نضال منصور يكتب: بين نقد حكومة الخصاونة وإسنادها
لا نريد أن نصدر أحكاما مسبقة على حكومة د. بشر الخصاونة بناء على تشكيلتها والانطباعات التي تولدت عنها في الايام الاولى من عمرها، ويهمنا في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد ان نقدم لها الدعم والاسناد والنصيحة لتعبر بالناس الى بر الأمان.
هذا لا يمنع ان نقرأ بعض الاشكاليات وندقق بها، لكن هذا ليس وقت التلاوم وجلد الذات، وإنما وقت توجيه الطاقات للعمل والإنجاز، فلا نملك ترف الوقت للمناكفات، وجل ما هو مطلوب تقديم خطة عمل والمباشرة بأداء المهام لتظهر النتائج.
لو عادت الأيام لكنا نتمنى على الخصاونة ان يشكل حكومته خارج المعادلات والاعتبارات الناظمة منذ عقود، فيتحرر من التوزير الذي يأخذ في الحسبان المناطقية والديموغرافيا، ويتحرر ايضا من الاستجابة لمراكز القوى والنفوذ.
واقع الحال ان الرئيس الخصاونة في تشكيله للحكومة كان محكوما لكل الهواجس والضغوط التي تثقل الحمل على الأردن، وكان ينظر في كل الاتجاهات طامحا في سد الثغرات والثقوب، فهو يعرف ان هناك برلمانا قادما قبل نهاية العام، ولهذا اختار بعض الوزراء الجدد مثل توفيق كريشان، وأبقى وزراء من حكومة الرزاز كوزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة لضمان القدرة والفعالية على التعامل مع النواب وإطفاء الحرائق كلما كان ذلك ضروريا وممكنا.
يدرك الرئيس بحكم وجوده في مطبخ القرار قبل توليه السلطة التنفيذية ان ثلاثة ملفات تشغل البال وتؤرق صاحب القرار، ولا بد من النهوض بها، والتعامل معها فورا دون إبطاء واولها الملف الصحي بعد جائحة كورونا، وكان الخيار الاسلم ان يعهد للناطق الاعلامي للجنة الاوبئة طوال الأشهر الماضية د. نذير عبيدات ليصبح وزيرا للصحة، فيكمل العمل دون توقف.
الملف الثاني المؤرق كان وما يزال الوضع الاقتصادي فأبقي وزير المالية محمد العسعس وعزز الموقف بإسناد موقع نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية للوزير المخضرم أمية طوقان لعلهما معا يجدان حلولا خلاقة خارج الصندوق.
تعقيدات ملف السياسة الخارجية فرضت بجدارة استمرار الوزير أيمن الصفدي الذي أثبت نجاحا وتميزا في إبقاء الأردن حاضرا وقادرا على النجاة، ومواجهة الحصار السياسي الذي يتعرض له.
لو كانت حكومة الخصاونة أكثر رشاقة، ولو تجنب “وزراء الحشوات”، وكذلك الأمر الوزراء الذين لا يمكن ضبطهم وقد يتسببون في الحرج للحكومة، ولو اهتم بمراعاة قضايا حقوق الانسان والجندر في التشكيل لربما كانت نظرة الشارع أفضل بكثير، ولتقلصت مساحة النقد الموجه لها.
تشكيل الحكومة أصبح وراء ظهورنا، والمهم ما ينتظره الناس من اجراءات ملموسة تطمئنهم على سلامتهم وصحتهم ومستقبلهم، والمراوحة والمراوغة في الخطاب المتعلق في فيروس كورونا لا تريحهم وتقلقهم.
المطلوب اجوبة واضحة ومقنعة، ولا يكفي ان نشير لإجراءات مؤلمة فهذا يزيد من تيه الناس وتوترهم.
على الحكومة ان تضع النقاط على الحروف، فتقول مثلا انها ستستمر بالحظر الشامل يومي الجمعة والسبت حتى نهاية العام لخفض الاصابات الى ما دون 500 او اقل، اي تضع هدفا لتحقيقه يستند للعلم والتجارب الدولية.
إشاعة الحظر الشامل الطويل تعاملت معها الحكومة بالنفي المتأرجح والخجول، فحين تقول لن نلجأ للحظر الشامل الطويل “حاليا”، فهذا يعني أنه بعد شهر قد يكون واردا ومحتملا، والصحيح ان تقول الحكومة سنلجأ لحظر شامل مدته اسبوعان او شهر إن زادت الاصابات يوميا على 5000 مثلا.
الخطاب الإعلامي يحتاج الى دراسة، واي اجراء سيتخذ، او اي كلام سيقال يجب ان يكون محسوبا بدقة.
وزير الدولة لشؤون الاعلام علي العايد ممن يعتمد عليهم، وبناؤه لاستراتيجية وخطة إعلامية عاجلة أمر ملح حتى لا نغوص في الرمال المتحركة، ولا نقوى على التعامل مع عالم السوشال ميديا الكاسحة والمسيطرة على الرأي العام.
الأيام الأولى من عمر الحكومة مهمة، والنجاح والإخفاق يبنيان عليها، فلا وقت للإحماء في هذه الظروف الاستثنائية التي لا تمهل احدا.الغد