في اليوم العالمي للصحافة .... لا تقتلوا المهنة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/04 الساعة 00:33
أحمد حمد الحسبان
لانني صحفي، وبدأت العمل الصحفي رسميا قبل أربعين عاما، ولم اعمل في حياتي بمهنة غير مهنة الصحافة، وعملت في العديد من الصحف المحلية والعربية الكبرى، فإنني ادرك معنى ومفهوم الحرية،وأرى ان الحرية بالنسبة للصحفي تشبه الهواء الذي يتنفسه، وادرك ان البعض يتنفس هواء ملوثا، والبعض الآخر يتنفس هواء تتدنى به نسبة الاكسجين، وانه ـ أي الصحفي ـ مضطر للتكيف ضمن تلك الأجواء، دون ان يتخلى عن مطلبه الأساس بان يعمل في بيئة نقية تتوفر فيها كافة متطلبات الحرية من تشريعات وغيرها.
وفي المحصلة ادرك ان انتشار عوامل التلوث في البيئة بشكل عام انعكست على كافة البشر، واثرت على جودة الهواء الذي يتنفسونه، والدليل على ذلك تلك الازمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعاني منها المنطقة ويعاني منها العالم كله.
ادرك أيضا ان حرية الصحافة ليست مطلبا للصحفي فقط، وانما هي مطلب وحاجة لكل الناس، وبالتالي فإن مطلب الحرية الصحفية هو ركن أساسي من مطالب الحريات العامة ويتعلق بكافة البشر.
غير انني اتوقف كما هو غيري عند قضية اعتقد انها جدلية، وتتمثل بتوصيف الحرية، وما اذا كانت مطلقة ام انها محددة بضوابط، ومتطلبات حياتية ومجتمعية وبحقوق آخرين. مبررات التوقف عند هذه النقطة ما نلمسه من خلط واضح في المفاهيم، وفي الممارسات، وكذلك في الأدوات، وبصورة نزعت قدسية المهنة الصحفية، وافرغتها من مضمونها، وساوت بين الحرية الصحفية وبين ما يرتكب من جرائم تحت ذلك العنوان وما نلحظه من فوضى أطاحت بالكثير من ضوابطها.
اشير هنا الى الخلط الواضح بين الصحيفة وبين وسيلة التواصل الاجتماعي، والذي تجاوز المفهوم الى المضمون، والى اختلاط الأمور ما بين سوء النية، وحسنها، وبين الجهل الذي يطفو على السطح ويستخدم في تقديم مواد سطحية لا مصداقية لها لكنها تنتشر انتشار النار في الهشيم وتتحول الى مسلمات يتداولها الناس بغض النظر عن تاثيراتها السلبية من تشهير وتوجيه للراي العام وتحشيد له.
نماذج كثيرة يصعب حصرها، لكنني اتوقف عند الخلط بين الفيسبوك كوسيلة تواصل اجتماعي شعبية، وبين الصحافة الالكترونية، حيث تحولت ملايين صفحات الفيسبوك الى صحف الكترونية، لا تكتفي بنقل الاخبار عن الصحف والمواقع، بل تنشر أشياء لا علاقة لها بالصحافة، ولا تخضع لاية ضوابط صحفية، ويمكن تصنيفها باي شيء باستثناء الصحافة.
وللأسف الكثير منها شائعات، ومنها مشاريع تشهير، واجتزاء معلومات، ونقل أمور ليست صحيحة، وبناء قصص دون علم او معرفة ودون بحث او تقص حول مصداقيتها.
وللأسف الشديد لم تقتصر تلك الصورة على بعض صفحات الفيسبوك، وانما تعدتها الى مواقع الكترونية تمارس الابتزاز والتشهير في سبيل الحصول على مردود مالي.
في اليوم العالمي للصحافة، وبينما ترتفع بعض الأصوات من اجل إزالة كل الضوابط، التي تحكم المهنة، أرى ان هذا المطلب حق، ولكن ان تكون هناك مهنة أولا، وان لا يسمح بممارستها الا للمهني، وان يكون ذلك المهني مسؤولا امام القانون، وفي الوقت نفسه، أرى انه لا بد من التفريق بين مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر السياسية.
وارى انه لا بد من التفريق بين حرية الراي والتعبير وحرية الصحافة، وان يتم التفريق في الأدوات بينهما، فالصحافة تتعامل بالخبر والمعلومة والتحليل ومن ثم الراي، وهذه الأمور تتطلب تاهيلا مهنيا واكاديميا،كما تتطلب أدوات محددة كالصحف والاذاعات ومحطات التلفزة، ومختلف وسائل الاتصال الالكترونية. اما حرية التعبير فمن الممكن إيجاد أدوات لها من بينها ساحات عامة ومنصات خطابة يمكن من خلالها لاي شخص ان يتحدث بما يقتنع به، وان يستمع الى ما يريد، إضافة الى المنابر الأخرى. كما يمكن توظيف وسائل الصحافة والاعلام في خدمتها ولكن بإدارة واشراف ومتابعة الصحفيين المهنيين .
في اليوم العالمي للصحافة أطالب بان لا يتم قتل الصحافة تحت مسمى حريتها.
