القضاة يكتب: هل الإجرام بالفطرة

مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/26 الساعة 22:22

مدار الساعة - كتب: الدكتور فهد القضاة

أثبتت الكثير من الأبحاث والدراسات وكتب علم الاجرام والعقاب أنه لا يوجد مجرم بالفطرة، ولكن هناك مجموعة من الأسباب والدوافع كانت السبب في دفع شخص ما الى أن يكون مجرماً، فما هي هذه الدوافع؟ .

هناك بعض المصطلحات المستخدمة لدى البعض والتي يمكن أن تؤدي بشخص ما الى ارتكاب عمل اجرامي مثل: ابن شوارع هامل فاشل ...... فمثل هذه الكلمات كفيلة بأن تجعل الشخص المقصود بها ينحرف عن طريق الصواب اما لتصديقه بها أو للانتقام ممن نعته بهذه الصفات أو الانتقام من المجتمع الذي لم يجد فيه ما يستحقه من الاحترام والتقدير.

ومن الأسباب المؤدية الى الجريمة كذلك الفقر والبطالة، فعندما لا يجد المجرم العمل الذي يلبي من خلاله متطلباته الأساسية من مأكل وملبس ومسكن .... فأنه قد يبحث عن طرق غير مشروعة للحصول على المال.

فشل الطالب في اجتياز مراحله التعليمية قد يكون دافعاً لدخول عالم الجريمة عند البعض ، فتعرض هذا الشخص للمعاملة السيئة من الاهل وتأنيبهم له قد تجعله يعبر عن تلك المضايقات بوسائل غير مشروعة وقد ينتج عن ذلك شخص فاشل اجتماعياً ، ولا ننسى كذلك التفكك الأسري كدافع لدخول هذا العالم ، فوجود الشخص في هذه الظروف تجعله يبحث عن البديل وقد يكون هذا البديل هم رفاق السوء الذين يعززون الاحاسيس بالرجولة والاستقلالية والحرية ولكنها الحرية غير المسؤولة ، ويزداد الأمر سوءاً اذا رافق ذلك ارتياد الأماكن غير الامنة كالنوادي الليلية وأماكن شرب الخمور والدعارة والمخدرات ، ارتياد هذه الأماكن وما توفره من سعادة وهمة ومدمرة تجعله بحاجة الى المزيد من الأموال ، وفي ظل غياب مصدر الرزق سيضطر الى سلوكيات غير قانونية لتوفير المال ، فتصبح ( البلطجة ) هي ديدنه للحصول على ما يريد مما قد يضطر الى استخدام القوة في غير موضعها . وهنا لا ننكر أن الظروف كانت سبباً في انحراف هذا الشخص عن جادة الطريق.

من خلال دراستي لعلم الأجرام والعقاب، اعتقد أنه لا يوجد ما يسمى مجرم بالفطرة وليس هناك مجرم فقط لأنه يحب الأجرام، فأغلب المجرمين التي أجريت لهم دراسات حالة تبين أنهم كانوا أناس أسوياء، ولكنهم تعرضوا لضغوطات دفعتهم لارتكاب جرائمهم، والمجرم بمجرد ارتكابه لأول جريمة فإنه يعتد الجرائم فيما بعد.

ما هو علاج الاجرام؟ هل هو السجن؟ قبل أن نتحدث عن علاج الاجرام علينا أن نولي موضوع الوقاية الاهتمام الكبير ، فلا بد لمؤسسات المجتمع المدني أن تقوم بدورها التوعوي والوقائي لحماية الشباب من دخول هذا العالم من خلال تقوية الوازع الديني والأخلاقي ، وهنا يكمن دور المدارس ودور العبادة ومراكز الشباب ، أما العلاج فلا يكون بإيداع المجرم السجن فقط ، وانما لا بد من العمل على تأهيل من يدخلون السجون وعرضهم على أخصائيين اجتماعيين لإجراء دراسة حالة لكل واحد منهم للوقوف على أسباب ودوافع الجريمة لديهم ، ثم إخضاعهم لدورات تدريب مهني لإكسابهم حرفة لتكون مصدر دخل لهم ومتابعتهم ومحاولة توفير فرص عمل لهم حتى بعد مغادرتهم السجون.

المجرم لا يكون مجرماً بالفطرة، فقد أخبرنا سيدنا محمد صل الله عليه وسلم أن المولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه .... وعليه نقيس أن المجرم هو حصيلة ظروف قاسية دفعت به ليرتكب أعمالاً لا يقبلها ديننا ولا عرفنا ولا مجتمعنا.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/26 الساعة 22:22