وصفي

مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/29 الساعة 07:51
استشهد وصفي التل, ومازلنا في كل ذكرى نعيد الكتابة عنه وإليه, منذ (50) عاماً وهو حكاية الأردني التي تسرد, في كل مجلس, وكل مقال وكل ذكرى, والأهم أنه الرجل الذي رفض أن يغادر العقل والقلب. وسؤالي لماذا هذا الرجل بالتحديد يستفز قلب الأردني مع أن الكثير من الناس استشهدت, والكثير منهم سطروا بطولات عظيمة, وبعضهم كان بمثابة أسطورة حقيقية.. لأنه مثل عبدالناصر تماماً, عبدالناصر هو الذي أنتج الشخصية المصرية, وصقلها في الإطار القومي, وأعادها لعروبتها وأنتج منها قائدة للأمة العربية.. ووصفي أيضاً أنتج شخصية أردنية, أنتجها في إطارها القومي العروبي, وأنتجها في إطار الزراعة والبيروقراط, والأهم أنه أنتج الشخصية التي تتحدى وتثبت نفسها, مع أن عبدالناصر ووصفي كانا على النقيض في نظرتهما للقضايا العربية وكل واحد منهما كان يمتلك مشروعه الخاص إلا أنه يسجل لهما.. أنهما ابرزا الشخصية الوطنية. وصفي أيضاً, أسس مفهوم السيادة الثالثة, بمعنى أن للدولة سيادة على الأرض والسماء ولكن أخطر أشكال السيادة هي على الوجدان, وشكل الوجدان الأردني في سياق الدفاع عن الدولة والعرش, عبر خلق ما يسمى بالإعلام التعبوي.. وصفي خلق الأغنية, وأنتج نشرة أخبار.. وجعل الإذاعة منبراً سياسياً مقاتلاً مثله مثل أي كتيبة, عن الفرد والمجتمع.. وعبر هذه الأدوات تحدى المحيط, كان عبدالناصر يخشاه.. وسوريا, لأنه لم يكن موظفاً بل كان مفكراً في السلطة, وأكثر من خافت منه إسرائيل.. لأنها كانت تخشى المشروع في السلطة, وهو ربما الرئيس الوحيد في تاريخ الأردن الذي امتلك مشروعاً مقاوماً. وصفي التل هو من قال أيضاً: لايوجد قضية مركزية اسمها فلسطين, بل يوجد عدو مركزي إسمه إسرائيل.. وكان يبرر الأمر بأن تغليب القضية على العدو يعني البحث عن حل, أما تغليب العدو على القضية فيعني البحث عن حرب.. لهذا كان مشروعه الجبهة الرابعة, مشروعا في المقاومة مهما وخطيرا جدا, ولو أنه استمر لغير وجه المنطقة تماما. وصفي التل.. هو من أنتج هوية, عبر المجتمعات الزراعية, التي قام برعايتها وسن القوانين التي تحميها, هو من زاوج بين الفكر والسياسة والشخصية العسكرية, كان يفهم في السلاح.. بل كان محترفا في الرماية, فماضيه في جيش الإنقاذ أتاح له أن يجوب جبال وتلال وقرى فلسطين, ويعرف كل تفصيل وكل زاوية وكل شجرة. نحن تأسرنا العاطفة اتجاه وصفي, أكثر من الحقائق.. لم يكتب أحد عن حقيقة انشاء البنك المركزي, وكيف قاتل لأجله..لم يتحدث أحد عن غور الأردن وتطويره, عن التعليم وكيف قام بالنهوض به.. وصفي لم يكن رجلا اغتالوه في القاهرة, بل كان أخطر مشروع عربي في التحدي والمقاومة.. ومن اغتيل في القاهرة, هو المشروع وليس الرجل. Abdelhadi18@yahoo.com الرأي
  • نعي
  • الأردن
  • لب
  • عربية
  • أخبار
  • رئيس
  • يعني
  • قوانين
  • عرب
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/29 الساعة 07:51