الهروط يكتب: الأزمة الخليجية والدرس الأخير للعرب
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/04 الساعة 23:30
مدار الساعة - كتب: رئيس التحرير عبدالحافظ الهروط
ما تنتجه السياسة من دمار، تدفع ثمنه الشعوب، هذه حقيقة لا يستطيع أي نظام أو مواطن عادي، أن ينكرها، فالنزاعات والحروب ما تزال حاضرة، في حين تكتوي بنيرانها الأوطان وشعوبها، على السواء.
على المستوى العربي، فإنه ولأكثر من مئة عام وعالمنا يعاني الويلات، دون أن يكون هناك أي حل، في الوقت الذي انهى العالم الآخر صراعاته الدموية، بعد أن ادرك خطأ اللجوء الى السلاح على حساب التفاوض على الطاولة.
وما أن رفع الاستعمار بعض وصايته عن الأقطار العربية، حتى وضعها أمام صراع مع العدو الصهيوني، مقدماً له الدعم المطلق، ويجعل منه شرطي المنطقة، قبل أن ينقل الاستعمار ذاته، الصراع العربي الأسرائيلي الى صراع عربي عربي، وبطرق شتى، دفعت ثمنه الباهظ، وعلى وجه التحديد، العراق وسورية، كما شهدت تونس وليبيا ومصرواليمن انقلابات، انعكست على مقدرات هذه الدول.
على اثر هذه الأخطار، انشغلت دول الخليج العربي، بالحرب في اليمن، ونعني السعودية والامارات والبحرين وقطر، فيما تأثرالأردن باللاجئين والنازحين من معظم الدول الشقيقة، ما شكل عبئاً اقتصادياً على الشعب الاردني، وعلى البنية التحتية للدولة.
وليزداد الوضع عربياً سوءاً، تفاجأت الأمة بالأزمة الخليجية، بين السعودية والامارات والبحرين، من جهة، وقطر، من جهة ثانية، وللأسف فإن هذه الأزمة، ما تزال مستمرة رغم المحاولات التي سارع بها الاردن والكويت بقيادة الملك عبدالله الثاني والراحل الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح منذ الساعات الأولى للحل والتصالح.
بعد مرور ثلاث سنوات ونصف السنة على نشوب الأزمة، التي حدثت في عهد الرئيس الأميركي ترمب، تاتي جولة كبيرمستشاري البيت الأبيض، كوشنر، في هذا الوقت المتأخر والمتأخر جداً، "لإصلاح ذات البين" ظناً بأن الجولة، ستبيّض الصفحة "الترمبية" عند أطراف الأزمة التي ظل رئيس الولايات المتحدة، يلعب على تأجيجها، ولتأخذ الأزمة مداها.
جولة كوشنر، تزامنت مع قرب رحيل الرئيس الأميركي عن البيت الأبيض، بعد خسارته الانتخابية المدوية أمام منافسه جو بايدن، وهو –أي ترامب- الذي خط بتوقيع طويل فيه ارتفاعات ومنخفضات تشبه عمل جارور تركتور ملأ به الصفحة معلناً نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس، وبعنجهية لم يسبقه الظهور بها أي زعيم متغطرس في العالم، حتى أنه وقّع التوقيع ذاته والعنجهية ذاتها، وهو يتحدى الشرعية الدولية، معتبراً الجولان السورية المحتلة أرضاً لإسرائيل، وهي التي لا أرض لها، ولا شرعية إلا شرعية المستعمر المحتل.
لا يوجد عربي واحد، وكل من يناصر القضايا العربية، بحق، أن يظل الصراع العربي الاسرائيلي قائماً، وأن تظل الأزمة العربية العربية تلد أزمة، بما فيها الأزمة الخليجية، ، إذ لا استقرار لشعب عربي او نظام سياسي عربي، والمنطقة العربية برمتها، دون وحدة الشعوب ووحدة الأنظمة.
ما حدث على امتدار نحو قرن، من نزاعات وانقلابات وأخطاء في التحالفات مع قوى خارجية، يجب ان يكون الدرس الأخير لتصالح الأنظمة السياسية في ما بينها، ومع شعوبها، وإلا فإن العرب وحدهم هم الخاسرون، ولا يوجد بينهم منتصر.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/04 الساعة 23:30