بني طه تكتب: عمالة الاطفال
بقلم: الدكتوره عبير عبد القادر بني طه
في الآونة الأخيرة بدأت تنتشر وتتوسع في المجتمع العالمي ظاهرة تشغيل الأطفال التي أصبحت تترك أثارا سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص … ولقد أخذ هذا الاستغلال أشكالا عديدة أهمها تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسديا ونفسانيا للقيام بها ، علما أن العديد من الاتفاقيات الدولية قد جرمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال ومنها تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً أوأن يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أوأن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي .
الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1989:
وهي اتفاقية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989، لتضع مجموعة من الحقوق المختلفة (الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية) للأطفال، وذلك إلى جانب المادة 32 منها، والتي تعترف بحق الأطفال في الحماية من الاستغلال الاقتصادي، ومن الأعمال التي تهدد صحتهم، أو تؤثر على نموهم؛ فضلاً عن إلزام الدول الأعضاء بوضع حد أدنى لسن العمل.
المادة 32
تعترف الدول الطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الإقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرًا، أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضارًا بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي.
تتخذ الدول الاطراف التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تنفيذ هذه المادة، ولهذا الغرض، ومع مراعاة أحكام الصكوك الدولية الاخرى ذات الصلة، تقوم الدول الأطراف بوجه خاص بما يأتي:
أ- تحديد عمر أدنى أو أعمار دنيا للالتحاق بعمل.
ب- وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه.
ج- فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة؛ لضمان إنفاذ هذه المادة بفعالية.
كما ويعتبر الاردن من اوائل الدول التي صادقت على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الاطفال من الاستغلال الاقتصادي وهي اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولين التابعين لها والاتفاقيات التابعة لمنظمة العمل الدولية ( اتفاقية الحد الادنى لسن الاستخدام رقم 138 ، واتفاقية أسوء اشكال عمل الاطفال 182) ،وتعتبر التشريعات الوطنية المتعلقة بمكافحة عمل الاطفال منسجمة انسجاماً تاماً مع الاتفاقيات الدولية، أشارت نتائج مسح عمل الطفل الذي نفذ عام 2007 من قبل دائرة الإحصاءات العامة إلى أن عدد الأطفال العاملين في المملكة يبلغ نحو 33190 طفلا ممن أعمارهم 5-17 سنة. ويعتبر هذا الرقم أقل بكثير مقارنة مع دول نامية أخرى مماثلة للأردن في مستويات الدخل. وبينت الدراسة أن معدل الإستخدام منخفض جدا بين الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 12 سنة.ويعتبر الاستخدام بين الأطفال الإناث ظاهرة نادرة جدا
إن هذا الوضع يتطلب منا كمؤسسات تهتم وتعنى برعاية الطفل القيام بجهود مكثفة للضغط والتأثير للحد من هذه الظاهرة وإصدار قوانين تحمي أطفالنا وبناء برامج توعية في المجتمع.
مفهوم عمالة الأطفال تنقسم إلى قسمين
الأول سلبي والثاني إيجابي :
مصطلح عمالة الأطفال السلبي: هو العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل ، العمل الذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته ، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه ، العمل الذي يستغل عمالة الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار ، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال وألا يساهم في تنميتهم ، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله .
الثاني المفهوم الإيجابي لعمالة الأطفال: ويتضمن هذا التعريف كافة الأعمال التطوعية أو المأجورة التي يقوم بها الطفل، والتي تناسب عمره وقدراته، والتي يكون لها آثار ايجابية تنعكس على نموه العقلي والجسمي والذهني؛ إذ يتعلم الطفل من خلال العمل المسؤولية والتعاون والتسامح.
وبهذا، تكون ظاهرة عمالة الأطفال غير المرغوبة، والتي يعمل العالم بأسره على مواجهتها والقضاء عليها، هي العمالة التي يكون لها أثر سلبي على الطفل في حاضره أو مستقبله، بأي شكل من الأشكال
من النظر بعين الاعتبار إلى أن استغلال الأطفال ليس بسبب اقتصادي وإنما لوجود قضايا ثانوية أخرى منها الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها الطفل ، وفي بعض المجتمعات النامية دائما يقولون أن الأطفال الفقراء لهم الحق أن يعملوا لأنهم فقراء علما انه لا يوجد أحد يعترف بحق هؤلاء الأطفال بالأجر المناسب للطاقة التي يبذلونها.
وإليكم اهم الأسباب لعمالة الأطفال والتي زاد من نسبتها جائحة كورونا التي اجتاحت العالم وكان لها الاثر السلبي في ازدياد نسبة الطفال الذين يعملون في مختلف القطاعات :
• المستوى الثقافي للأسرة :فائدة التعليم غير معروفة لهم.
• الفقر : الأطفال يرغبون بمساعدة أسرهم، عجز الأهل من الإنفاق على أولادهم.
