عبدالله أبوحجيله يكتب: التكييف القانوني لجريمة فتى الزرقاء
مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/17 الساعة 14:51
بقلم د.عبدالله أبوحجيله
تتلخص أحداث ما يسمى بجريمة "فتى الزرقاء" كما نُشرت في بعض المواقع الإخبارية، بأنه تم خطف فتى يبلغ من العمر(16 سنة) من قبل عدد من المجرمين المكررين للجرائم،حيث اقتادوه إلى منطقة خالية من السكان شرق مدينة الزرقاء، وقاموا بقطع يديه بأداة حادة وفقْء عينيه، وتُركوه في منطقة خالية من السكان، وتم العثور عليه من قبل بعض الأشخاص وتم نقله إلى المستشفى، وقد أجريت له في المستشفى عمليات بتر ليديه من الرسغ، ومعالجة لعينيه نتيجة تعرضهما للطعن،ويبدو أن سبب الاعتداء على الفتى هو جريمة قتل سابقة ارتكابها والده.
وقد أثارت هذه القضية الرأي العام الأردني والعربي، فالشعب الأردني غضب من هذه الجريمة البشعة فور انتشار انبائها وطالب كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي بمعاقبة الجناة بعقوبة الاعدام، وتابع الملك عبد الله الثاني تفاصيل هذه القضية موجهاً إلى اتخاذ أشد العقوبات بحق الجناة، وتوفير العلاج اللازم والضروري للفتى المجني عليه.
في المجال الجنائي، وفي سياق ما تقدم تُطرح ثلاثة تساؤلات جوهرية هي:
- هل يمكن قانوناً أن تصل عقوبة الجناة إلى الإعدام؟ وإذا تعذر الحكم بالإعدام لأن وقائع هذه الجريمة لا تُشكل إحدى الجرائم المعاقب عليها بالإعدام- ما العقوبة التي يمكن الحكم بها ؟ وأخيراً- ما المحكمة المختصة بالنظر بهذه الجريمة البشعة؟
ابتداءً أود أن أشير إلى أنني كسائر أفراد المجتمع الأردني متعاطًفٌ مع ضحية هذه الجريمة البشعة، وأتمنى أن يُعاقب مرتكبيها بالإعدام،ولكن عاطفتي هذه لا تمنعني كمتخصص في مجال القانون الجنائي من محاولة تحديد العقوبة التي يستحقهاهؤلاء الجناة وفقاً للتطبيق القانوني السليم حتى ولو لم تكن عقوبة الإعدام.
يجب أن لا يغيب عن أذهاننا أعرق وأهم مبدأ من مبادئ القانون الجنائي – وهو مبدأ "شرعية الجرائم والعقوبات"، هذا المبدأ الذي رسّخه المُشرع الأردني في المادة (3) من قانون العقوبات، وجوهر هذا المبدأ هو حصر الجرائم والعقوبات في نصوصٍ قانونية محددة، وهذا المبدأ يضع حداً فاصلاً بين اختصاص المشرّع واختصاص القاضي، فالقاضي لا يجوز له أن يعتبر فعلاً معيناً جريمة إلا إذا وجد نصاً قانونياً تم تجريم هذا الفعل بمقتضاه بشكلٍ دقيق، فإن لم يجد القاضي نصاً قانونياً- فلا سبيل إلى اعتبار هذا الفعل جريمة، حتى ولو اقتنع القاضي بأنه يتنافى مع العدالة أو الأخلاق أو الدين أوأنه ضارٌ بالمجتمع بأسره.
وانطلاقاً مما تقدم، يتعيّن لمعرفة العقوبة المقررة للجريمة سالفة الذكر تحديد وتوضيح النصوص التجريمية الواردة في القانون الأردني التي تدخل ضمن نطاقها أفعال جناة "فتى الزرقاء" ،وبمطالعة هذه النصوص يتضح أن أفعال الجناة تدخل ضمن نطاق واحد أو أكثر من النصوص التالية :
أولاً : نصا المادتين (328/1 و 170/1) من قانون العقوبات، وهما يُعاقبان على جناية الشروع التام في القتل القصد مع سبق الإصرار ( القتل العمد) بالأشغال المؤبدة أو الأشغال عشرين سنة- وسنوضح ذلك كما يلي :
نصت المادة (328/1) من قانون العقوبات على أنه: ( يُعاقب بالإعدام على القتل قصداً إذا اُرتكب مع سبق الإصرار، ويقال له القتل العمد)، ونصت المادة (70/1) من ذات القانون على أنه: ( إذا كانت الأفعال اللازمة لإتمام الجريمة قد تمت ولكن لحيلولة أسباب مانعة لا دخل لإرادة فاعلها فيها لم تتم الجريمة المقصودة، عوقب على الوجه التالي :1- الأشغال المؤبدة أو الأشغال عشرين سنة إذا كانت عقوبة الجناية التي شُرع فيها تستلزم الإعدام.....الخ).
