المساعدة يكتب: وصفي التل رجل الدولة.. مازال طيفك حاضرا
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/27 الساعة 21:06
بقلم:أ.د. عدنان المساعده *
(1)
تسع وأربعون سنة مضت على رحيل شهيد الوطن والأمة وصفي التل االحاضر في ذاكرة الوطن والأمة... فلله درك أيها النجم الذي مازال ساطعا على إمتداد تضاريس هذه الأرض من سفح شيحان الى تل اربد ومن معان الأبية الى مرتفعات جلعاد والسلط ومن بيادر وادي السير الى سهول حوارة ومن شيح المفرق وقيصومها الى وادي الريّان... ما زال طيفك وهيبتك ووقارك الوطني الصادق حاضرا أمام أعيننا أيها النبيل الأسمر الذي رويت الأرض بعرقك لتنبت زرعا يانعا وعزا وكرامة وقمحا وزيتونا وسوسنة واقحوانا ومجدا....أيها المسافر الذي لم تغادر خطاك أرض هذا الثرى الذي أحتضنك بدفء وحنان.
(2)
لقد كنت يا وصفي بحق مشروعا وطنيا سعيت إلى بناء قوة متماسكة نظيفة قادرة على مواجهة كل المؤمرات التي تريد النيل من عزيمة الأردن الهاشمي الوجه والعربي الرسالة، وستظل قطرات دمك الطاهر نبراسا لكل المخلصين وقصة ترويها الأجيال أن الأرض الأردنية تفديها أرواحنا ودماؤنا لتبقى أرض هذا الثرى عصية على كل الحاقدين.
(3)
ان رصاصات الغدر الجبانة التي أطلقتها أيدي أشباه الرجال المرتجفة والنفوس المهزومة المهزوزة التي نالت من جسدك الطاهر ولم تنل من نهجك الذي مضيت شهيدا من أجله، هذه الأيدي الملطحة بالخزي والعار التي إمتدت الى إغتيالك وهي ترتعد خوفا وجزعا من شموخك القومي والوطني الصادق وهيبة طلتك البهيّة، لأنهم يدركون أنهم إغتالوا مشروعا وطنيا صادقا حيث أن الأمانة والخيانة لا يجتمعان، والصدق والكذب لا يلتقيان، ولأن من يعمل لوطنه لا يلتقي مع من يعمل لكسب مغنم رخيص، ولأن نظافة اليد لا تلتقي مع الفساد والفاسدين والمفسدين. نعم ان هؤلاء المرجفين يدركون ذلك وما زالت فرائصهم نرتجف أمام صدق نهجك وصفاء سريرتك تجاه وطن غال بذلت دمك رخيصا لأجله دفاعا عن مشروع النهضة الحفيفي تجاه أمتك الذي كنت تحمله في فكرك الكبير وضميرك اليقظ الحي، وتجاه وطنك الأردن الذي رسخّت فيه النهج المؤسسي المسؤول.
(4)
أي وصفي، نعم لقد ولدت حرّا أردنيا عربيا أبيّا وعشت طودا شامخا في سماء هذا الثرى الذي أحببت وفضاءات قضايا الأمة التي أردت لها الخير والنهضة، كما كنت وفيّا لوطنك ومخلصا لرفيق دربك راحلنا حسيننا العظيم وكنت السند والظهير ورجل المواقف والمهام الصعبة للدفاع عن كرامة الوطن وسيادته التي كانت عنوان مسير حيانك المليئة بالتضحية والفداء، كما هي مليئة بالانجاز الحقيقي والعطاء، ولم يكن في فاموس نهجك التسويف والتأجيل بل الحزم والرأي السديد، ولم يتجرأ أحد في زمنك أن يتهاون في واجب أسند اليه، ولم يكن وجودا لمتقاعس في مؤسسات الوطن، وساهمت في بناء منظومة حقّة تعرف وتدرك ماذا يعني الوطن؟
(5)
أي وصفي أيها القريب القريب....يا من غرست العمل الجاد المخلص ولم تصافح يدك يوما فاسدا أو متخاذلا، ولم تمتد يدك الى المال العام فعشت زاهدا نقيّا وأمينا قويا وأردنيا أصيلا عربيا أمينا في نهجك النزيه في تحريم المال العام، وكنت انموذجا وقدوة للمسؤول النظيف والحريص على مقدرات الوطن يحيط بك الرجال الأوفياء العاملون الصادقون والحماة الأباة.
