الكيلاني يكتُب: الأمن الغذائي خيار الدولة الإستراتيجي في هذه المرحلة

مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/14 الساعة 12:32
بقلم أشرف الكيلاني يُعتبرالأمن الغذائي ركيزة أساسية من ركائز الأمن الوطني الشامل لأي دولة في العالم ، مهما كبر أو صغر حجمها ، فعجلة التنمية والإزدهار تعتمد على قدرة الدولة بتحصين جبهتها الداخلية ، والتي تعتمد على سلامة واستقرار النواة الأساسية بها ، ألا وهي الأسرة ، والأسرة لن ينصلح حالها إلا بتوفير إحتياجاتها الأساسية لجميع أفرادها ، ومن أهم هذه الإحتياجات بكل تأكيد هي الغذاء الكافي والسليم ، وعليه ؛ فالأمن من الجوع هو من أهم مقومات الحياة و الإزدهار و التقدم ، وعندما يكون الإنسان في أمنٍ غذائي ، يستطيع أن يقوم بدوره في التنمية الشاملة ، وأيضا في ظل التطورات التي يشهدها العالم من إزدياد كبير في عدد السُكان ونقصان في مساحة الأراضي المزروعة مما أدى ذلك إلى الإختلال في سلة الغذاء ، وبالتالي الإرتفاع المتزايد في أسعار المواد الغذائية الأساسية مما كان لذلك بالغ الأثر على الجوانب الإقتصادية والأمنية والإجتماعية ، ولا ننسى أيضاً الهجرات القسرية للكثيرين جراء الحروب والنزاعات المُسلحة التي أدّت إلى زيادة الطلب على الغذاء في العديد من المُخيمات وأماكن اللجوء ، فلأجل كل ذلك أصبح الأمن الغذائي هو الهم الأول والأكبر لجميع دول العالم وكافة شعوبها ، وهذا قبل الكورونا . أما مع إجتياح العالم من جائحة فيروس كورونا المُستجد ، والتي رافقها حظر شامل وإغلاقات طالت المُنشآت الإقتصادية والتجارية وغيرها ، ظهرت هنا أهمية وضرورة أن تتمتع الدول بمستوى عالٍ من تحقيق مفهوم الأمن الغذائي ، تضمن حصول مواطنيها على كفايتهم من حاجتهم الغذائية ، وعليها أن تتبع من الأساليب أهمها لتحقيق هذه الغاية ، وأهمها بكل تأكيد ودون تفكير ، هو التنمية الزراعية ، من خلال دعمها القطاع الزراعي واستغلال الأراض التي تصلح للزراعة . فالأردن اليوم ، وبسبب تداعيات جائحة كورونا ، أمام تحديات كبيرة ، أهمها التحدي الإقتصادي الذي تأثر بشكلٍ كبير بسبب هذه الجائحة ، وعلى الدولة أن تُعيد النظر في آلية تعاملها مع الجائحة ، وأن تعمل على تقوية الإقتصاد الوطني ، ولن يكون ذلك إلا بتقوية صناعتها وزراعتها ، حتى تصل إلى ما يُسمى بالإكتفاء الذاتي ، مع أنّ مُصطلح الإكتفاء الذاتي مصطلح كبير وفضفاض وبحاجة لخطط واسترتيجيات تحتاج لسنوات وإمكانيات هائلة ، أما ما هو متوفر بين أيدينا الآن ونحن بحاجةٍ ماسة إليه ، هو تقوية القطاع الزراعي ، لنأكل إلى حد ما مما نزرع ، وعلينا أن نُسارع بتنفيذ خطط فعالة في مسألة التنمية الزراعية ، من خلال إستغلال مساحات من أراضي الدولة في الزراعة ، واستخدام الطرق الحديثة في الزراعة والري . وفي نهاية هذا الحديث ، أريد أن أشير إلى أن مفهوم الأمن الغذائي ، هو ليس بالمفهوم الحديث ، فهو يعود لآلاف السنين ، وقد نُسميه بالقديم الجديد ، فهو ضروري لكل زمان ومكان ، وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات ذات العلاقة بمفهوم الأمن الغذائي ، منها على سبيل المثال ما ورد في سورة يوسف ، حيث أن سيدنا يوسف عليه السلام أشار بالإحتفاظ بمخزونٍ من ما تم حصاده في السنوات الغلال ، ليتم استهلاكه في السنواتِ السبع العجاف التي تلتها ، وأيضاً قول الله عزوجل في سورة قريش " الذي أطعمهُم من جوعٍ وآمنهُم من خوف " صدق الله العظيم ، وهنا يتضح لنا أن من أهم نعم الله على الإنسان ، هما نعمتي الأمن من الجوع والأمن من الخوف ، فهما من مقومات الحياة والتطور والإزدهار ، فعندما يكون الإنسان في مأمنٍ غذائي وأيضاً هو آمن على نفسه ، سيستطيع أن يقوم بدوره في التنمية الإقتصادية وفي بناء وطنه ، ولأننا في الأردن وبفضل الله عزوجل وبحكمة قيادتنا الهاشمية ننعم بالأمن والأمان ، فإنه قد آن الأوان أن ننعم أيضاً في أمننا الغذائي ، بأن نُطبق إستراتيجيات وطنية في التنمية الزراعية ، يتكاتف ويتعاون في تنفيذها مختلف مؤسسات الدولة المعنية ، على أن يكون المواطن شريك أساسي في تنفيذ هذه الخطط والإستراتيجات ، كونه المستفيد الأول من تحقيق مفهوم الأمن الغذائي في وطننا الحبيب ، وعليه ؛ ليكن شعارنا منذ الآن ؛ " أمننا في غذائنا .. شراكة ومسؤولية ". *مدير عام مؤسسة أصدقاء الأمن الوطني
  • الشامل
  • لب
  • كورونا
  • الأردن
  • الحديثة
  • الهاشمية
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/14 الساعة 12:32