دون الإسهاب في الحديث عن الأركان والعناصرالواجب توافرها لقيام جناية الشروع التام في القتل العمد- إن المطلوب من النيابة العامة هو إثبات جناية الشروع التام في القتل العمد ، وذلك بإثبات استعمال الجناة لأدوات حادة أدت إلى إصابة الفتى المجنى عليه بإصابات خطيرة تمثلت بقطع يديه وفقء عينيه، ولولا اسعافه إلى المستشفى لأدت هذه الإصابات إلى وفاته،وهنا يجب الاستعانة بتقارير وأقوال الخبرة الطبية التي تفيد بهذه النتيجة المتوقعة وهي ( الوفاة)، وذلك حين مناقشة الخبير من قبل النيابة العامة أمام المحكمة، كما ويجب على النيابة العامة إثبات القصد الجنائي لقتل الفتى مع ظرف سبق الإصرار،وإذا عجزت النيابة العامة عن إثبات القصد المباشر، فلها أن تثبت القصد غير المباشر ( القصد الاحتمالي) ، وهذا القصد يمكن إثباته بمجرد إثبات توقع الجناة لنتيجة القتل والقبول بها،وتستدل المحكمة على هذا القصد من الأدوات القاتلة التي أُستعملت في الجريمة ومكان إصابات المجنى عليه،ونعتقد بأن هذا الأمر من السهل إثباته، فمن الثابت استعمال أدوات حادة وقاتلة بطبيعتها أدت إلى تقطيع يدي المجني عليه وفقء عينيه، وأخيراً يتعيّن على النيابة العامة إثبات سبق الإصرار كظرف مشدد يُغلظ عقوبة هذه الجريمة لتصبح الإعدام،وبتقديرنا إن إثبات هذا الظرف هو أيضاً ليس بالأمر الصعب، سيما أن تفاصيل القضية تنبئ عن وجود تخطيط مسبق لهذه الجريمة، وهذا التخطيط امتد لفترة زمنية تكفي للقول باستقرار الجريمة في أذهان الجناة وتصميمهم عليها، فهؤلاء الجناة كما يتضح من وقائع الجريمة اقتادوا المجنى عليه لمكانٍ بعيد، بعد أن جهزوا الأدوات الحادة واستجمعوا انفسهم للاعتداء عليه،كما أن الاعتداء وقع عليه بسبب جريمة قتل سابقة ارتكبها والده (أي والد الفتى).
وبناءً على ماتقدم، أنه وفي حال ثبوت جناية الشروع التام في القتل العمد، فإن العقوبة التي يستحقها الجناة هي الأشغال المؤبدة أو الأشغال لمدة عشرين سنةعملاً بالمادتين(328/1 و 70/1) من قانون العقوبات الأردني، والمحكمة المختصة بذلك هي محكمة الجنايات الكبرى عملاً بالمادة (4/أ/1و3) من قانون محكمة الجنايات الكبرى.
وينبغي التنبيه هنا إلى ملاحظتين الأولى، أنه إذا ثبت أن الجناة أو أحدهم مكرراً لجرائم من نوع الجناية ويبدو أن ذلك وارداً بحسب تفاصيل هذه القضية- فإنه يجب على المحكمة تضعيف عقوبة الأشغال المؤقتة بحد أقصى هو (25سنة)عملاً بالمادة(101/1)،والثانية، أنه وعلى فرض أن المحكمةعاقبت الجناة بالأشغال المؤبدة فإنه سيطلق سراحهم بعد تنفيذ (30سنة )من العقوبة عملاً بالمادة (20/1) من قانون العقوبات.
ثانياً : نص المادة (335) من قانون العقوبات الذي يُعاقب على جناية إحداث العاهة الدائمة بالأشغال لغاية عشر سنوات، ونصا المادتين ( 337 و 101 /1) من قانون العقوبات، ويتعيّن بمقتضى الظروف المشددة الواردة في هذين النصين تغليظ عقوبة الأشغال المقررة لجناية إحداث العاهة الدائمة لتزيد على أكثر من (10 سنوات)،كما أن نص المادة (302/1) يُعاقب على جنحة الخطف بالحبس لغاية ثلاث سنوات.
قبل أن نُفصل هذه النصوص ينبغي التنبيه أننا لا نلجأ لتطبيقها إلا إذا تعذر إثبات جناية الشروع التام في القتل العمد لانتفاء أحد أركانها، وبصيغةٍ أخرى، إن النصوص القانونية الواردة في هذا البند تعتبر نصوص احتياطية بالنسبة لنصوص جناية الشروع التام في القتل العمد - وسنوضّح هذه النصوص كما يلي :
نصت المادة (335) من قانون العقوبات على أنه: ( إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، .......عُوقب الفاعل بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات)، ونصت المادة (337) من ذات القانون على أنه: ( تُشدد العقوبات المنصوص عليها في المواد 333 و334 و335 ، بحيث يزيد عليها من ثلثها إلى نصفها إذا اقترف الفعل بإحدى الحالات المبينة في المادتين 327 و328).
