المعاني يكتب: خلقت احب الماء

مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/09 الساعة 20:55

* سليم المعاني

خلقت احب الماء
وبعكس معظم الاطفال كنت ابتهج عندما تحممني امي او زوجة اخي ..
كنا نعتبر عائلة مميزة اننا نملك بابوري كاز
احدهما اخرسا والاخر صاحب ضجيج ...
ولانه الكبير ...
كان البابور او البريموس الكبير صاحب المهمات الاصعب
يملأ الكيزان بالماء وهو وعاء من التنك الصلب
ويوضع على البريموس
وعندما تسخن الماء
انزل فورا في الطشت وهو وعاء من التنك ايضا
وتبدا عملية الاستحمام التي كنت اشعر بفرح كبير بها
بينما تكون معركة حامية الوطيس عند معظم الاطفال
يتخللها عدة صفعات ومعط او شد الشعر يعقبهما صراخ وبكاء يستمران الى فترة ما بعد الاستحمام
كنت احب الماء جدا ...
كان صديق العمر نمر حسن نمر وحسن الاسمر يذهبان الى السيل .. سيل المهاجرين القريب جدا من منازلنا فكانا مع اطفال اخرين يخلعون جميعا ملابسهم ويضعونها على اليابسة ويسبحون باستمتاع في مياه السيل التي مصدرها ينابيع المياه المنتشرة على جانبيه قبل ان تستولي عليها سلطة المياه وقبل ان يسقف السيل الذي كان فيما مضى نهرا ويصطاد المواطنون منه السمك .
كنت اقف حزينا انظر اليهم وهم يسبحون بسعادة غامرة وانا لا اجرؤ على السباحة خوفا من والدي ووالدتي وشقيقي الكبير والوحيد
ذات مرة ... وكان اهل الصديق نمر يحذرونه من السباحة بمياه السيل لكنه لم يكن يابه لكلامهم ويسبح وهم لا يعلمون !!
بخبث طفولي ...اخذت ملابسه وهو يعوم دون ان ينتبه واعطيتها لاهله ... اذكر انه عوقب لكن العقاب لم يردعه دون ممارسة هوايته بمياه سيل المهاجرين
كبرنا ...
واصبحت اسبح في مياه البحر الميت عندما نزوره خلال الرحلات
اذكر .. امتع رحلة عوم كانت بمياه المتوسط بالاسكندرية عندما زرتها بمعية صديق العمر الدكتور نبيل خليف المجالي عام ١٩٨٥ ...وكنا بضيافة ميلاد حنا جوده وشقيقه المرحوم جورج وعديل ميلاد
كانت اياما خرافية بحق ... ذهبت تلك الايام الجميلة .. وتفرق ناسها ..
عام ١٩٨٨ على ما اذكر ... نزلنا في رحلة عائلية مع الصديق محمد سمحان وزوجته هانيا العايد وطفلتهما الصغيرة ... وانا وزوجتي ماجدة عاشور وطفلتي بيسان ...
اخترنا مكانا منعزلا بعيدا عن الناس ...
اشعلنا النار وبدانا حفل الشواء ... خلال ذلك نزلت البحر ...
ابتعدت قليلا .. لاجد نفسي في دوامة. اخذت تسحبني وانا اصرخ باعلى صوتي مستنجدا بمحمد الذي سارع لانقاذي وهو يحذرني ان امسك به لكي لا اغرقه واغرق
تمكن محمد من انقاذي.
كتبتها سابقا وقلت تبا لك يا محمد سمحان لماذا انقذتني
وايضا تبا لي
لماذا سمعت كلامك ولم اتشبث بك فاغرقك واغرق
تصور يا محمد لو متنا عام ١٩٨٧
كم من الماسي كنا قد تجنبنا عيشها
وكم من الذنوب لم نقترفها لو متنا في ذلك الزمن
ها انت ستساوم على ذنوبك وتحج لعل الله يغفر لك
وهو حتما سيغفر باذنه تعالى
...........................
منذ ذلك الزمن
وانا اخاف الماء
واتجنبها
اقف على شواطئ البحور والانهار بحسرة كبيرة
اصبحت اعاني من فوبيا الغرق
وفوبيا الاماكن المرتفعة
لكن لا بد لي من هزيمة فوبيا الغرق ...
وان غرقت ...
ستتخلص الفوبيا مني

مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/09 الساعة 20:55