ديمقراطية لا تليق بنا
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/14 الساعة 23:54
يقول المثل الإنجليزي: "قد تستطيع جرّ الحصان إلى النهر ولكنك لا تستطيع إجباره على الشرب" والمثال على الواقع أن العرس الديمقراطي المتمثل بالانتخابات خرجت نتائجه الارتدادية الشعبية صورة طبق الأصل عن أعراس موسم الصيف، فيقابل المثل الانجليزي مثال أردني يقول: "الفرح لإثنين والتعب لألفين"، فالمرشحون الذين تجاوزوا عتبة الفوز بطريقة أو بأخرى لم يطبق غالبيتهم قواعد الإلتزام الأدبي وإثبات أنهم على قدر عال من المسؤولية لكبح جماح الفوضى العارمة التي وصلت حد الجريمة، فوقف بعضهم متفرجا أو مشاركا بالتجمعات والصراخ والتنابز وإخراج اسوأ التعابير للانتصار على الآخر.
لم توضع الأسس الانتخابية والثقافة الديمقراطية لتنتج هكذا تصرفات وميول غرائزية متوحشة تحاكي صراع الغاب، بل إن التنافس الكمّي الذي رأيناه عبر صور المرشحين المعلقة على قوارع الطرقات والأسطح وأعمدة الكهرباء، يدلل على أن هناك مشكلة نفسية لدى البعض، فيظنون أنهم هم نخبة المجتمع وهم الأفضل لتمثيل الشعب وهم الأقدر على تغيير الواقع، فيما هم لم لا يعرفون معنى مجلس النواب ولا كيف يغيرون تلك العقلية التي تضخمت خلالها الأنانية الشخصية، حتى بات الظن أن كل بيت أردني يحتاج إلى نائب يمثله، وهذا هدم لقواعد التقدم والنضوج الفكري نحو تمثيل الفرد للجميع.
إن عزوف الكثير من المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم له ما يبرره نظرا لجملة من الاعتبارات والظروف، وعلى رأسها حالة الإحباط واليأس التي تلبست الجمهور نتيجة تجاربهم مع غالبية نواب المجالس السابقة، فضلا عن حالة تفشي الوباء الذي حدّ من تحرك الكثير من المواطنين خصوصا في المدن الكبرى خشية الإصابة، ولكن هذا أدى إلى خسارة المجلس للعديد من الشخصيات التي كانت ستشكل رافعة هامة لدعم مقام مجلس النواب كسلطة تشريعية ورقابية ومحاسبية، يقابلها وصول شريحة جديدة ليس لها تجربة في العمل السياسي والنيابي.
لهذا وبعد كل فوضى انتخابية أو خيبة أمل بشخوص المجلس النيابي، يخرج الكثير من المعلقين بقولهم: لا نريد مجلس نواب يكون عالة علينا، وهناك من يعيد للأذهان المجلس الإستشاري وأعضاءه المعينين،وهذا بالطبع ليس المستقبل الذي نريده للحياة السياسية والنيابية التي نريد أن تكون جامعة لكل الأطياف والتيارات الفكرية والسياسية الوطنية التي تشكل ساعداً قوياً في تبصير الحكومات دورها الحقيقي و وضع مبادرات وخطط متقدمة لشبكة حلول اقتصادية واجتماعية وقانونية لحماية هذا الوطن مما قد يتربص به.
من خرج اسمه مع الفائزين سيذهب الى العبدلي نائبا عما قريب، وعندها سنرى هل سيشرب الحصان الماء أم سيستدير، ولكن ما ينتظره ملايين الأردنيين الملتزمين بوعي ومسؤولية أخلاقية هو رد فعل أولئك الذين هددوا بل وحطموا معنى الديمقراطية ومسؤولياتها والغاية التي أنشأ من أجلها مجلس النواب،بعد أشهر من اليوم على أداء نائبهم الذي خرقتم كل قواعد الأدب والتحضر والمسؤولية الاجتماعية، هل رضوا به أم لاكته ألسنتهم؟
هناك الآلاف ممن تنطبق عليهم الشروط المثالية التي تؤهلهم للترشح لمجلس النواب أو حتى الوزارة ولكنهم لا يفكرون أصلاً بخوض تلك المخاضة دام الوضع يتراجع ديمقراطيا بفعل أيدي البعض ممن يشترون الذمم وينظرون الى المقعد النيابي كوجاهة للعائلة والعشيرة،حتى ظلمنا الديمقراطية التي ندعيها ولا تليق بنا. الرأي
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/14 الساعة 23:54