وقد أوجبت المادة (101/1) من القانون ذاته، الحكم على المُكرّر في الجنايات ذات العقوبات المؤقتة بتضعيف العقوبة التي تستلزمها الجناية الثانية بشرط أن لا يتجاوز التضعيف (25سنة)، وقد جرّمت المادة(302/1) من قانون العقوبات فعل من يخطف ذكر يقل عمره عن (18 سنة) وعاقبت على هذا الفعل بالحبس من سنتين لغاية ثلاث سنوات.
بتطبيق جميع النصوص السالفة الذكر( دفعةً واحدة) على وقائع الجرائم مدار البحث – هذا في حال ثبوتها طبعاً- فإنها تستدعي اللجوء إلى تطبيق أقسى العقوبات مع ما يقترن بها من ظروف تشديد، ومن هنا نعتقد إن عقوبات هذه الجرائم يمكن إن تصل مع ظروف التشديد وإعمال قاعدة جمع العقوبات إلى الأشغال (28 سنة) - وذلك وفقا للمعادلة القانونية التالية:
1- الحد الأقصى المقرر لعقوبة جناية إحداث العاهة الدائمة هو الأشغال لغاية (10سنوات)عملاً بالمادة (335) من قانون العقوبات، ويضاف إلى هذه العقوبة عقوبات أخرى يتعين زيادتها بناءً على توافر ظرفين من ظروف التشديد، الظرف الأول هو- تعذيب المجني عليه بشراسة المنصوص عليه في المادة(327/4) من قانون العقوبات، وذلك بعد الإحالة إليه بموجب المادة(337) من ذات القانون،أما ظرف التشديد الثاني - فهو سبق الإصرار المنصوص عليه في المادة(328/1) وذلك بعد الإحالة إليه بموجب المادة(337) من القانون ذاته.
وتطبيقا لنص المادة (337) من قانون العقوبات يمكن زيادة نصف عقوبة جناية إحداث العاهة الدائمة ( لو افترضنا الحكم بحدها الأعلى وهو 10 سنوات) بناءً على توافر ظرفين من ظروف التشديد، وبمعنى آخر يُضاف لمدة الـ (10 سنوات 5 سنوات عن ظرف التعذيب و 5 سنوات أخرى عن ظرف سبق الإصرار ليصبح مجموع العقوبات (20 سنة) عن جناية العاهة الدائمة مع ظرفي التعذيب وسبق الإصرار.
2- إذا ثبت تكرار الجناة يجب تضعيف عقوبة الـ (20سنة) بشرط أن لا يزيد التضعيف عن (25 سنة) تطبيقاً للقيد الواردعلى التضعيف في ظرف التكرار المنصوص عليه في المادة (101/1) من قانون العقوبات- وبالنتيجه يمكن أن تصل عقوبة جناية إحداث العاهة الدائمة مع ظروف التعذيب وسبق الإصرار والتكرارلغاية (25 سنة).
3- إن أفعال الجناة تُشكل بتقديرنا إضافة إلى جناية إحداث العاهة الدائمة مع ظروفها سالفة الذكر جنحة خطف عملاً بنص المادة(302/1) من قانون العقوبات والمعاقب عليها بالحبس لغاية (3 سنوات).
4- تأسيساً على نص المادة (72) من قانون العقوبات فإنه يجوز للمحكمة أن تجمع بين عقوبة الحبس المقررة لجنحة الخطف وعقوبة الأشغال المؤقتة المشددة المقررة لجناية إحداث العاهة الدائمة، سيما أن هذه الجرائم تنُم عن بشاعة الجريمة ووحشية مُرتكبيها ، وبصيغةٍ أخرى، يمكن أن تُجمع مدة العقوبة المشددة لجناية إحداث العاهة الدائمة وهي (25 سنة) مع مدة عقوبة جنحة الخطف وهي (3 سنوات) ليصبح المجموع النهائي للعقوبات (28 سنة).
ويمكن تبسيط هذه المعادلة القانونية كالتالي : ( أقسى مدة لعقوبة جناية إحداث العاهة الدائمة هي 10 سنوات +5سنوات لظرف سبق الإصرار+ 5سنوات لظرف التعذيب + تضعيف العقوبة للتكرار لغاية 25 سنة فقظ + 3سنوات حبس عن جنحة الخطف = 28 سنة).
