إبراهيم الزعبي يكتب: الواسطة.. في المنظور الملكي

مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/27 الساعة 23:29
«كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».. وعندما يتحدث رأس الدولة عن الواسطة والمحسوبية، بصفته الأمين على مصالح الوطن والمواطن، فهو يدرك خطر هذه الآفة التي تفتك في المجتمع، وتعطل مواد دستورية تنادي بمبدأ سيادة القانون والعدل والمساواة، وأن محاربتها يعزز مكانة الأردن في مكافحة الفساد. لقاء الملك المحافظين أول من أمس وبحضور ولي العهد، تضمن رسائل عديدة للمسؤول والمواطن على حد سواء، وسيادة القانون في المنظور الملكي، هو عنوان عريض اذا تحقق بات الوطن في مأمن واستقرار، وتحقيق السيادة لن يتأتى بدون العدل والمساواة للجميع، والشفافية مطلب ملكي فيما نحن مقبلون عليه من استحقاق دستوري لانتخاب من يمثلنا، وهي مطلوبة أمام الله والشعب. كثيرة هي اللقاءات الملكية التي تناولت موضوع «الواسطة»، وكثيرة هي كتب التكليف السامية للحكومات التي حملت مضامين تنادي بمحاربتها بهدف احقاق العدل والمساواة، ولكن كثير من «حساب الحقل لا يتوافق وحساب البيدر»، وهذا ليس قصور في الرؤية الملكية بقدر ما هو قصور بالتطبيق الناتج عن وجوب تغيير ثقافة مجتمعية سائدة. الورقة النقاشية الملكية السادسة، هي خارطة طريق للخلاص من تلك الممارسات السلبية، وقد ركزت في مضامينها على الدولة المدنية التي تستند إلى حكم الدستور والقانون في ظل الثوابت الشرعية والدينية، لترسيخ مبدأ المواطنة ودولة القانون، وإن غض الطرف عن سلوكيات سلبية كالواسطة، تقوض أسس العمل العام في مؤسساتنا وترسخ ولاءات فرعية على حساب الولاء للوطن. الواسطة.. هي تجاوز على مؤسسات الدولة، وهي تزيين للباطل على أنه حق، ويجب الاعتراف بوجودها في مؤسساتنا على كافة الاصعدة من «الوزير إلى الخفير»، وأن الحد منها أو محاربتها يتطلب جهدا جماعيا قائما على تجسيد ثقافة مجتمعية روحها الدستور الذي بين للمواطن ما له وما عليه من حقوق وواجبات. الواسطة.. هل هي عرف مجتمعي؟ كثير من الأردنيين عند مراجعته أي مؤسسة حكومية، ما يخطر في باله أولا، هو البحث عن واسطة لتسيير أموره، رغم أن معاملته ربما «ماشية» ولا تحتاج فقط إلا بضع من الوقت لإنجازها، ولكن تكون الواسطة بهدف التسريع في الإنجاز، ولإضفاء نوع من «البرستيج» والاهتمام بصاحب المعاملة. نعم.. لقد بتنا الآن أحوج الى تغيير ثقافة مجتمعية تكرس الواسطة والمحسوبية، ثقافة تعزز دولة القانون تشريعا وتطبيقا في اطار اخلاقي ينهي ظاهرة نمقتها في العلن ونمارسها كلما دعت الحاجة، رغم قناعتنا انها تعدي على حقوق الغير أحيانا، ولكن عظمة «الأنا» وحب تأكيد الذات، واحاطة أنفسنا بهالة من الاهتمام تدفعنا لسلوك سلبي يعطل مبادئ العدل والمساواة. الرأي Ibrahim.z1965@gmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/27 الساعة 23:29