ما هو حال أشهر مدن العالم في زمن كورونا بعد معاناتها من السياحة المفرطة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/01 الساعة 10:39
مدار الساعة -كانت "السياحة المفرطة" هي الكلمة الأكثر تداولاً في قطاع السفر، خلال العام 2019، حيث تركت أبرز الوجهات، مثل مسارات المشي في مدينة ماتشو بيتشو وقنوات البندقية المائية، تأثيراً خاصاً في حشود الزوار. ولكن، هناك أمر واحد لم يكن في الحسبان، أي توقف قطاع السفر جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، في جميع أنحاء العالم. وأجبر حظر السفر، والحجر الصحي، وعمليات الإغلاق التام، معظم المسافرين على البقاء في منازلهم. ولكن، هل هذه النهاية الأبدية للسياحة المفرطة؟ وقامت CNN باستكشاف حال بعض المواقع السياحية الأكثر شهرة بالعالم، خلال هذه الظروف، وذلك بتوجيه الأسئلة للسكان المحليين والمسؤولين. مدينة دوبروفنيك في كرواتيا وشهدت مدينة دوبروفنيك الكرواتية ارتفاعاً في عدد السياح، خلال السنوات الماضية، مع إقبال آلاف ركاب السفن السياحية لقضاء يوماً كاملاً بالمدينة. وعلى مدى العامين الماضيين، تعهد رئيس البلدية، ماتو فرانكوفيتس، ومسؤولون في المدينة بالسيطرة على الوضع، بسبب اكتظاظها بشكل متزايد. وفي عام 2019، وُضعت لوائح جديدة لتقييد عدد السفن السياحية في الميناء القديم بالمدينة إلى اثنين فقط في كل مرة، وجاء ذلك بالشراكة مع الرابطة الدولية لخطوط الرحلات البحرية (CLIA). ومع بداية عام 2020، تساءل المسؤولون عما إذا كانت هذه القواعد الجديدة ستحدث تأثيراً. وفي مارس/ آذار، تأثرت أوروبا بالوباء، حيث أغلقت كرواتيا حدودها وتوقف السياح عن زيارة البلاد. وعندما استأنفت كرواتيا رحلاتها في أوائل الصيف، بعد الإغلاق التام، كان معظم زوار مدينة دوبروفنيك من كرواتيا، لقضاء إجازة قصيرة ببلدهم. ولم يعد الزوار من بلدان أخرى سوى بعد استئناف الرحلات الجوية مرة أخرى في الصيف. وقالت نائبة عمدة دوبروفنيك، ييلكا تيبشيتش، لـCNN: "وضعتنا المملكة المتحدة ضمن القائمة الحمراء، ثم تراجعت الأمور مرة أخرى، حيث قلصت شركات الطيران عدد رحلاتها واحدة تلو الأخرى". ويقول المرشد السياحي المحلي، إيفان فوكوفيتش، إنه كان من الغريب رؤية مدينة دوبروفنيك هادئة للغاية، رغم استمتاعه بفكرة الاستراحة من الحشود الكبيرة. وربما نمت المدينة من رماد الحرب إلى وجهة سياحية مزدهرة، في نظر العديد من السكان المحليين. ولكن السؤال الآن هو ما إذا كان بإمكانها استخدام جائحة "كوفيد-19" كفرصة لإعادة وضعها كالسابق. وتقول تيبشيتش إن قواعد الرحلات البحرية، وقيود السياحة الخارجية الأخرى في دوبروفنيك، لن يتم تخفيفها عند استئناف الرحلات الدولية، مشجعة زوار المدينة على العودة. وأوضحت أن المدينة تأخذ الفيروس والسياحة المفرطة على محمل الجد. وتقول تيبشيتش إن هناك لافتة كبيرة على مدخل المدينة القديمة، تطلب من الناس ارتداء أقنعة الوجه، وغسل اليدين، واستخدام المطهرات، وغيرها. وعلى عكس معظم الوجهات الأوروبية، تسمح كرواتيا بزيارة الأمريكيين، طالما أنهم يقدمون اختبار سلبي لفيروس كورونا، بحيث لا تتجاوز مدته 48 ساعة. مدينة برشلونة في إسبانيا ولطالما كانت مدينة برشلونة نقطة جذب للسياح منذ مسابقة الغوص الأولمبية عام 1992، التي عرضت جمال المدينة للجمهور الدولي. واليوم، تقدم السياحة ما بين 12٪ إلى 14٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمدينة و9٪ من إجمالي العمالة، بحسب قول كزافييه مارسيه، وهو مستشار مجلس مدينة برشلونة للسياحة والصناعات الإبداعية. وقبل "كوفيد-19"، قدمت برشلونة سلسلة من الإجراءات المصممة لمكافحة بعض آثار السياحة المفرطة. وفرضت المدينة قيوداً على إيجار العطلات، كما فرضت ضريبة السياحة، وشجعت المسافرين على زيارة الأحياء خارج البلدة القديمة المكتظة. ولا توجد خططاً لتغيير الطريقة التي تفرض بها المدينة قيوداً على الإيجارات غير القانونية أو السلوك السياحي، حيث أوضح مارسييه أن ذلك أدى إلى انخفاض وقوع الحوادث