الفصل 230.. صراع الحرية بين عمالقة التكنولوجيا والكونجرس الأمريكي
مدار الساعة -أشعلت تعديلات قانون حماية منصات التواصل الاجتماعي صراعا جديدا بين عمالقة التكنولوجيا والكونجرس الأمريكي إثر غضب ترامب من حذف تغريداته.
ويتفق رؤساء "فيسبوك" و"جوجل" و"تويتر" على نقطة واحدة على الأقل هي أن قانون حماية منصات التواصل الاجتماعي، الذي يريد عدد كبير من المسؤولين إصلاحه، لا يحمي المنصات وحدها، بل كذلك المستخدمين بمن فيهم القادة السياسيين والمنظمات التي تقبل بكثافة على استخدامها
ودافع هؤلاء عن الفصل 230 من "قانون آداب الاتصالات" الذي يمنع الملاحقات القضائية المرتبطة بالمضمون المنشور من جانب أشخاص آخرين، وذلك عشية جلسة الاستماع إليهم في مجلس الشيوخ الأمريكي الأربعاء.
حرية التعبير
ويُعتبر هذا القانون حجر زاوية في حرية التعبير على الإنترنت.
لكن أعضاء مجلس الشيوخ الذين استدعوا رؤساء "فيسبوك" و"جوجل" و"تويتر"، يعتبرونه أداة للمنصات الإلكترونية تمكنها من عدم تحمل مسؤولياتها.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرج، في كلمة يُفترض أن يلقيها أمام لجنة التجارة إلى أن الفصل 230 من القانون "يشجّع التعبير" و"يسمح للمنصات بجعل المحتوى أكثر اعتدالاً".
ويوضح أنه من دون هذا القانون، ستخضع المنصات محتوى أكبر إلى الرقابة كي لا تجازف في تحميلها المسؤولية وستتعرض لملاحقات قضائية لحذفها منشورات تحرّض على الكراهية والعنف.
ومن جانبه يرى جاك دورسي، رئيس موقع "تويتر" في مداخلته "لا أعتقد أن أحداً في هذه القاعة أو الشعب الأمريكي يريد حرية تعبير أقل أو مضايقة أكثر على الإنترنت".
وتندرج هذه الحجة الرئيسية في سياق متوتر قبل بضعة أيام من الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إذ إن الشبكات تتعرض لانتقادات على نطاق واسع، لاسيما من جانب اليسار، لعدم تخفيف حدة المبادلات بما فيه الكفاية على منصاتها والتغاضي عن الكثير من المضامين العنصرية أو العنيفة أو المهينة.
ترامب "مثل طفل"
من جانب اليمين، يتّهم الكثير من المحافظين الأمريكيين المنصات بمحاباة المعسكر الديموقراطي من دون تقديم دليل ملموس.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، تحرّكت الحكومة الأمريكية ومسؤولون منتخبون لترجمة غضب ترامب حيال شركات سيليكون فالي التكنولوجية عبر تعديل الفصل 230.
واقترح السيناتور الجمهوري روجر ويكر الذي يرأس لجنة التجارة، قانوناً يقوّض الحماية التي تتمتع بها المنصات، ويرغمها على توخي "المنطق والموضوعية" في قراراتها عندما تحذف بعض المحتويات.
ويقول خبير المنصات الإلكترونية في جامعة بيركلي هاني فريد "عند أدنى تغريدة يتم تصنيفها على أنها خاطئة، يبكي ترامب مثل طفل" مضيفاً أن "الأصوات المحافظة تهيمن على الشبكات!".
ويدعم هذا الباحث إصلاحاً للقانون، لكن لأسباب مختلفة تماماً عن دوافع اليمين.
ويأخذ على شبكات التواصل الاجتماعي "إهمالها" الذي أدى بحسب قوله إلى أعمال عنف في العالم، من المجازر في بورما وصولاً إلى التدخلات في الانتخابات الأمريكية وأماكن أخرى في 2016.
ويوضح أن "على يوتيوب (جوجل)، 70% من الفيديوهات التي تتم مشاهدتها يوصى بها.. وبالتالي فإن هذه المنصات تصنف وتختار وليست فقط مواقع مستضيفة، بما أنها تقرر من خلال الخوارزميات الخاصة بها، المحتويات التي تشاهدونها".
احتكارات
في الواقع، يحمي الفصل 230 وضع المستضيف الذي تتمتع به الشبكات، على عكس وسائل الإعلام التي تُعتبر جهات تحرير تقرر ما تنشر.
ويؤكد تويتر وفيسبوك أنهما مؤيدان لمزيد من الشفافية في عملية جعل المحتوى أكثر اعتدالاً.
وأشار زوكربيرج مرات عدة إلى أنه يؤيد وضع ضوابط للمحتوى.
كما أنه يدعم تحديث الفصل 230 "لضمان" أنه ينصّ على ما كان متوقعاً.
ولا يذهب جاك دورسي إلى هذا الحدّ ويعرب عن قلقه من أن يعزز الإصلاح الاحتكارات الموجودة أصلاً.
ويحذّر من أن "في بعض الظروف، يمكن أن تتسبب قواعد صارمة بتعزيز قوة الشركات التي تملك حصصاً كبيرة من السوق وموارد لتطبيق القواعد الجديدة على نطاق واسع" مشيراً إلى أن تويتر لديه وسائل محدودة مقارنة مع منافسيه
وتصبح هذه الحجة ملموسة، بينما توجه اتهامات لشركات جوجل، وفيسبوك، وآبل، وأمازون باستغلال موقعها المهيمن.
وهذا أيضاً المنطق الذي يتحدث به الكثير من الناشطين، لأن الفصل 230 يحمي أيضاً المنتديات والمدوّنات من التداعيات في حال كان هناك سلوك مستهجن من جانب مستخدمين.
وتتّهم شيرين ميتشل أحد أعضاء "المجلس الفعلي لمراقبة فيسبوك"، المنصة بأنها لا تكافح بشكل كافٍ المحتويات الإشكالية وتعتبر أن قبل تغيير الفصل 230 يجب على الشبكات أن تحترم اللوائح التي وضعتها.
وترى أن "لو أنها طبقت قواعدها الخاصة، لما واجهنا نصف هذه المشكلات"