رائحة الموت

مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/02 الساعة 00:48
ارقام الوفيات اليومية الناجمة عن الإصابة بكوفيد، والتي تذكرها الحكومة في إحصائيتها اليومية، لا تشغل بال الناس، رغم أنها تفوق ارقام الخسائر البشرية اليومية في ساحات الحروب المتوحشة، ولو كانت ارقام درجات الحرارة المتوقعة لنالت اهتماما أكثر مما تناله إحصائية الموت، فأي انكفاء وانمساخ هذا؟! ومتى فقدنا الإحساس بالناس؟ هل تستنشقونها؟! أعتقد أننا جميعا أصبحنا نقرأ أخبار النعي، وخواطر الحزن في الرأي العام، ولن يطول بنا الحال حتى تحتل فكرة الموت مساحة كبيرة في ذهننا، وسوف تتعاظم عند كثيرين لتصبح رهابا مقيما، ما دامت كورونا جاثمة في بلدنا. المستهترون؛ كانوا حتى الأمس غير مقتنعين بوجود فيروس يقتل الناس، ولست أجزم أن السبب يعود الى تراخ من قبل الدولة في تطبيق القانون، بل هي الفوضى والاستهتار والميول الطبيعية لإنكار الحقائق المرّة، بدلا عن مواجهتها والتعامل معها بموضوعية ومنطق. منذ بداية اعلان العمل بقانون الدفاع، عبرنا جميعا عن ضرورة الالتزام بمعايير منع نشر الوباء بين البشر، وقلنا بأنها تدابير سهلة جدا، تحول وبنسبة 95 % دون إصابة الشخص بالفيروس، وبنسبة 100 % لعدم انتقاله من الشخص نفسه لو كان مصابا الى أشخاص سليمين، يشاركونه العيش والحياة في هذا العالم، فما هو الأمر المستحيل أو الصعب، حين ترتدي كمامة وتعقم يديك وتحافظ على مسافة متر من تباعد بينك وبين الناس؟. ليست نفوسا حرة ولا عقولا مستنيرة ولا هو سلوك سويّ، أن نعلم بأننا قد نتسبب بموت إنسان بريء قريب أو غريب، ولا نتحاشى أن نكون هذا السبب لدمار بيوت ونشر الفقد والموت فيها، حين نتخلى غباء وجهلا عن الالتزام بمعايير السلامة العامة، التي تقينا وتقي الآخرين احتمال الموت، الذي يفعلها بعد اليوم هو مشروع قاتل ومقتول في آن، ومجرم بحق مجتمع ودولة. نريد (العين الحمرا) من قبل الدولة ومؤسساتها المعنية بالدفاع عنها بتجنيبها كل أشكال التهديد والخطر، ولا أعتقد بأن ثمة ما هو أخطر من موت الناس والحياة بوباء كالذي نواجهه، وتزداد جروحه في أجسادنا تعمقا يوما بعد يوم. الالتزام بأوامر الدفاع التي تتوخى تجنيب الناس الموت والإندثار، هي اوامر مقدسة لأنها تتوخى تحقيق هدف مقدس، ويجب الالتزام بها من قبل الجميع، فأنتم تعيشون بمجتمع لا يريد أفراده أن يموتوا بسبب استهتار مستهتر أو إجرام مجرم، ومهما اضطربت الإجراءات الرسمية أو حتى جافاها المنطق، فالأمر والخيار بيد المواطن، فهو يمكنه ان لا يغير شيئا من سلوكه أو مجريات يومه وعمله، سوى أن يضيف كمامة على وجهه أو (بوزه)..ويمضي بحياته المعتادة، فيجنبنا بمعيته ألم هذه الحصيلة اليومية من قتلى الكورونا. قاتل الله الجهل وأهله. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/02 الساعة 00:48