رحلة عبر الزمن.. متحف للآرمات يروي تاريخ الأردن (صور)

مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/19 الساعة 15:00

في العاصمة الأردنية عمان يحملك متحف متخصص بالآرمات (لوحات إعلانية) الكلاسيكية في رحلة عبر الزمن ويعود بك إلى خمسينيات القرن الماضي حتى التسعينيات.

مدار الساعة - محمد العرسان - تقوم فكرة "متحف آرمات عمان" الذي أُسس في شهر أغسطس/آب الماضي على جمع اللوحات الإعلانية القديمة التي توثق تاريخ مدينة عمان التي تأسست عام 1909، إذ يعرض المتحف أسماء محلات تجارية، وأطباء، ومحلات النوفوتيه، وفنادق، ومكتبات ومقاهٍ، ومؤسسات حكومية كانت في تلك الحقبة، خُطت باليد في وقت لم تكن فيه اللوحات الحديثة متوافرة.

أمين "متحف آرمات عمان"، الخطاط غازي خطاب، يقول لـTRT عربي، إن المتحف عبارة عن آلة للزمن تقودك الآرمات الكلاسيكية فيه إلى تاريخ محلات مدينة عمان عبر سيرة تجارية، وأطباء، ومحلات النوفوتيه، وفنادق، ومكتبات ومقاهٍ، ومؤسسات حكومية كانت في مدينة عمان بالقرن الماضي".

خطاب الذي درس في ألمانيا فن تصنيع اللوحات، يروي للزائرين تاريخ كل لوحة ومن مالكها والتاريخ التي ارتبطت به ويقدم سيرة توثيقية للنشاط التجاري والاجتماعي في تلك الفترة.

احترف خطاب الخط العربي، فبدأ منذ عام 1986 جمع اللوحات الإعلانية الكلاسيكية لتخليد ذاكرة عمان والخطاطين الكلاسيكيين الذين امتهنوا هذه المهنة، وأنشئ هذا المتحف بدعم كامل من الشركة الهندسية لصناعة الإعلان، التي يُعتبر خطاب أحد مؤسسيها وشريكاً فيها مع أشقائه.

إلا أن حبه للخط العربي بدأ منذ نعومة أظفاره، يقول: "عشقي للوحات والآرمات بدأ مبكراً منذ 50 سنة عندما كنت أستقل الحافلة من مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين حيث أعيش متوجهاً إلى بقالة والدي في منطقة العبدلي. كنت أشاهد الآرمات المخططة باليد للمحال التجارية في وسط البلد، حاولت الحفاظ على هذا الفن من الخط الكلاسيكي العربي، لذا بدأت جمع هذه الآرمات بطرق مختلفة، كشرائها أو التبرعات من أصحابها، أو أستبدل بآرمات جديدة أخرى قديمة".

يضيف: "في بداية شهر أغسطس/آب الماضي افتتحتُ المتحف بعد أن جمعت مئات الآرمات الكلاسيكية، التي تعيدك إلى الماضي في فترة الخمسينيات والستينيات وتوثق حقبة اجتماعية من تاريخ عمان بأسماء أطبائها، والمحامين والخياطين، ومحلاتها، ومواصلاتها، هدفي خلق ذاكرة فنية لعمان".

يقبع المتحف فوق "السنترال"، أحد أقدم المقاهي وسط العاصمة عمان، في شارع الملك حسين. "رحلة عبر الزمن"، هكذا يصف أمين "متحف آرمات عمان" الخطاط غازي خطاب، الرحلة بين آرمات عمان.

"أسعى لإعادة إحياء هذا الإرث والحفاظ عليه، وعلى أسماء الخطاطين بدلاً من أن تتحول إلى قطع خردة، تمكنت من إنقاذ آرمات دُهنت من جديد ورُميت في المستودعات حصلت عليها ورمّمتها من جديد، هذه ليست مجرد آرمات، بل قصص أشخاص وذكريات في حقبة ما".