(6)
نعم، لقد زرعت في نفوس الأردنيين أن الأرض لا يحرثها إلا ابناؤها المخلصون الصادقون، وأن الوطن لا يبنى إلا ببذل أرواحنا رخيصة لتعلم الأجيال أن الوطن أكبر منا جميعا، وكنت الأمين الأمين والقوي القوي الذي لم تهادن ولم تجامل أحدا اذا تعلق الأمر بقضايا الوطن ومقدراته ومستقبله، وكنت جنديا صلبا بالدفاع عن قضايا الوطن وفارسا شهما من فرسان الأمة التي أردت لها النهضة والعزة تحمل مشروع الحق والنزاهة والنهضة، وغير آبه لمخاطر أصوات النشاز ونعيق الغربان من الفاسدين والمتآمرين التي ترتجف اياديهم أمام نظافة يدك وقوة شكيمتك في مقارعة كل فاسد أومترهل.
(7)
نعم، لقد غرست نهج الإنتماء الصادق ممارسة وعملا، وكنت رجل الدولة وحملت الأهداف العالية والغايات السامفة تجاه أردن الكرامة من يوم مولدك وحتى استشهادك، وهكذا عشت حرّا أردنيا وعربيا شهما وما زالت تعيش في ذاكرة الأردنيين والشرفاء من أبناء الأمة، ومضيت الى رحاب الله الأوسع من رحابنا على درب الشهيد الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين طيب الله ثراه.
(8)
نعم أبا مصطقى، لقد كنت قرة عين الحسين وقرة عيون الوطن، ومازالت خطاك ماثلة في قلوب وعقول القابضين على جمر حب الوطن فعلا وقولا، وكل ذرة تراب إشتاقت لوفائك ولمضاء عزيمتك ونبل سواعدك وسمرة وجهك التي لوحتها شمس هذه الأرض التي عشقت، وما زال فكرك مدرسة لكل عربي وأردني مخلص تحمل عنوان العمل والصدق والإنتماء لوطنك الأردن الذي بذلت من أجله دمك الطاهر الزكي.
(9)
رحمك الله يا وصفي يا من حرثت الأرض بنفسك وزرعت مما تنتج من خيراتها، وكانت الزراعة محورا هاما من محاور الإقتصاد الوطني، لأنها مصدر قمحنا وبيادرنا وكبريائنا الوطني، كما كانت الرقعة الزراعية المنتجة أرضا محرّمة على بناء الحجارة والتطاول بالبنيان، لأنها تدخل ضمن سيادة الوطن وتأمين غذائنا بجهدنا وعرق جبيننا. ومضيت الى رحاب الله لم تورث درهما ولا دينارا، بل تركت الديون تراكمت عليك لأنك آمنت أن اليد التي تعبث بمقدرات الوطن هي يد فاسدة قذرة وغير نظيفة، وكانت نفسك الأبية تأبى مصافحتها ولا وجود لها في قاموسك الوطني الذي مارسته سلوكا وأمانة وجرأة، استندت الى عقيدتك العسكرية الفذة، وإيمانك المطلق بأن بناء الأوطان تبنيه السواعد المؤمنة بربها المنتمية لوطنها وقيادتها الهاشمية سلوكا وممارسة بعيدا عن التسويف والتنظير.
(10)
أيها الحاضر ونعيش معنا وبيننا، لك الخلود يا وصفي وللغادرين الذين وجهوا رصاصات الغدر والخيانة إلى جسدك الطاهر الخزي والعار وإلى يوم يبعثون، وستظل قطرات دمك الطاهر نبراسا لكل المخلصين وقصة ترويها الأجيال أن الأرض الأردنية تفديها أرواحنا ودماؤنا لتبقى أرض هذا الثرى عصية على كل الحاقدين. فنم قرير العين فقد عشت أبيّا مرفوع الهامة لم تهادن باطلا ولم تخفض جناحا لمعتد أثيم وكنت الوفي لهذا التراب الذي عشقت، كما كنت سندا وعونا لأغلى الرجال حسيننا العظيم الذي عرف معادن الرجال الصادقين الأوفياء، وسلام عليك مع الخالدين في مقعد صدق في عليين، وسلام على كل من يسير على نهجك بصدق انتمائه لثرى الأردن الطهور، وحمى الله الأردن أرضا وإنسانا ومقدرات، ودام جلالة مليكنا عبد الله الثاني بن الحسين المفدى عنوان سيادتنا ورمز هويتنا سيدا وقائدا، وحفظ الله سمو ولي العهد الأمين.
* كاتب واستاذ جامعي/ جامعة العلوم والنكنولوجيا الأردنية
* عميد كلية الصيدلة سابقا ي جامعتي العلوم والتكنولوجيا الأردنية وجامعة اليرموك
* رئيس جمعبة أعضاء هيئة التدريس سابقا
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/27 الساعة 21:06