ابراهيم القيسي يكتب: اعتبروها مهلة لتسيير أعمال
المطالبون للحكومة بل للدولة كلها برؤية نتائج سريعة في ملفات عديدة، هل هم محقون في هذه المطالبات؟.. بل قل هل يعتقد المتعجلو ن بأننا نمر في ظروف سياسية واقتصادية طبيعية؟.. أعتقد بأنها حتى لو كانت طبيعية فالظرف الصحي يحتم علينا أن نتريث (هونا ما) كي لا نندم على التسرع يوما ما.
ما يقال عن هذه الحالة من المطالبات للحكومة بأن تنجز وتقدم نتائج إيجابية، يقال عن الوزارات منفردة، فكل الطاقم الحكومي اليوم مطلوب منه دراسة ما يقع في حدود مسؤولياته، وهذا ما نفهمه من مطالبة رئيس الوزراء مهلة 100 يوم، ليتقدم بخطته السياسية في إدارة الشأن الأردني، وهي مدة لم تأخذ بعين الاعتبار ظرف الجائحة، بل تتعلق فقط بعنوان واحد تطرحه هذه الحكومة عن عملها وحدود مسؤوليتها، وهو (حاسبونا بناء على ما نعدكم به)، لهذا من حقها ان تعد بما تستطيع، ولن تتعهد بشيء قبل معرفة واقع الحال والممكن الذي تستطيع تقديمه..
أما عن الجائحة وتداعياتها، والتي تضرب يوميا في اكثر من زاوية من حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتهدد سلسلة ثوابت أمنية، فإن الحكومة يمكنها مجاراتها من خلال قانون الدفاع ومن خلال المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، وعن طريق اللجان الحكومية التي كانت تقوم بمهامها اليومية مع الحكومة السابقة، وقد استمعت أمس لجانب من حديث وزير الزراعة محمد داودية، خلال لقاء جمعه بمجلس الشراكة الزراعي، حيث عبر في مستهل حديثه للمجتمعين الذين التقاهم صباحا بوزارة الزراعة، بأنه يعلم بأن أكثر ما يؤرق المزارعين والعاملين والمستثمرين في هذا القطاع، متعلق بفتح أو إغلاق العمل بناء على الوضع الوبائي، إذ بيّن داودية بأنه عضو في هذه اللجنة الحكومية التي تقرر الحظر وشكله من عدمه، ويقول بأن الحيرة تتملكه شخصيا عند مشاركته باتخاذ مثل هكذا قرارات، لأنه يعلم بأن الحظر قرار مؤلم وله كلفته المتسلسلة (اقتصاديا واجتماعيا ..الخ السلسلة)، وإن قرار الفتح وعدم الحظر أيضا فيه مسؤولية كبيرة، فنحن نتعامل مع وباء سريع الانتشار ولا مجال للتراجع او حتى للتعبير عن الندم إن وصل الوباء لحدود خطيرة، تكشف عنا الغطاء الصحي ونواجه حالة مستعصية على التدخل والتخفيف عن الناس.. وهذا نموذج من التحديات اليومية التي لا تتعلق لا ببيان حكومة ولا بخطة ولا ببرنامج سياسي مبني على مراحل وتوقيت.
نقول هذا لنذكر أنفسنا بأننا أصلا نعيش مع كل العالم ظرفا جامحا بالتحديات الصحية والاقتصادية والأمنية، وأن الحكومة التي انتهت فترتها الدستورية كان هذا عملها في الأشهر الأخيرة، والفرق الوحيد أن الحكومة تغيرت، لكن الظروف لم تتغير وما زال الجانب الصحي هو الذي يشغلنا جميعا، ويدفعنا لمجاراته بقرارات قد تكون صعبة وغير مستساغة لمن يفكر (بترف) سياسي وديمقراطي.
منذ الآن؛ وحتى أن تنتهي الـ100 يوم التي تحدثت عنها الحكومة، همنا اليومي الأول هو الجائحة، التي نتمنى أن لا تستفحل في بلدنا أكثر، لننسى معها حتى الأيام المئة وربما الألف، فلنعتبرها إذا مهلة لتسيير اعمال حتى تنجلي المهلة، والتي نتمنى معها أن تنجلي غمامة الجائحة وتختفي أزماتها المتناسلة. الدستور