ومن المفيد التنبيه هنا أن هذه الجرائم تدخل ضمن اختصاص محكمة جنايات محافظة الزرقاء، لأنها هي المرجع القضائي التابع له مكان وقوع الجريمة عملاً بنص المادة (5) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، وبتقديرنا لا مجال للقول باختصاص محكمة أمن الدولة بالنظر في هذه الجرائم، فنحن ومع الاحترام لا نتفق مع من قال بأن أفعال الجناة تُشكل جريمة الإرهاب التي تقوم بتشكيل عصابة بقصد سلب المارة والتعدي على الأشخاص أو الأموال أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية والمنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب، والمعاقب عليها بالأشغال المؤقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات وفقاً لنص المادة (7/ج) من ذات القانون، وبالتالي فالجريمة حسب هذا الرأي تدخل ضمن اختصاص محكمة أمن الدولة عملاً بالمادة (8) من ذات القانون.
ويمكن تأسيس اجتهادنا بأنه لا اختصاص لمحكمة أمن الدولة بالنظر في هذه الجريمة على عدة أسانيد- يمكن اجمالها بما يلي :
1- إن جريمة "فتى الزرقاء" تختلف عن جريمة الإرهاب المنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب التي تتوافر حين تشكيل عصابة بقصد سلب المارة والتعدي على الأشخاص أو الأموال أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية ، فالجريمة الأخيرة تتطلب ابتداءً وجود شرطاً مفترضاً هو- تشكيل عصابة بقصد سلب الأموال والتعدي على الأشخاص، وهذا الشرط لم يتوافر في وقائع قضية "فتى الزرقاء" ، حيث يتضح أن مجموعة الجناة تعدوا على المجني عليه ليس بقصد سلب المال- وإنما انتقاماً منه لكون والده ارتكب جريمة قتل سابقة، فدافع الجناة لارتكاب هذه الجريمة ليس مالياً وإنما أخذاً بالثأر.
2- إن المشرع فتح النص في ذيل المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب بقوله : ( أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية)- حيث يُستدل من هذه العبارة أن جوهر الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة يدور في فلك جرائم الأموال وليس جرائم الاعتداء على الأشخاص،وبالتالي يجب أن يثبت ابتداءً وجود قصد لسلب الأموال،وقد انتفى هذا القصد بحسب ما يُفهم من وقائع القضية مدار البحث.
3- إن جريمة تشكيل العصابة بقصد سلب المارة المنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب تفترض لقيامها أن يتم سلب مال أي إنسان دون تحديد شخص معين - وهذا ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز الأردنية، وهذا لم يتوافر في جريمة"فتى الزرقاء"،إذ يتضح من وقائعها أن المجنى عليه هو المقصود بذاته انتقاماً من والده.
وأخيراً فإننا نستبعد تطبيق عقوبة الإعدام الواردة في المادة(158) من قانون العقوبات على جريمة"فتى الزرقاء"، لأنه يُشترط لتطبيق هذه المادة ارتكاب الجريمة في طريقٍ عام وبقصد سلب أموال المارة فيه، ويُشترط كذلك أن لا يكون المجني عليه المراد سلب ماله محدداً- وهذه الشروط لم تتوافر في جريمة"فتى الزرقاء"،لانتفاء المدلول القانوني للطريق العام الموضّح في المادة (2) من قانون العقوبات، وانتفاء شرط تشكيل العصابة بقصد سلب أموال المارة في الطريق العام.
نخلص مما تقدم أنه وفي حال ثبوت جناية الشروع التام في القتل العمد، فإن العقوبة التي يستحقها الجناة هي الأشغال المؤبدة أو الأشغال لمدة عشرين سنةعملاً بالمادتين(328/1 و 70/1) من قانون العقوبات، والمحكمة المختصة بالنظر بهذه الجناية هي محكمة الجنايات الكبرى عملاً بالمادة (4/أ/1و3) من قانون محكمة الجنايات الكبرى، وإذا تعذر إثبات الجناية السالفة الذكر لانتفاء أحد أركانها أو عناصرها،فإننا نطبق نصوص المواد (337 و101/1 و335 و 302/1) من قانون العقوبات، وهي النصوص التي جرّمت أفعال إحداث العاهة الدائمة مع تشديدعقوبتها لكونها اقترنت بعدة ظروف، وجرّمت كذلك أفعال الخطف، وبتطبيق هذه النصوص دفعةً واحدة، نعتقد أن عقوبة الجناة ستصل إلى (28 سنة)،وهذه الجرائم تدخل ضمن اختصاص محكمة جنايات محافظة الزرقاء،ونرى استبعاد تطبيق عقوبة الاعدام على جريمة"فتى الزرقاء"، ولا اختصاص لمحكمة أمن الدولة بالنظر بهذه الجريمة، لانتفاء شروط وعناصرجريمة تشكيل عصابة بقصد سلب المارة المنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب والمنصوص عليها كذلك في المادة (158)من قانون العقوبات، وإن القول بخلاف ذلك نعتقد بأنه ينتهك مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي مهدنا بالحديث عنه في هذا المقال.
"إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمني"
د.عبدالله أبوحجيله
أستاذ القانون الجنائي المساعد- جامعة اليرموك- كلية القانون
وقد أثارت هذه القضية الرأي العام الأردني والعربي، فالشعب الأردني غضب من هذه الجريمة البشعة فور انتشار انبائها وطالب كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي بمعاقبة الجناة بعقوبة الاعدام، وتابع الملك عبد الله الثاني تفاصيل هذه القضية موجهاً إلى اتخاذ أشد العقوبات بحق الجناة، وتوفير العلاج اللازم والضروري للفتى المجني عليه.
في المجال الجنائي، وفي سياق ما تقدم تُطرح ثلاثة تساؤلات جوهرية هي:
- هل يمكن قانوناً أن تصل عقوبة الجناة إلى الإعدام؟ وإذا تعذر الحكم بالإعدام لأن وقائع هذه الجريمة لا تُشكل إحدى الجرائم المعاقب عليها بالإعدام- ما العقوبة التي يمكن الحكم بها ؟ وأخيراً- ما المحكمة المختصة بالنظر بهذه الجريمة البشعة؟
ابتداءً أود أن أشير إلى أنني كسائر أفراد المجتمع الأردني متعاطًفٌ مع ضحية هذه الجريمة البشعة، وأتمنى أن يُعاقب مرتكبيها بالإعدام،ولكن عاطفتي هذه لا تمنعني كمتخصص في مجال القانون الجنائي من محاولة تحديد العقوبة التي يستحقهاهؤلاء الجناة وفقاً للتطبيق القانوني السليم حتى ولو لم تكن عقوبة الإعدام.
يجب أن لا يغيب عن أذهاننا أعرق وأهم مبدأ من مبادئ القانون الجنائي – وهو مبدأ "شرعية الجرائم والعقوبات"، هذا المبدأ الذي رسّخه المُشرع الأردني في المادة (3) من قانون العقوبات، وجوهر هذا المبدأ هو حصر الجرائم والعقوبات في نصوصٍ قانونية محددة، وهذا المبدأ يضع حداً فاصلاً بين اختصاص المشرّع واختصاص القاضي، فالقاضي لا يجوز له أن يعتبر فعلاً معيناً جريمة إلا إذا وجد نصاً قانونياً تم تجريم هذا الفعل بمقتضاه بشكلٍ دقيق، فإن لم يجد القاضي نصاً قانونياً- فلا سبيل إلى اعتبار هذا الفعل جريمة، حتى ولو اقتنع القاضي بأنه يتنافى مع العدالة أو الأخلاق أو الدين أوأنه ضارٌ بالمجتمع بأسره.
وانطلاقاً مما تقدم، يتعيّن لمعرفة العقوبة المقررة للجريمة سالفة الذكر تحديد وتوضيح النصوص التجريمية الواردة في القانون الأردني التي تدخل ضمن نطاقها أفعال جناة "فتى الزرقاء" ،وبمطالعة هذه النصوص يتضح أن أفعال الجناة تدخل ضمن نطاق واحد أو أكثر من النصوص التالية :
أولاً : نصا المادتين (328/1 و 170/1) من قانون العقوبات، وهما يُعاقبان على جناية الشروع التام في القتل القصد مع سبق الإصرار ( القتل العمد) بالأشغال المؤبدة أو الأشغال عشرين سنة- وسنوضح ذلك كما يلي :
نصت المادة (328/1) من قانون العقوبات على أنه: ( يُعاقب بالإعدام على القتل قصداً إذا اُرتكب مع سبق الإصرار، ويقال له القتل العمد)، ونصت المادة (70/1) من ذات القانون على أنه: ( إذا كانت الأفعال اللازمة لإتمام الجريمة قد تمت ولكن لحيلولة أسباب مانعة لا دخل لإرادة فاعلها فيها لم تتم الجريمة المقصودة، عوقب على الوجه التالي :1- الأشغال المؤبدة أو الأشغال عشرين سنة إذا كانت عقوبة الجناية التي شُرع فيها تستلزم الإعدام.....الخ).