يقول خطاب: "خلقت هذه اللوحات حنينا لدى الزوار، إحدى السيدات المسنات اللواتي زرن المتحف فوجئت باسم كوافير كانت ترتاده في سبعينيات القرن الماضي، في المتحف. وثقنا 70 سنة من عمر عمان من خلال هذه الآرمات".

يحتوي المتحف على عدد من الآرمات النادرة التي توثق تاريخ عمان، من أبرزها لوحة "المخزن الملكي الهاشمي" من عام 1949 لصاحبها الأرمني الأردني روبين كتشجيان، التي كانت واجهة لمحل معدات التصوير الخاص به وقد عمل هذه اللوحة الخطاط الأرمني ألبيرت.

ويحتفظ خطاب بإحدى الآرمات التي تعود إلى الثمانينيات، التقط حينها صورة له تحتها وهو في المرحلة الثانوية، واليوم يعرضها بالمتحف مستذكراً مرحلة من عمره.

حدود اللوحات الإعلانية التي حصل عليها خطاب تتجاوز الأردن لتصل إلى لوحات محلات تجارية كانت في مدينة نابلس بفلسطين، وعاشت هذه الآرمات تجربة اللجوء عام 1967 بعد سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية، ومنها آرمة نوفوتيه غازي الطاهر، وهي من صنع الخطاط الفلسطيني شوقي يعيش.

يقول إن "دموعاً كثيرة انسكبت في هذا المكان لأشخاص مسنين تذكروا أسماء أطباء عالجوهم، أو أماكن قضوا فيها أياماً جميلة كفنادق، بعض اللوحات كان شاهداً على أحداث مؤسفة مرّ بها الأردن في فترة السبعينيات، وما زال بعض اللوحات يحمل آثار عيارات نارية من تلك الحقبة".

ما سعر زيارة المتحف؟ "ثمن تذكرة دخول المتحف هو حب الزائر للعاصمة الجميلة عمان وحرصه على الالتصاق بالخط العربي ولغتنا العربية. أقول للناس المحرومين من السفر بسبب كورونا تعالوا وزوروا عمان في خمسينيات القرن الماضي"، حسب خطاب الذي يفتح أبواب المتحف يومياً مجاناً للزائرين.

زوار المتحف لم يُخفوا انبهارهم بالجهد الذي بذله خطاب، ولا يُخفي الصحفي عبد الله الخوالدة انبهاره بالجهد الذي بذله خطاب لتوثيق تاريخ العاصمة عمان من خلال لوحات تجارية، يقول لـTRT عربي: "شعرت كأني أطالع كتاب تاريخ لمدينة عمان، بعض اللوحات يبيّن لك طبيعة الحياة الاجتماعية في فترة الخمسينيات حتى التسعينيات، كان هناك انتشار للسينما، حتى إن المتحف يُريك طبيعة مواصلات النقل التي كانت مستخدمة قديماً".

وخصّص خطاب دفتراً ليوثق فيخ الزوار رسائلهم. هدى سيدة أردنية تركت رسالة تقول: "دون سابق تخطيط وبالصدفة زرت المتحف في وسط البلد، لأجد روحي في رحلة تعود في الماضي إلى خمسين سنة خلت، كانت رحلة غير متوقعة في الزمن، شيء لا يُنسى أبداً".

ويضمّ المتحف زاوية مخصصة لأشهر الخطاطين الكلاسيكيين الذين عرفتهم عمان، إلى جانب معروضات لأدواتهم التقليدية وصورهم الشخصية، بهدف تكريمهم.

ويخصّص خطاب المتحف كمساحة ثقافية مجانية، إذ احتضن جلسات لتعليم عزف الآلات الموسيقية، واجتماعات شهرية لنادي السيارات الكلاسيكية، بغية تعزيز الفاعليات الثقافية. TRT عربي

 

 







مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/19 الساعة 15:00