عن الأطلال القادمة !!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/09 الساعة 01:23
عبارة يتردد صداها بشكل شبه يومي في ذاكرتي، سمعتها ذات يوم من الصديق الراحل المبدع غالب هلسا، هي باختصار لو اننا كنا نعرف قبل عشر سنوات اننا سنعيش مثل هذه الايام، او بمعنى ادق «نموتها» لما اضعنا دقيقة واحدة في الشكوى مما كنا عليه، ولو كنت اعرف عندما قال لي غالب تلك العبارة انني سأعيش وارى ما ارى لردّدت العبارة ذاتها، وما قاله غالب كنت اسمعه ايضا من امي لكن بصيغة اخرى، فقد سبقها ابي الى العالم الاخر بثلاثين عاما، وفي الايام الحزيرانية الستة التي ما نزال نعيش يومها السابع، حسدت امي ابي؛ لأنه مات قبل ان تشمله الهزيمة . فهل قدرنا هو المفاضلة الى الأبد بين السئ والاسوأ والأشد سوءا ؟ وهل البكاء على الاطلال جوهر هويتنا، احيانا اتصور بأن كان فعل ماض تام وليس ناقصا كما علمونا في درس النحو ! فنحن قبل ستين عاما كنا بفلسطين واحدة، لهذا كان هناك متسع للبعض كي يذرفوا الدموع على الاندلس او الاسكندرون او عربستان ، لكننا الان بعدة فلسطينات وبعشرات الملايين من المشردين واللاجئين والحالمين بالعودة .. لم يخطر ببال احدنا مهما بلغ من السوداوية والتشاؤم ان يتخيل بأن اللاجىء الفلسطيني سوف تتغير لديه بوصلة العودة، بحيث يصبح الحنين الى مخيم آخر، ولم يخطر ببال احد ان من كانوا ذات عروبة عابرة سيصبحون لائذين، ومن كانوا انصارا سيصبحون مهاجرين ومن كانوا ملاجئ سوف يصبحون لاجئين ! وكما حسدت امي ابي ذات هزيمة، احسد غالب وكل من زكمت انوفهم رائحة هذا الوقت ورحلوا غير نادمين على حياة هي في حقيقتها دون الموت بكثير ! ومن كانوا يشكون من محاصيل سايكس بيكو ومن العشرين دولة عربية ونيف التي تتشكل منها جامعة الدول العربية وليس جامعة الشعوب، عليهم ان يستعدوا لسماع ثمانين نشيدا وطنيا ما دام هذا الوطن العربي الذي اصبح اسمه العالم العربي قد تحول الى كسور عشرية، بحيث تحلم كل طائفة وكل حارة وكل زقاق بالاستقلال لكن عن الام هذه المرة وليس عن زوجة الاب سواء أكانت فرانكفونية ام انجلوساكسونية !
الدستور
  • لب
  • نعي
  • عرب
  • عربية
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/09 الساعة 01:23