دون الإسهاب في الحديث عن الأركان والعناصرالواجب توافرها لقيام جناية الشروع التام في القتل العمد- إن المطلوب من النيابة العامة هو إثبات جناية الشروع التام في القتل العمد ، وذلك بإثبات استعمال الجناة لأدوات حادة أدت إلى إصابة الفتى المجنى عليه بإصابات خطيرة تمثلت بقطع يديه وفقء عينيه، ولولا اسعافه إلى المستشفى لأدت هذه الإصابات إلى وفاته،وهنا يجب الاستعانة بتقارير وأقوال الخبرة الطبية التي تفيد بهذه النتيجة المتوقعة وهي ( الوفاة)، وذلك حين مناقشة الخبير من قبل النيابة العامة أمام المحكمة، كما ويجب على النيابة العامة إثبات القصد الجنائي لقتل الفتى مع ظرف سبق الإصرار،وإذا عجزت النيابة العامة عن إثبات القصد المباشر، فلها أن تثبت القصد غير المباشر ( القصد الاحتمالي) ، وهذا القصد يمكن إثباته بمجرد إثبات توقع الجناة لنتيجة القتل والقبول بها،وتستدل المحكمة على هذا القصد من الأدوات القاتلة التي أُستعملت في الجريمة ومكان إصابات المجنى عليه،ونعتقد بأن هذا الأمر من السهل إثباته، فمن الثابت استعمال أدوات حادة وقاتلة بطبيعتها أدت إلى تقطيع يدي المجني عليه وفقء عينيه، وأخيراً يتعيّن على النيابة العامة إثبات سبق الإصرار كظرف مشدد يُغلظ عقوبة هذه الجريمة لتصبح الإعدام،وبتقديرنا إن إثبات هذا الظرف هو أيضاً ليس بالأمر الصعب، سيما أن تفاصيل القضية تنبئ عن وجود تخطيط مسبق لهذه الجريمة، وهذا التخطيط امتد لفترة زمنية تكفي للقول باستقرار الجريمة في أذهان الجناة وتصميمهم عليها، فهؤلاء الجناة كما يتضح من وقائع الجريمة اقتادوا المجنى عليه لمكانٍ بعيد، بعد أن جهزوا الأدوات الحادة واستجمعوا انفسهم للاعتداء عليه،كما أن الاعتداء وقع عليه بسبب جريمة قتل سابقة ارتكبها والده (أي والد الفتى).
وبناءً على ماتقدم، أنه وفي حال ثبوت جناية الشروع التام في القتل العمد، فإن العقوبة التي يستحقها الجناة هي الأشغال المؤبدة أو الأشغال لمدة عشرين سنةعملاً بالمادتين(328/1 و 70/1) من قانون العقوبات الأردني، والمحكمة المختصة بذلك هي محكمة الجنايات الكبرى عملاً بالمادة (4/أ/1و3) من قانون محكمة الجنايات الكبرى.
وينبغي التنبيه هنا إلى ملاحظتين الأولى، أنه إذا ثبت أن الجناة أو أحدهم مكرراً لجرائم من نوع الجناية ويبدو أن ذلك وارداً بحسب تفاصيل هذه القضية- فإنه يجب على المحكمة تضعيف عقوبة الأشغال المؤقتة بحد أقصى هو (25سنة)عملاً بالمادة(101/1)،والثانية، أنه وعلى فرض أن المحكمةعاقبت الجناة بالأشغال المؤبدة فإنه سيطلق سراحهم بعد تنفيذ (30سنة )من العقوبة عملاً بالمادة (20/1) من قانون العقوبات.
ثانياً : نص المادة (335) من قانون العقوبات الذي يُعاقب على جناية إحداث العاهة الدائمة بالأشغال لغاية عشر سنوات، ونصا المادتين ( 337 و 101 /1) من قانون العقوبات، ويتعيّن بمقتضى الظروف المشددة الواردة في هذين النصين تغليظ عقوبة الأشغال المقررة لجناية إحداث العاهة الدائمة لتزيد على أكثر من (10 سنوات)،كما أن نص المادة (302/1) يُعاقب على جنحة الخطف بالحبس لغاية ثلاث سنوات.
قبل أن نُفصل هذه النصوص ينبغي التنبيه أننا لا نلجأ لتطبيقها إلا إذا تعذر إثبات جناية الشروع التام في القتل العمد لانتفاء أحد أركانها، وبصيغةٍ أخرى، إن النصوص القانونية الواردة في هذا البند تعتبر نصوص احتياطية بالنسبة لنصوص جناية الشروع التام في القتل العمد - وسنوضّح هذه النصوص كما يلي :
نصت المادة (335) من قانون العقوبات على أنه: ( إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، .......عُوقب الفاعل بالأشغال المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات)، ونصت المادة (337) من ذات القانون على أنه: ( تُشدد العقوبات المنصوص عليها في المواد 333 و334 و335 ، بحيث يزيد عليها من ثلثها إلى نصفها إذا اقترف الفعل بإحدى الحالات المبينة في المادتين 327 و328).