الدستور
لانني صحفي، وبدأت العمل الصحفي رسميا قبل أربعين عاما، ولم اعمل في حياتي بمهنة غير مهنة الصحافة، وعملت في العديد من الصحف المحلية والعربية الكبرى، فإنني ادرك معنى ومفهوم الحرية،وأرى ان الحرية بالنسبة للصحفي تشبه الهواء الذي يتنفسه، وادرك ان البعض يتنفس هواء ملوثا، والبعض الآخر يتنفس هواء تتدنى به نسبة الاكسجين، وانه ـ أي الصحفي ـ مضطر للتكيف ضمن تلك الأجواء، دون ان يتخلى عن مطلبه الأساس بان يعمل في بيئة نقية تتوفر فيها كافة متطلبات الحرية من تشريعات وغيرها.
وفي المحصلة ادرك ان انتشار عوامل التلوث في البيئة بشكل عام انعكست على كافة البشر، واثرت على جودة الهواء الذي يتنفسونه، والدليل على ذلك تلك الازمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعاني منها المنطقة ويعاني منها العالم كله.
ادرك أيضا ان حرية الصحافة ليست مطلبا للصحفي فقط، وانما هي مطلب وحاجة لكل الناس، وبالتالي فإن مطلب الحرية الصحفية هو ركن أساسي من مطالب الحريات العامة ويتعلق بكافة البشر.
غير انني اتوقف كما هو غيري عند قضية اعتقد انها جدلية، وتتمثل بتوصيف الحرية، وما اذا كانت مطلقة ام انها محددة بضوابط، ومتطلبات حياتية ومجتمعية وبحقوق آخرين. مبررات التوقف عند هذه النقطة ما نلمسه من خلط واضح في المفاهيم، وفي الممارسات، وكذلك في الأدوات، وبصورة نزعت قدسية المهنة الصحفية، وافرغتها من مضمونها، وساوت بين الحرية الصحفية وبين ما يرتكب من جرائم تحت ذلك العنوان وما نلحظه من فوضى أطاحت بالكثير من ضوابطها.
اشير هنا الى الخلط الواضح بين الصحيفة وبين وسيلة التواصل الاجتماعي، والذي تجاوز المفهوم الى المضمون، والى اختلاط الأمور ما بين سوء النية، وحسنها، وبين الجهل الذي يطفو على السطح ويستخدم في تقديم مواد سطحية لا مصداقية لها لكنها تنتشر انتشار النار في الهشيم وتتحول الى مسلمات يتداولها الناس بغض النظر عن تاثيراتها السلبية من تشهير وتوجيه للراي العام وتحشيد له.
نماذج كثيرة يصعب حصرها، لكنني اتوقف عند الخلط بين الفيسبوك كوسيلة تواصل اجتماعي شعبية، وبين الصحافة الالكترونية، حيث تحولت ملايين صفحات الفيسبوك الى صحف الكترونية، لا تكتفي بنقل الاخبار عن الصحف والمواقع، بل تنشر أشياء لا علاقة لها بالصحافة، ولا تخضع لاية ضوابط صحفية، ويمكن تصنيفها باي شيء باستثناء الصحافة.
وللأسف الكثير منها شائعات، ومنها مشاريع تشهير، واجتزاء معلومات، ونقل أمور ليست صحيحة، وبناء قصص دون علم او معرفة ودون بحث او تقص حول مصداقيتها.
وللأسف الشديد لم تقتصر تلك الصورة على بعض صفحات الفيسبوك، وانما تعدتها الى مواقع الكترونية تمارس الابتزاز والتشهير في سبيل الحصول على مردود مالي.
في اليوم العالمي للصحافة، وبينما ترتفع بعض الأصوات من اجل إزالة كل الضوابط، التي تحكم المهنة، أرى ان هذا المطلب حق، ولكن ان تكون هناك مهنة أولا، وان لا يسمح بممارستها الا للمهني، وان يكون ذلك المهني مسؤولا امام القانون، وفي الوقت نفسه، أرى انه لا بد من التفريق بين مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر السياسية.
وارى انه لا بد من التفريق بين حرية الراي والتعبير وحرية الصحافة، وان يتم التفريق في الأدوات بينهما، فالصحافة تتعامل بالخبر والمعلومة والتحليل ومن ثم الراي، وهذه الأمور تتطلب تاهيلا مهنيا واكاديميا،كما تتطلب أدوات محددة كالصحف والاذاعات ومحطات التلفزة، ومختلف وسائل الاتصال الالكترونية. اما حرية التعبير فمن الممكن إيجاد أدوات لها من بينها ساحات عامة ومنصات خطابة يمكن من خلالها لاي شخص ان يتحدث بما يقتنع به، وان يستمع الى ما يريد، إضافة الى المنابر الأخرى. كما يمكن توظيف وسائل الصحافة والاعلام في خدمتها ولكن بإدارة واشراف ومتابعة الصحفيين المهنيين .
في اليوم العالمي للصحافة أطالب بان لا يتم قتل الصحافة تحت مسمى حريتها.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/04 الساعة 00:33