لا ترغب فيها، بل إن المجموع نفسه الذي حصلته في نظام «STEM» يمكنك من دخول الكلية التي تريدها إذا كنت طالبًا عاديًّا بالثانوية العامة.
وهذا أحد أسباب عزوف الطلاب عن مدارس المتفوقين في مصر، والتي تكون سببًا في فشلهم فيما بعد في وجهة نظر هؤلاء الطلاب المتفوقين.
ولأن العديد من الطلاب قرروا التحويل من مدارس المتفوقين ليكملوا تعليمهم في نظام الثانوية العامة، فرضت الحكومة رسوم تحويل 50 ألف جنيه في حالة إتمام السنة الدراسية الأولى، و80 ألف جنيه عند إتمام سنتين دراسيتين.
الجدير بالذكر أن الطالب المتقدم من المدارس الحكومية لمدارس المتفوقين يدفع 1000 جنيه في السنة، و30 ألف جنيه في حالة القدوم من مدرسة دولية، مع دفع 2000 جنيه ثمن اللابتوب، الذي يُسترد بعد انتهاء الدراسة.
ظهرت سلبية أخرى في مدارس «STEM»؛ إذ سجلت سنة 2018 رسوب 44% من إجمالي عدد الطلاب المسجلين في مدارس المتفوقين. فبعد ظهور نتيجة الثانوية العامة، انتفضت شبكات التواصل الاجتماعي وتهكمت على نتائج مدارس «STEM»، التي حولت الطلاب المتفوقين إلى راسبين، وبنسبة شارفت على النصف. وهو ما أجبر وزير التربية والتعليم على اتخاذ الإجراءات اللازمة وإعادة التصحيح، والنظر في أسباب نسبة الرسوب المرتفعة.
نظام «STEM» في أمريكا
أما عن أمريكا، التي ابتكرت نظام «STEM»، فمع أنها بلاد رائدة في هذه المجالات (العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات)، فإن عددًا أقل من الطلاب باتوا يركزون على هذه الموضوعات مؤخرًا.
وفقًا لوزارة التعليم الأمريكية، يهتم 16% فقط من طلاب المدارس الثانوية بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ونظام «STEM»، مما دعا الإدارة الأمريكية في 2009م لتحفيز الطلاب ليهتموا بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتميز فيها لسد حاجة السوق، وللحفاظ على التميز الأمريكي في هذه المجالات عالميًّا.