وقد أوجبت المادة (101/1) من القانون ذاته، الحكم على المُكرّر في الجنايات ذات العقوبات المؤقتة بتضعيف العقوبة التي تستلزمها الجناية الثانية بشرط أن لا يتجاوز التضعيف (25سنة)، وقد جرّمت المادة(302/1) من قانون العقوبات فعل من يخطف ذكر يقل عمره عن (18 سنة) وعاقبت على هذا الفعل بالحبس من سنتين لغاية ثلاث سنوات.
بتطبيق جميع النصوص السالفة الذكر( دفعةً واحدة) على وقائع الجرائم مدار البحث – هذا في حال ثبوتها طبعاً- فإنها تستدعي اللجوء إلى تطبيق أقسى العقوبات مع ما يقترن بها من ظروف تشديد، ومن هنا نعتقد إن عقوبات هذه الجرائم يمكن إن تصل مع ظروف التشديد وإعمال قاعدة جمع العقوبات إلى الأشغال (28 سنة) - وذلك وفقا للمعادلة القانونية التالية:
1- الحد الأقصى المقرر لعقوبة جناية إحداث العاهة الدائمة هو الأشغال لغاية (10سنوات)عملاً بالمادة (335) من قانون العقوبات، ويضاف إلى هذه العقوبة عقوبات أخرى يتعين زيادتها بناءً على توافر ظرفين من ظروف التشديد، الظرف الأول هو- تعذيب المجني عليه بشراسة المنصوص عليه في المادة(327/4) من قانون العقوبات، وذلك بعد الإحالة إليه بموجب المادة(337) من ذات القانون،أما ظرف التشديد الثاني - فهو سبق الإصرار المنصوص عليه في المادة(328/1) وذلك بعد الإحالة إليه بموجب المادة(337) من القانون ذاته.
وتطبيقا لنص المادة (337) من قانون العقوبات يمكن زيادة نصف عقوبة جناية إحداث العاهة الدائمة ( لو افترضنا الحكم بحدها الأعلى وهو 10 سنوات) بناءً على توافر ظرفين من ظروف التشديد، وبمعنى آخر يُضاف لمدة الـ (10 سنوات 5 سنوات عن ظرف التعذيب و 5 سنوات أخرى عن ظرف سبق الإصرار ليصبح مجموع العقوبات (20 سنة) عن جناية العاهة الدائمة مع ظرفي التعذيب وسبق الإصرار.
2- إذا ثبت تكرار الجناة يجب تضعيف عقوبة الـ (20سنة) بشرط أن لا يزيد التضعيف عن (25 سنة) تطبيقاً للقيد الواردعلى التضعيف في ظرف التكرار المنصوص عليه في المادة (101/1) من قانون العقوبات- وبالنتيجه يمكن أن تصل عقوبة جناية إحداث العاهة الدائمة مع ظروف التعذيب وسبق الإصرار والتكرارلغاية (25 سنة).
3- إن أفعال الجناة تُشكل بتقديرنا إضافة إلى جناية إحداث العاهة الدائمة مع ظروفها سالفة الذكر جنحة خطف عملاً بنص المادة(302/1) من قانون العقوبات والمعاقب عليها بالحبس لغاية (3 سنوات).
4- تأسيساً على نص المادة (72) من قانون العقوبات فإنه يجوز للمحكمة أن تجمع بين عقوبة الحبس المقررة لجنحة الخطف وعقوبة الأشغال المؤقتة المشددة المقررة لجناية إحداث العاهة الدائمة، سيما أن هذه الجرائم تنُم عن بشاعة الجريمة ووحشية مُرتكبيها ، وبصيغةٍ أخرى، يمكن أن تُجمع مدة العقوبة المشددة لجناية إحداث العاهة الدائمة وهي (25 سنة) مع مدة عقوبة جنحة الخطف وهي (3 سنوات) ليصبح المجموع النهائي للعقوبات (28 سنة).
ويمكن تبسيط هذه المعادلة القانونية كالتالي : ( أقسى مدة لعقوبة جناية إحداث العاهة الدائمة هي 10 سنوات +5سنوات لظرف سبق الإصرار+ 5سنوات لظرف التعذيب + تضعيف العقوبة للتكرار لغاية 25 سنة فقظ + 3سنوات حبس عن جنحة الخطف = 28 سنة).
ومن المفيد التنبيه هنا أن هذه الجرائم تدخل ضمن اختصاص محكمة جنايات محافظة الزرقاء، لأنها هي المرجع القضائي التابع له مكان وقوع الجريمة عملاً بنص المادة (5) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، وبتقديرنا لا مجال للقول باختصاص محكمة أمن الدولة بالنظر في هذه الجرائم، فنحن ومع الاحترام لا نتفق مع من قال بأن أفعال الجناة تُشكل جريمة الإرهاب التي تقوم بتشكيل عصابة بقصد سلب المارة والتعدي على الأشخاص أو الأموال أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية والمنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب، والمعاقب عليها بالأشغال المؤقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات وفقاً لنص المادة (7/ج) من ذات القانون، وبالتالي فالجريمة حسب هذا الرأي تدخل ضمن اختصاص محكمة أمن الدولة عملاً بالمادة (8) من ذات القانون.
