لمن دمشق اليوم؟
الدكتور فيصل القعايدة
"الشام "حلب "درعا" لمن هي اليوم، لمن وَرِثها عن أبيه كجزء من ميراث؟ أم لمن حفظَ زرعها وحمى حدّها كلما حاول أن يقصمها مدعي نبوة أو هازم أحزاب؟
لمن جاء بها قرباناً لليهود وترجمة" لفرق تسد"، أم لمن عانق ترابها وداعاً، وهرب لحد من حدود بلاد الله، فلما وصل لم يبق منه إلا النصف أو زد عليه قليلاً من المرض والبرد.
لِمَنْ "دير الزور" و"شيخون"و"الحسكة؟" لِمَنْ يتقاسمون الوطن والقصرُ والصواريخ نهاراً، والليلُ رقصاً واتفاقاً وحصصاً، أم لمن يحمل روحه وبنيه وبعضاً مما تبقى من " تحويشة عمره" على ظهره؟.
لمن سوريا اليوم؟؟
لِمَنْ كانَ قد أرسل ابنه للجيش يتدرب ويحتمل قسوة التدريب؛ مرة يقفزُ بمظلّةٍ، وأخرى من برج عالٍ، وثالثة يأكلُ من حَشاشِ الأَرْضِ، ليعودَ إلى أمِّهِ في نهاية دورته نحيلاً وأسمرَ، فخوراً أن الوطن بخير، متحدثاً عن حركاته وتدريباته التي تعلمها لقصم عدونا الغاشم، يعود في نهاية إجازته، وما يعود بعدها إلا عودته الأخيرة، يعود إلى حضنها أبيضَ...مُضيئاً في كفنه"مات ابنك يا خالة دفاعاً عن وطن" أو ربما عن قصر أو ربما بتفجير لمرتزق داعشي صرخ عليه "الله أكبر".
أليس هو عدو و"خارج عن الجماعة"؟ أليس هو أقرب الطرق لضمان "الجنة" كما قال مرجع فكره القذر.
لِمَنْ سوريا اليوم؟
لمن حرّق بيوتها وشرَّد صغارها وقتَّل شيوخها، وهجّر صغارها؟ أم لوالٍ أصدر صكوك غفران لبعض دونمات من الجنة؛ فكلما قتلتَ شيوخاً وأطفالاً ونساءً وعبّاداً في صوامع كانت مساحتكَ من الجنة أوسع، وكانت فردوسك ودرجتك أرفع، ولو كنتَ لا تعرف عن الله ودينه شيئاً؛ فأنت تمارس الشهادة بـ"شهادة"صادرة عن فتوى"أمير المؤمنين".
لمن سوريا اليوم؟
لعدو يدعي حماية سوريا العربية بعد أن وافق حاميها الغريب مقابل سلبْ كلّ خيراتها؛ فاشترى غازها مقابل قنابل من كيماوي، واقتطع أرضها مقابل صواريخه قواعد بمدة عقد لأبد الآبدين.
أم للصوص يدعون الولاية والدعوة لله؛ فيقتلون باسم "الله أكبر" على ابن دينه وابن قبيلته وعرقه، رافعين أسماء ليس لها من العدل والإنسانية وشريعة الله إلا راية سوداء قماشها يرفرف على سيارات فارهة، لا يبيتون في فرح إلا إذا كان عدد القتلى من الأطفال يفوق ما قتله الطرف الآخر، وأطفال سوريا وحدهم الرهان.
يكتبُ "أمير ولاية"من خيمته ضمن ولايته المتراميةِ الأطراف على حدود الجَبَل: الشكر للسماء التي أمطرت علينا أسلحة لتنصرنا على القوم الظالمين، فيما يُغرِّدُ التنظيم الأخير المحظوظُ الذي لم يصب أفراده بغاز كيماوي"العدو الطاغي"نيابة عن الله: قلبي معكَم يا جنود "النصرة"؛ فأنتم جند الله لذا نجّاكم لأنكم جنده ويحبكم.
والخاسرة سوريا وشعبها وأطفالها .....
الوطن لَكَم والجيش والسفارات، لَا تحزنوا فأنتم تدافعون عن مؤامرة وعليكم الثبات، الفاصل عن النصر المبين ليال فقط، بينما رفات شباب بعمر الورد، ودمُ جنود سائلة غارقة بنزيفها، يقول لهم زرقاء يمامة عصره في جولة ميدانية مدججة بالحراسات، وهو يتفقّد أرصدته في بنوك روسيا وفنزويلا، ويرسل قريباً له ثقة ليتفقَّدْ وقودَ طائرته، آمراًً بالمزيد من أقمشة أعلامه وصناديق التوابيت، وعدداًً من الأئمة؛ ليقوموا بصلاةَ الجنازة، ولواءً من الاستخبارات للتأكد من عزف المشيعين لحنِ الرجوعِ الأخير.
والخاسرة سوريا وشعبها وأطفالها و.....
اللاجئون والنازحون، لا يودُّ الواحد منهم أنْ يكونَ لاجئاً ولا نازحاً، كانَ ينتظرُ الفرح ، وينتظر عند عودته مساءً ليسألَ زوجته عن صغاره، ودراستهم، ويسألُ عن الشامية ابنة جيرانه، هَلْ لا زالت عزباء لتكون نصيب ابنه البكر، كَانَ يُفكِّرُ بالمهرِ والبيت والذهبِ، وتفاصيلِ الزفاف، أكثر من النظام والنصرة وتنظيم الدولة وجيش هذا وأحفاد ذاك.
أنتِ لِمَنْ يا سوريا اليوم، قفي واصرخي في وجه الجميع، قُولي لنا مرَّةً واحدة:
أنا سوريا الجميع.
سوريا التي ما كانت مزرعة ميراث
ولا منتجع روس
ولا مختبر استخبارات الغرب
أنا سوريا العرب.