طارق خوري يكتب : ثقافة القتل وقطع الرؤوس ثقافة فرنسية بامتياز
لم يُفاجئنا إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه لن يتراجع عن نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد عليه السلام، فتاريخ بلاده الأسود مع أبناء أمتنا حافل بالجرائم والمجازر بدءاً بمؤامرة "سايكس بيكو" التي مزّقت أراضينا، وصولاً إلى جرائم القتل والخطف والتنكيل، ولا تزال صور الرؤوس التي قطعتها قوات الاستعمار الفرنسي من المشرق العربي إلى مغربه، وصور أخرى للإعدامات الميدانية وعمليات التنكيل والقتل وتكبيل الأهالي، موثّقة في ذاكرة الشعوب وتاريخها، وكيف كان الجنود السنغاليون الذين كانوا يعملون تحت إمرة قادة فرنسيين، يقومون بعمليات قتل وحشية وإعدامات ميدانية.
كما لا ننسى ما قام به مندوب الاستعمار الفرنسي هنري غورو الذي قاد جيش بلاده لاستعمار سوريا عام 1920 بقصف دمشق بالمدافع، وقمع حركات المقاومة الوطنية، وملاحقة أحرار سوريا المطالبين بالاستقلال، وتصفيتهم وقتلهم، حتى أنه استخدم الطائرات في مواجهتهم.
وقد ارتقى العديد من المقاومين شهداء في تلك المعارك، من بينهم وزير الدفاع السوري يوسف العظمة شهيد معركة ميسلون عام 1920.
إذاً ثقافة القتل وقطع الرؤوس هي ثقافة فرنسية بامتياز، وإننا إذ لا ندافع عن القتل أياً كانت الدوافع، نرى أنّ السياسة العنصرية الفرنسية هي التي أدّت إلى تغذية أفكار التطرُّف والعنف، وإنّ دعم الغرب للإرهاب هو السحر الذي نراه اليوم ينقلب على الساحر.
كما أنّ مواجهة ما يحصل من إساءة إلى الرموز الدينية لا يكون بالحملات الإعلامية ومقاطعة المنتجات الفرنسية وحسب، بل بوحدتنا ورصّ صفوفنا، مسلمين ومسيحيين، في مواجهة كلّ ما يُحاك من مؤامرات تستهدف لُحمَتنا وقيم العيش الواحد في مجتمعنا، فماذا تنفع مقاطعة البضائع الفرنسية في وقت تُغرَق أسواقنا بمنتجات الكيان الصهيوني المحتلّ لأرضنا الفلسطينية، بينما يُعلن بعض العرب، للأسف وقوفهم إلى جانب فرنسا في وجه حملة المقاطعة؟
د . طارق سامي خوري