أبناء «الجماعة» يتبرأون منها...لماذا؟
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/04 الساعة 00:36
لماذا خرجت حماس من تنظيم الإخوان المسلمين؟
تحتاج الإجابة الى شيء من التفصيل، فقبل نحو ثلاثة عشر عاماً عرض السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على المراقب العام للإخوان (كان آنذاك عبد المجيد الذنيبات) مشروعاً يتضمن فك الارتباط بين الطرفين بصورة نهائية، لكن طلب مشعل لم يؤخذ على محمل الجد داخل أروقة الجماعة، ما دفعه للتوجه الى المرشد العام لتنظيم الاخوان في مصر من اجل التدخل لحسم الملف، وقد حدث، ففي آذار 2007 وافق المكتب التنفيذي لجماعة الاخوان في الأردن على طلب مشعل، فيما رفضه مجلس الشورى بفارق صوتين فقط.
في منتصف عام 2009، بدأت حماس بالتحرك تجاه اقناع الاخوان بالتوصل الى تفاهم للانفصال التنظيمي بينهما، وارسلت محمد نزال لإجراء المزيد من الحوارات تمهيداً لعقد “صفقة” سرية، لكن مجلس شورى الجماعة الذي أدرج المسألة على جدول اعماله فشل في التصويت على الموضوع وحسمه، وتم تأجيله -بضغط من التيار المعتدل- الى جلسة أخرى.
ظلت قضية العلاقة بين الاخوان في الأردن وحماس مجالاً للنقاش والجدل، ودخل كثيرون على “الخط”، وحين تعرضت “الجماعة” لموجة من الانشقاقات قبل أكثر من عامين تردد على ألسنة البعض انه تم الطلاق مع حماس، لكن الخبر الأكيد جاء أخيراً بإعلان مشعل في وثيقة الحركة الجديدة ان العلاقة انتهت، ليس فقط مع الاخوان في الأردن وانما مع الاخوان المسلمين تنظيما وفكرة ايضاً.
يبدو ما حدث مفهوما في سياقين: الأول ان حماس لا تستطيع ان تتحمل “أعباء” البقاء داخل عباءة “الاخوان” بعد ان أدرجت الجماعة على قوائم الإرهاب في اكثر من بلد عربي، كما ان بعض فروع الجماعة لم تعد تحتمل علاقتها مع حماس لسبب ما يلحقها من ضرر في علاقتها مع دولها ومع أعضائها ايضاً، السياق الثاني ان حماس كحركة وطنية فلسطينية تعمل في المجال السياسي والعسكري ارادت ان تتحرر من “الالتزام” التنظيمي المرتبط بالإسلام السياسي وبحركاته الخارجية، وارادت أيضا ان تخاطب العالم بأنها من خلال هذه التحولات يمكن ان تكون “طرفاً” مقبولاً على طاولة أي تسويات سياسية قادمة.
البراءة من “الاخوان” لم تقتصر فقط على حماس، فقد سبق للنهضة التونسية ان أشهرت براءتها، منذ نحو ثلاثين عاماً، ثم عادت مؤخراً على لسان الغنوشي ومورو وأكدت ذلك، كما سبق لحزب العدالة والتنمية في المغرب ان أعلن انشقاقه عن “جماعة الإحسان” التي تنتمي للإخوان، فيما شهدت “الجماعة” انشقاقات في أكثر من بلد، خاصة في مصر والأردن والعراق، وقد جاء ذلك في سياق تراجع حركة الإسلام السياسي وبروز ظاهرة “الإسلام” المسلح، وارتفاع نبرة “الخوف” من أن يكون الإسلام السياسي أحد المصادر التي تغذي هذه الظاهرة.
في موازاة ما حدث من زلازل داخل الجماعة، خاصة بعد الربيع العربي، وجدت تيارات الإسلام السياسي نفسها أمام سؤال الهوية، فهل هي أحزاب سياسية وطنية لها برامجها وادواتها المنسجمة مع حركة “الدولة” التي توجد فيها ام انها “حركات” دينية ودعوية تمارس السياسة تحت مظلة “الدين”؟
تعددت الإجابات – بالطبع-، فالبعض استدرك “المواجهة” المتوقعة، مع الأنظمة السياسية القائمة وقرر ان يندمج في العملية السياسية ويفصل النشاط الديني عن النشاط السياسي بشكل تام، فيما “تأخر” آخرون عن فعل ذلك او “تلكأوا” او تعمدوا الرهان على حاجة الأنظمة لهم، وإمكانية “تكيفهم” مع الاستحقاقات المحلية والدولية، النتيجة كما نراها في واقعنا كانت واضحة، واعتقد ان حماس أدركت ما حصل، واستفادت من تجارب من سبقوها.
بقي ملاحظة وهي، لماذا لم يطرح “الاخوان” على أنفسهم هنا سؤال “براءة” الأبناء من الآباء والأجداد، او لماذا انتظروا ان يشهر بعضهم الطلاق من هذا “الزواج” الذي استمر لعقود طويلة؟
اترك الإجابة -مؤقتاً- للقيادات التي لا تزال تصر على ان الجماعة بعد نحو سبعين عاماً لا تزال تتمتع بقوتها وعافيتها، وللآخرين الذين ما زالوا يرفضون أية مراجعة لمسار الجماعة...كذلك للذين قرروا تغيير “عتبات” الجماعة دون ان يغيروا “الأثاث” داخلها.
هل سيكون القرار الذي اتخذته حماس بمثابة صرخة من داخل خزان “الإخوان” لتدق ناقوس الانتباه من خطر “انقراض” الجماعة اذا لم نفكر بإعادة قراءة تاريخها وواقعها بعيون أخرى مفتوحة على المستقبل؟ لا أدري..
