هدى زعاترة تكتب: اهذا تعليم ام تجهيل

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/08 الساعة 20:03
بقلم هدى حسن زعاترة هكذا كانت الدراسة قبل هذه الجائحة الشرسة: يصطف الطلاب صباحاً لتحية العلم يغرس فيهم حب الوطن كل صباح، يتناولون وجبات فطورهم سوياً، يلعبون مع اقرانهم، يذهب الطفل الى البيت فرحا بعلامة كاملة حصدها من جهده، يتحدث لامه ما قالته له المعلمة، يروي لإخوته ما تعلم، طلاب جامعات يدخلون المختبرات يجرون التجارب يتعلمون من دكاترتهم القدوة الصالحة، يجلسون مع اقرانهم من مختلف التخصصات يتعلمون منهم، اجواء جامعات ومدارس تسودها الجلسات النقاشية والضحكات الصاخبة، فيها العلم والتجارب، والتعلم من الاخطاء. جاء وحش كورونا ليلتهم كل هذه الاحلام والنشاطات، ليجلس الطالب في فراشه ليحضر الحصص ويستمع الى المحاضرات من ذلك الجهاز الممل الذي ينطق ولا يسمع، اطفال باتوا لا يفقهون شيئاً، اجواء دراسية فيها كل شيء ولكنها خالية من ادنى اجواء التعلم، العاب منتشرة في كل مكان، اخوة تصرخ وتلعب، صوت التلفاز يعج في المكان، رائحة الطعام، كل ذلك يشتت انتباه الطفل، ليذهب ويسلم هذه المهمة الى امه، ليزيد على عاتقها حل واجباته، وحتى ترتاح تقوم بحلها هي دون ان تأبه ان يتعلم طفلها، اطفال أهاليهم أميون ارسلوهم الى المدارس حتى لا تتكرر تجربة ابائهم واجدادهم مع ابنائهم، فمن يتحمل مسؤولية هؤلاء الاطفال؟ وتعليمهم الاحرف والارقام والقراءة والكتابة... شهادة تقدير الكترونية لا تحمل ادنى معاني الفرحة والانجاز. اهل فقراء لا يستطيعون تأمين الا جهاز واحد فكيف سيوزعون الوقت بين ابنائهم ليتأكدوا ان كل طفل اخذ حقه في التعليم؟ منصة صماء تتحدث ولا تسمع اسئلة الطلاب ولا مناقشة افكارهم، اصبح التعلم محصورا بحل الواجبات ولجمع العلامات بغض النظر من اين جمعت المعلومات، لا لتعليم الطلاب وتخريج اجيال متعلمة مثقفة. طلاب جامعات؛ اقل المشاكل التي من الممكن ان تواجههم انقطاع التيار الكهربائي او الانترنت، لا مختبرات لا تجارب، اصبح التعليم فقط لاخذ العلامة وتسجيل الحضور لا اكثر ولا اقل... كيف لنا ان أصابنا المرض في المستقبل ان نتعالج عند خريج هذا التعليم البعيد كل البعد عن العلم والمعرفة؟ من له ان يذهب ليبني بيت احلامه عند طالب هندسة الالكترونية دون ان يتدرب او يتعلم اي شيء عملي؟ طلاب يدخلون ليرى الدكتور انه موجود فقط، ان يرى اسمه موجود ولكن يا ترى الطالب وحواسه موجودة؟ دكاترة انهالوا على الطلاب بالواجبات والابحاث، اصبح حتى الطالب المجتهد يشعر بالتعب والملل والتقصير بحق مواده، دكاترة وطلاب لا يعرفون اشكال بعضهم البعض لا يعرفون سوى كبسة بلاستيكية تجمعهم وتفرقهم. شركات اتصال ربحت اضعاف ارباحها السنوية بسبب استخدام كميات هائلة من الانترنت وبطاقات الشحن لاعتماد الطلاب عليها... اهل تضرروا خسروا النقود لتأمين ابنائهم بالأجهزة، فهل بعد كل هذه التكاليف سيفخرون بتخرج ابنائهم متعلمين؟ ومع هذا كله تعليم عن بعد جمع الاحبة، الطلاب واهليهم بدلاً من جلوس الطالب في غرفة مع سريره وكتبه في بلد واهله في بلد اخرى، اصبح الطالب يدرس بين اهله سهراتهم ضحكاتهم اجوائهم العائلية التي لا تعوض. تعددت الآراء اتجاه التعليم عن بعد فهل لنا ان يستخدم كل اطراف هذا التعليم بالطريقة الصحيحة، ام اننا سنسمح لهذا الفايروس ان يدمر تعليمنا واجيال المستقبل كما دمر جميع القطاعات الاخرى، لنعود ونكرر نفس السؤال اهذا تعليم ام تجهيل؟
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/08 الساعة 20:03