بالمنطقة. وبعد رفع الإغلاق التام، لم يكن لدى برشلونة سوى وقت قصير يمكن فيه للمسافرين الدوليين زيارتها بسهولة، وذلك قبل أن تجد إسبانيا نفسها ضمن قوائم الحجر الصحي بالبلدان الأخرى. وبحلول سبتمبر/ أيلول، انخفضت السياحة الدولية بنسبة 77٪. واليوم، تكافح المدينة، مثل غيرها من المدن في أوروبا، للتصدي لموجة جديدة من حالات "كوفيد-19"، حيث طبق حظر تجول ليلي، في محاولة لوقف ارتفاع عدد الإصابات. مدينة ماتشو بيتشو في بيرو وتقع قلعة الإنكا الشهيرة في ماتشو بيتشو على رأس قوائم العديد من المسافرين، وذلك بفضل تلك المناظر الشاهقة للعجائب الأثرية المحاطة بالجبال الخضراء. ولكن، دخلت الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية في إغلاق صارم في 15 مارس/ آذار، واستمر حتى يونيو/ حزيران. وخلال الصيف، تم الإعلان أن ماتشو بيتشو ستفتح أبوابها للسياحة الداخلية، لكن هذا لم يتحقق مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في بيرو. وقالت سارة ميجينياك، وهي المديرة العامة في شركة المغامرات "G Adventures" بأمريكا الجنوبية، والتي تعيش في بيرو، لـCNN، إن مشغلي السياحة يعملون عن كثب مع وزارة الثقافة في بيرو، ووزارة البيئة، لوضع بروتوكولات جديدة، للحفاظ على سلامة زوار ماتشو بيتشو من "كوفيد-19". ويعد ضمان عودة المسافرين إلى ماتشو بيتشو بطريقة أكثر استدامة أمراً أساسياً أيضاً، حيث اقترحت ميجينياك أن القيود الحالية على أعداد الزوار يمكن أن توفر فرصة للترويج، لوجهات أخرى جميلة أقل شهرة، داخل بيرو. مدينة البندقية في إيطاليا وربما تكون البندقية هي الوجهة الأكثر شيوعاً، التي ترتبط بالسياحة المفرطة. وأُدخلت العديد من اللوائح والقواعد الجديدة المصممة للتعامل مع تدفق الزوار على مر السنين، بما في ذلك حظر الفنادق الجديدة وأماكن الوجبات السريعة في وسط المدينة. وحُددت رسوم باهظة للمسافرين عند زيارتهم في تواريخ شائعة، وكان يجب فرض هذه الرسوم في يوليو/ تموز عام 2020، ولكن تم تأجيلها في النهاية. وبالإضافة إلى مشاكل السياحة المفرطة، واجهت المدينة الإيطالية العام الماضي فيضانات كارثية. وبعد أن طبقت البندقية الإغلاق التام، بقيت دون سياح لمدة أشهر. وعند إعادة فتح الحدود الدولية خلال الصيف، لم تكن أعداد السياح قريبة من السنوات السابقة. وتقول جين دا موستو، وهي المؤسسة المشاركة والمديرة التنفيذية في جميعة "We Are Here Venice" غير الربحية، إن قلة عدد السياح تعني أن "جمال المدينة وهندستها المعمارية والمياه والمناظر باتت أكثر وضوحاً". وتضيف: "لكن الثمن كان باهظاً، فالكثير من الناس لا يعملون، والمحلات التجارية لا تبيع كثيراً، والقطاع الثقافي قد تأثر بشكل كبير". بالي في إندونيسيا وكانت العديد من الوجهات الأخرى حول العالم، مثل أمستردام وبراغ، قد عانت من عواقب السياحة المفرطة، في السنوات الأخيرة. واليوم، تعاني هذه الوجهات من عواقب قلة الزوار، جراء تفشي فيروس كورونا المستجد. ويقول توني جونستون، وهو رئيس السياحة في معهد "ألثون" للتكنولوجيا في أيرلندا، إن هذا يجعل التخطيط للمستقبل صعباً. وأضاف: "لا أحد يعرف كيف ستبدو الأشهر الـ6 أو الـ12 القادمة، أو حتى المستقبل على المدى الطويل، لذلك إنه وضع صعب جداً على صانعي السياسة التخطيط". ورغم ذلك، سيكون هناك بعض المسافرين الذين ستبقى لديهم عدم القدرة على السفر مرة أخرى، سواء بسبب مخاوف صحية أو اعتبارات تتعلق ببصمتهم الكربونية. ولكن، كانت البلاد تواجه السياحة المفرطة بسبب رغبة الكثير من الناس زيارتها. ومن غير المحتمل تغير ذلك، حيث سيتساءل الناس، في ظل الوباء العالمي، عن سبب عدم قدرتهم على زيارة البندقية سابقاً. ويعتقد جونسون أن هذه الوجهات ستكون ضمن قائمتك بمجرد تعافي العالم من كورونا، لأن الناس سترغب بالقيام بأشياء جديدة بمجرد ما أن تتاح الفرصة لهم. ويضيف أن قطاع السياحة متقلب للغاية، لكنه مرن وقابل للتكيف أيضاً.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/11/01 الساعة 10:39