الدباس يكتب :ما بين التعليم الخاص والعام.. وتجربتي في المركز الريادي للطلبة المتفوقين
خاطرة سريعة..
وحما بين التعليم الخاص والعام وتجربتي في المركز الريادي للطلبة المتفوقين
عندما انتقلت من المرحلة الإعدادية للثانوية في العام الدراسي ١٩٨٤-١٩٨٥.. تم استدعاء ما يقرب من ٣٠٠ طالب وطالبة من أوائل الطلبة في المرحلة الإعدادية في مدينة السلط لإجراء اختبارات كفاءة وذكاء وتميز و و و.وتمت عملية "غربلة" لنا حتى استقر العدد على ٦٠ طالبا و ٣٠ طالبة.
وكنا أول فوج لما يسمى بالمركز الريادي للطلبة المتفوقين.
وحين بدأنا الدوام. وكان بعد دوام المدرسة بحوالي الساعة.
وجدنا أن من ينتظرنا هم نخبة من أستاذة الجامعة الأردنية ومدارس البكالوريا الدولية.
وكان هذا المركز تحت إشراف جلالة الملكة نور الحسين المباشر.. وبرعاية الجامعة الأردنية ومؤسسة إعمار السلط.
سأختصر تجربتي على مدار ثلاثة أعوام بقولي إن ما قدمه المركز الريادي لهذا الفوج -أي الفوج الأول- كان بمثابة لبنة الأساس في صقل شخصيتنا وبلورة نظرتنا وقوة إمكانياتنا.
لطبيعة المنهاج والمحتوى التعليمي.. ولقوة وكفاءة المعلمين.. وطبيعة النشاطات التي كانت تتوفر لنا. والسفرات الخارجية والداخلية في فترة الإجازة المدرسية فكل مَن تخرج مِن ذلك الفوج هو -وبكل فخر- مرجع في تخصصه أثناء وبعد المرحلة الجامعية.
قامت جلالة الملكة نور بعد ذلك بتأسيس مدارس اليوبيل تحت مظلة مؤسسة نور الحسين وتم استنساخ تجربة المركز الريادي لمدارس اليوبيل.
وتم تسليم المركز الريادي لوزارة التربية والتعليم. بعد رسوخ الفكرة وثباتها واثبات نجاعتها من خلال ما شاهده الجميع على أرض الواقع.
فكان أول ما تم العمل عليه استيفاء مبلغ ٢٠ دينار من كل طالب يتقدم لامتحان القبول. وتغلغلت الواسطة والمحسوبية في قبول الطلبة.. ولم يعد التميز والذكاء والجدارة هي المقياس الأساس في عملية فرز نخبة النخبة وقبول الطلبة..
ومن ثم تم استبدال المدرسين بمدرسين من المدارس الحكومية.. وتم أيضآ تحويل المناهج ومحتوى التعليم من شيء ينمي القدرات العقلية والذهنية وبناء الشخصية إلى منهاج التربية والتعليم التقليدي.. فتحول المركز بعد سنة واحدة إلى مركز حصص تقوية..
وأصبح مكانا للتسبب للمعلمين المحسوبين على المسؤولين في وزارة التربية.. من خلال ما يسمى ببند المكافآت او العمل الإضافي.. وانسحبت الجامعة الأردنية ومؤسسة إعمار السلط من المشروع وذلك لأن المشروع لم يعد ذات المشروع..
هذا الموضوع جعلني أنظر لما يتم الآن على مستوى المدارس.. وكيفية إدارة وزارة التعليم لملف كورونا.. والبون الشاسع في الخدمات المقدمة من قبل المدارس الخاصة والحكومية.. وحتى مستوى التحصيل ما قبل الجائحة..
كل هذه الأمور أقولها وبكل موضوعية وشفافية كشفت وزارة التربية والتعليم على واقعها.. أكان واقعا اليما مترنحا أم كما تصوره الوزارة بأنه يقف الموقف القوي والمشرف والواثق مما يقدم..
من هنا.. أدعو وزارة التربية والتعليم للنظر لمصلحة الطلبة ومصلحة المعلمين في القطاعين العام والخاص والنزول من ذلك البرج العاجي للواقع المعاش. والجلوس مع أصحاب المدارس الخاصة على طاولة المصلحة الوطنية للخروج بقرارات تضع مصلحة الطالب وتحصيله العلمي والرقي فيه هي الأولوية الأولى والأخيرة.. وأنا على ثقة بأن أصحاب المدارس الخاصة إن وُضِعوا على المحك.. فإنهم سينحازون لمصلحة الطالب وستكون هناك إجراءات وإعفاءات قد تصل إلى شطب ما يسمى هامش الربح لهذه الفترة تخفيفا على أولياء الامور. وأظن واقع الحال يدعونا جميعا للعمل بالمثل الشعبي. (لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم).
وفي الختام.. المواطن والواقع والتاريخ والنتائج الملموسة هي الحكم.
حمى الله الأردن ملكا وشعبا وأرضا.
د. محمود الدباس ابو الليث