ويمكن تأسيس اجتهادنا بأنه لا اختصاص لمحكمة أمن الدولة بالنظر في هذه الجريمة على عدة أسانيد- يمكن اجمالها بما يلي :
1- إن جريمة "فتى الزرقاء" تختلف عن جريمة الإرهاب المنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب التي تتوافر حين تشكيل عصابة بقصد سلب المارة والتعدي على الأشخاص أو الأموال أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية ، فالجريمة الأخيرة تتطلب ابتداءً وجود شرطاً مفترضاً هو- تشكيل عصابة بقصد سلب الأموال والتعدي على الأشخاص، وهذا الشرط لم يتوافر في وقائع قضية "فتى الزرقاء" ، حيث يتضح أن مجموعة الجناة تعدوا على المجني عليه ليس بقصد سلب المال- وإنما انتقاماً منه لكون والده ارتكب جريمة قتل سابقة، فدافع الجناة لارتكاب هذه الجريمة ليس مالياً وإنما أخذاً بالثأر.
2- إن المشرع فتح النص في ذيل المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب بقوله : ( أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية)- حيث يُستدل من هذه العبارة أن جوهر الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة يدور في فلك جرائم الأموال وليس جرائم الاعتداء على الأشخاص،وبالتالي يجب أن يثبت ابتداءً وجود قصد لسلب الأموال،وقد انتفى هذا القصد بحسب ما يُفهم من وقائع القضية مدار البحث.
3- إن جريمة تشكيل العصابة بقصد سلب المارة المنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب تفترض لقيامها أن يتم سلب مال أي إنسان دون تحديد شخص معين - وهذا ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز الأردنية، وهذا لم يتوافر في جريمة"فتى الزرقاء"،إذ يتضح من وقائعها أن المجنى عليه هو المقصود بذاته انتقاماً من والده.
وأخيراً فإننا نستبعد تطبيق عقوبة الإعدام الواردة في المادة(158) من قانون العقوبات على جريمة"فتى الزرقاء"، لأنه يُشترط لتطبيق هذه المادة ارتكاب الجريمة في طريقٍ عام وبقصد سلب أموال المارة فيه، ويُشترط كذلك أن لا يكون المجني عليه المراد سلب ماله محدداً- وهذه الشروط لم تتوافر في جريمة"فتى الزرقاء"،لانتفاء المدلول القانوني للطريق العام الموضّح في المادة (2) من قانون العقوبات، وانتفاء شرط تشكيل العصابة بقصد سلب أموال المارة في الطريق العام.
نخلص مما تقدم أنه وفي حال ثبوت جناية الشروع التام في القتل العمد، فإن العقوبة التي يستحقها الجناة هي الأشغال المؤبدة أو الأشغال لمدة عشرين سنةعملاً بالمادتين(328/1 و 70/1) من قانون العقوبات، والمحكمة المختصة بالنظر بهذه الجناية هي محكمة الجنايات الكبرى عملاً بالمادة (4/أ/1و3) من قانون محكمة الجنايات الكبرى، وإذا تعذر إثبات الجناية السالفة الذكر لانتفاء أحد أركانها أو عناصرها،فإننا نطبق نصوص المواد (337 و101/1 و335 و 302/1) من قانون العقوبات، وهي النصوص التي جرّمت أفعال إحداث العاهة الدائمة مع تشديدعقوبتها لكونها اقترنت بعدة ظروف، وجرّمت كذلك أفعال الخطف، وبتطبيق هذه النصوص دفعةً واحدة، نعتقد أن عقوبة الجناة ستصل إلى (28 سنة)،وهذه الجرائم تدخل ضمن اختصاص محكمة جنايات محافظة الزرقاء،ونرى استبعاد تطبيق عقوبة الاعدام على جريمة"فتى الزرقاء"، ولا اختصاص لمحكمة أمن الدولة بالنظر بهذه الجريمة، لانتفاء شروط وعناصرجريمة تشكيل عصابة بقصد سلب المارة المنصوص عليها في المادة (3/ط) من قانون منع الإرهاب والمنصوص عليها كذلك في المادة (158)من قانون العقوبات، وإن القول بخلاف ذلك نعتقد بأنه ينتهك مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي مهدنا بالحديث عنه في هذا المقال.
"إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمني"
د.عبدالله أبوحجيله
أستاذ القانون الجنائي المساعد- جامعة اليرموك- كلية القانون
مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/17 الساعة 14:51