الشمري يكتب: قوة امريكا في دستورها العظيم

مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/08 الساعة 16:36
قمدار الساعة - كتب: الدكتور مروان الشمري - تكساس يعتقد بعض صناع القرار في العالم المتخلف وغيرهم من المخدوعين باعلام تموله روسيا والصين وآخرون تمولهم اجهزة عربية والمحرومون من الممارسات الديمقراطية الحقيقية في دول العالم الثالث وخصوصا العربية منها بأن محاولات بعض الاعلام العربي والروسي والصيني والايراني تهويل الاحداث التي تشهدها امريكا قد تنجح في خلق واقع خيالي في مخيلة الحاقدين على هذه الدولة العظيمة بدستورها وقوانينها غير ان خلق الوقائع الافتراضية البديلة شيء والحقيقة على الارض شيء اخر. فانا كأكاديمي وباحث اعيش في هذه الدولة امتلك الحق لادعي انني اعلم تماما ما هي الحقيقة على ارض الواقع وهي حقيقة يعلمها دون شك كل من عاش في كنف هذه الدولة التي منحت كل مستحق فرصة للعيش بحرية وكرامة وامان والتي تكرم الناس حسب استحقاقهم والتي يستطيع فيها كل مواطن ان ينتقد كل السياسيين من اعلى الهرم الى ادناه وبكافة مفردات السخرية والانتقاد دون الخوف من قوانين تكميم الافواه كتلك التي في الاردن مثلا او دول عربية أخرى. هذا البلد قوته في دستوره الذي وضع اليات وقوانين تجعل كلمة المواطن هي الكلمة الفصل في تحديد السياسات العامة للدولة. الدستور الامريكي صمم على اساس ضمان اليات الرقابة والتشريع والمحاسبة والمساءلة لكل من يتسلم موقعا عاما ولم يمنح اي جهة سلطة مطلقة بل وصمم بطريقة تجعل من الممكن ان يفوز بالرئاسة شخص من احد الحزبين وان يكون مجلس الشيوخ بيد الحزب المعارض وهكذا دواليك وذلك حسب ما يراه الناس مناسبا لمصالحهم والسياسات الداخلية والعامة. لتوضيح هذا الامر دعوني الفت انتباهكم ان الرئيس المنتخب هو من الحزب الديمقراطي بينما يسيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ حاليا كما يسيطرون على مجالس التشريع على مستوى الولايات وهو الامر الذي يعني ان الرئيس لا يمكنه التصرف بحرية مطلقة في السياسات الحيوية التي تمس مصالح الناس ولعل الرسالة التي اراد الناخب الامريكي ايصالها هو انهم يثقون ببايدن كرئيس ولكنهم يتوجسون من اليسار المتطرف في سياساته الاجتماعية والاقتصادية ولذلك منحوا الجمهوريين سلطة قوية تمكنهم من ضبط جماح اليسار المتطرف وتمنع تحويل امريكا الى دولة اشتراكية وتحد من تدخل الدولة ومؤسساتها في امور تخص القرار الفردي للمواطن وتوزيع الثروة بطرق غير مقبولية وغير قائمة على الكفاءة والاستحقاق. هذا مثال بسيط على قوة الدستور وذكاء المؤسسين وفعالية وكفاءة النظام السياسي الديمقراطي الذي يعد مصدر فخر للامريكيين ومصدر غيرة لكل حاقد على قوة هذا البلد العظيم. الرئيس المنتخب شخص محترم جدا وهو انسان ذو قيم محترمة ومقدرة ولكن التحفظ الذي يبديه معظم الجمهوريين هو على قدرته على كبح جماح اليسار في الحزب الديمقراطي والذي ينادي بمطالب جدلية لا يتفق معهم فيها حتى كثير من الديمقراطيين ومنها مسالة التأمين الصحي وزيادة مقاعد الكونجرس والمحكمة العليا وتحويل بعض المناطق الى ولايات، لكن هذه الخلافات محكومة بالحل عبر التوافق لان الدستور صمم لاجل هكذا اغراض. اما خارجيا فان اكثر المتضررين من وجود بايدن هم بعض الديكتاتوريات في الشرق الاوسط وعلى راسها مجرمون كبار والذين عاثوا في الاقليم خرابا وفسادا ولكن الجميع يعلم ان اولوية اي رئيس منتخب هي الداخل رغم القناعة بان امريكا ربما تعود تدريجيا لتلعب دورا مهما ولكنه محدود خارجيا وربما تبتعد عن التدخل بشكل حاد في الشرق الاوسط ولكنها سترفع الغطاء تدريجيا عن بعض انظمة القمع امريكا عظيمة بدستورها ولا عزاء للمحرومين
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/08 الساعة 16:36