• قلة المدارس والتعليم الإلزامي .
• نقص بمعرفة قوانين عمالة الأطفال.
• العنصرية.
• الاستعمار والحروب والأزمات التي تخلق عبء اقتصادي.
• النظام التعليمي السائد الذي يسبب ترك المدرسة مثل سوء معاملة المعلمين أو الخوف منهم ، عدم الرغبة بالدراسة ، عدم المقدرة على النجاح في الدراسة ، قد يكون توقيت الدراسة غير متناسب مع أوقات عمل الأطفال(كما في الزراعة مثلا) قد يكون موقع المدرسة بعيدا بالنسبة للأطفال ، الفتيات بشكل خاص، وقد يضاعف من هذه المشكلة فقدان تسهيلات نقل الأطفال في المناطق النائية .
• الاقتصاد العالمي بنقص برامجه لتخفيف الفقر.
اما بالنسبه للتأثيرات السلبية المدمرة لعمالة الأطفال : يوجد أربعة جوانب أساسية يتأثر بها الطفل الذي يستغل اقتصاديا بالعمل الذي يقوم به وهي:
1. التطور والنمو الجسدي: تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة ، والبصر والسمع وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية ، الوقوع من أماكن مرتفعة ، الخنق من الغازات السامة ، صعوبة التنفس ، نزف وما إلى أخره من التأثيرات.
2. التطور المعرفي: يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل ، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدي إلى انخفاض بقدراته على القراءة ، الكتابة ، الحساب ، إضافة إلى أن إبداعه يقل.
3. التطور العاطفي: يتأثر التطور العاطفي عند الطفل العامل فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسرى وتقبله للآخرين وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه.
4. التطور الاجتماعي والأخلاقي: يتأثر التطور الاجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين ، القدرة على التمييز بين الصحة والخطأ ، كتمان ما يحصل له وأن يصبح الطفل كالعبد لدى صاحب العمل
اما بالنسبه لأهم النصائح في موضوع عمالة الاطفال:
إن مجمل ما ننصح به في ظل الارتفاع و التصاعد المقلق لهذه الظاهرة السيئة السلبية لهي بضع نقاط جوهرية علها تحد أو نأمل أن تنقص من الازدياد الهائل لاستغلال الأطفال الأبرياء في العالم و خصوصا نتوجه بنداء للأمم المتحدة بما فيها اليونسكو راجين إياها وضع الحد الفاصل لكي يتمكن الأطفال من عيش حياة طبيعية لائقة لا تؤثر في نموهم الجسدي و لا الذهني و لا العاطفي، كما نرجو حكومات الدول النامية و دول العالم الثالث و المنظمات الحكومية و غير الحكومية أن تسعى جاهدة لإبطال هذا الاستغلال الدنيء الذي يعكر صفو حياة الطفل البريء، و يجعله يلج عالم الكبار مبكرا، فيشتغل و يتعرض لأخطار جمة، و يمارس جنس الباغين و يميل للعنف، المهم نحن سنحاول وضع حلول و نصائح جوهرية لعلها تفيدكم أو تفيد المهتم بإنهاء الاستغلال اللاشرعي للبراءة وهي كالأتي:
1. دمج الأطفال في حياتهم العادية و عدم إرغامهم على العمل بأي شكل.
2. تمدرس الأطفال يشغل وقتهم و يحول دون استغلالهم بأي طريقة كما أنه يجعلهم مثقفين و واعين تجاه أخطار تتعرض طريقهم.
3. الحرص الشديد على ضمان أدنى حد من العيش الكريم للأطفال و منحهم الحق في التعبير و الغذاء و الدراسة و اللعب الذي يسلب منهم مبكرا و كذلك البقاء في كنف الأسرة التي تمثل الغطاء الحامي للطفل و المتنفس الآمن له.
4. ننصح بإغلاق المعامل و المصانع التي تشغل الأطفال و تستغل أجسادهم الضعيفة فمثلا أُنشئت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة لتحسين ظروف العمل في جميع أنحاء العالم. وقد أقرت عددا من التوصيات والأعراف المتعلقة بعمل الأطفال والشباب. فمثلا العرف المحدد للحد الأدنى لعمر العامل يبين متى وأين وما الظروف التي يمكن فيها تشغيل الأطفال.
5. وضع القوانين الرادعة و المتوعدة للذين يستغلون الأطفال و معاقبتهم.
6. المتابعة التربوية و الصحية للطفل و منعه من التشرد و الضياع و الانحراف المبكر.
7. احترام السن القانونية للطفولة و عدم إيلاج الطفل عالم الكبار جنسيا و جسديا و ذهنيا.
8. السعي الحثيث لسن تشريعات و وضع اتفاقيات بين الدول لتنسق الجهود لمنع الاستغلال بشتى ألوانه للأطفال.
9. ضم و تبني الأطفال الذين بدون مأوى و العمل على إعادة دمجهم في المجتمع.