الدستور
تحتاج الإجابة الى شيء من التفصيل، فقبل نحو ثلاثة عشر عاماً عرض السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على المراقب العام للإخوان (كان آنذاك عبد المجيد الذنيبات) مشروعاً يتضمن فك الارتباط بين الطرفين بصورة نهائية، لكن طلب مشعل لم يؤخذ على محمل الجد داخل أروقة الجماعة، ما دفعه للتوجه الى المرشد العام لتنظيم الاخوان في مصر من اجل التدخل لحسم الملف، وقد حدث، ففي آذار 2007 وافق المكتب التنفيذي لجماعة الاخوان في الأردن على طلب مشعل، فيما رفضه مجلس الشورى بفارق صوتين فقط.
في منتصف عام 2009، بدأت حماس بالتحرك تجاه اقناع الاخوان بالتوصل الى تفاهم للانفصال التنظيمي بينهما، وارسلت محمد نزال لإجراء المزيد من الحوارات تمهيداً لعقد “صفقة” سرية، لكن مجلس شورى الجماعة الذي أدرج المسألة على جدول اعماله فشل في التصويت على الموضوع وحسمه، وتم تأجيله -بضغط من التيار المعتدل- الى جلسة أخرى.
ظلت قضية العلاقة بين الاخوان في الأردن وحماس مجالاً للنقاش والجدل، ودخل كثيرون على “الخط”، وحين تعرضت “الجماعة” لموجة من الانشقاقات قبل أكثر من عامين تردد على ألسنة البعض انه تم الطلاق مع حماس، لكن الخبر الأكيد جاء أخيراً بإعلان مشعل في وثيقة الحركة الجديدة ان العلاقة انتهت، ليس فقط مع الاخوان في الأردن وانما مع الاخوان المسلمين تنظيما وفكرة ايضاً.
يبدو ما حدث مفهوما في سياقين: الأول ان حماس لا تستطيع ان تتحمل “أعباء” البقاء داخل عباءة “الاخوان” بعد ان أدرجت الجماعة على قوائم الإرهاب في اكثر من بلد عربي، كما ان بعض فروع الجماعة لم تعد تحتمل علاقتها مع حماس لسبب ما يلحقها من ضرر في علاقتها مع دولها ومع أعضائها ايضاً، السياق الثاني ان حماس كحركة وطنية فلسطينية تعمل في المجال السياسي والعسكري ارادت ان تتحرر من “الالتزام” التنظيمي المرتبط بالإسلام السياسي وبحركاته الخارجية، وارادت أيضا ان تخاطب العالم بأنها من خلال هذه التحولات يمكن ان تكون “طرفاً” مقبولاً على طاولة أي تسويات سياسية قادمة.
البراءة من “الاخوان” لم تقتصر فقط على حماس، فقد سبق للنهضة التونسية ان أشهرت براءتها، منذ نحو ثلاثين عاماً، ثم عادت مؤخراً على لسان الغنوشي ومورو وأكدت ذلك، كما سبق لحزب العدالة والتنمية في المغرب ان أعلن انشقاقه عن “جماعة الإحسان” التي تنتمي للإخوان، فيما شهدت “الجماعة” انشقاقات في أكثر من بلد، خاصة في مصر والأردن والعراق، وقد جاء ذلك في سياق تراجع حركة الإسلام السياسي وبروز ظاهرة “الإسلام” المسلح، وارتفاع نبرة “الخوف” من أن يكون الإسلام السياسي أحد المصادر التي تغذي هذه الظاهرة.
في موازاة ما حدث من زلازل داخل الجماعة، خاصة بعد الربيع العربي، وجدت تيارات الإسلام السياسي نفسها أمام سؤال الهوية، فهل هي أحزاب سياسية وطنية لها برامجها وادواتها المنسجمة مع حركة “الدولة” التي توجد فيها ام انها “حركات” دينية ودعوية تمارس السياسة تحت مظلة “الدين”؟
تعددت الإجابات – بالطبع-، فالبعض استدرك “المواجهة” المتوقعة، مع الأنظمة السياسية القائمة وقرر ان يندمج في العملية السياسية ويفصل النشاط الديني عن النشاط السياسي بشكل تام، فيما “تأخر” آخرون عن فعل ذلك او “تلكأوا” او تعمدوا الرهان على حاجة الأنظمة لهم، وإمكانية “تكيفهم” مع الاستحقاقات المحلية والدولية، النتيجة كما نراها في واقعنا كانت واضحة، واعتقد ان حماس أدركت ما حصل، واستفادت من تجارب من سبقوها.
بقي ملاحظة وهي، لماذا لم يطرح “الاخوان” على أنفسهم هنا سؤال “براءة” الأبناء من الآباء والأجداد، او لماذا انتظروا ان يشهر بعضهم الطلاق من هذا “الزواج” الذي استمر لعقود طويلة؟
اترك الإجابة -مؤقتاً- للقيادات التي لا تزال تصر على ان الجماعة بعد نحو سبعين عاماً لا تزال تتمتع بقوتها وعافيتها، وللآخرين الذين ما زالوا يرفضون أية مراجعة لمسار الجماعة...كذلك للذين قرروا تغيير “عتبات” الجماعة دون ان يغيروا “الأثاث” داخلها.
هل سيكون القرار الذي اتخذته حماس بمثابة صرخة من داخل خزان “الإخوان” لتدق ناقوس الانتباه من خطر “انقراض” الجماعة اذا لم نفكر بإعادة قراءة تاريخها وواقعها بعيون أخرى مفتوحة على المستقبل؟ لا أدري..
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/04 الساعة 00:36