بلال خماش يكتب: اَلْخَارِجِيونَ على اَلْقَانُون فِي اَلْمُجْتَمَعَاتِ تَحْلِيْلاً وعِلاَجاً
نعم نزعة الشر ونزعة الخير موجودة عند بني آدم منذ بدء الخليقة وتم تجسيدهما عند ابني آدم قابيل وهابيل وكما ذكرنا بالتفصيل في مقالات سابقة لنا. ولكن بعد ذلك ارسل الله الأنبياء والرسل لهداية بني آدم إلى سواء السبيل وكان الهدف الرئيس من ذلك هو تنمية نزعة الخير وتهذيب نزعة الشر على قدر الإمكان عندهم (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (البقرة: 213)). وأصبح بنو آدم أمماً مختلفة الألوان واللغات في هذا العالم (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (الروم: 22)).
ولهذا من المتوقع في المجتمعات المختلفة في هذا العالم أن يكون هناك أناس عندهم نزعات الخير (ولها أسبابها) وأناس عندهم نزعات الشر (ولها أسبابها)، فعلى العقلاء من بني آدم ممن هم في المسؤولية في الحكم في أي دولة العمل جادين على معرفة الأسباب الحقيقية للمجموعات التي لديها نزعات الشر والمحاولة بكل الطرق الحضارية تهذيب هذه النزعات إلى أكبر قدر ممكن حتى نقلل من الآثار السلبية (المروعة والإجرامية والتي ليس فيها مخافة الله ولا رحمة ولا إنسانية ... إلخ من الصفات غير الآدمية) من تلك النزعات على الأمن القومي لأي دولة في العالم. لو قمنا بدراسات تحليلية تفصيلية لأي شخص سواء أكان ذكراً أو أنثى خارجاً عن القانون (بلطجي، مجرم، ... إلخ) في أي دولة في العالم وليس فقط في الدول الإسلامية أو العربية وكان الهدف من الدراسة معرفة الأسباب الحقيقية للخروج عن القانون. لوجدنا أن أحد هذه الأسباب أولها هو: قلة الدين والبعد عنه وعدم تدبره وتطبيقه عملياً عند أولياء الأمور قبل الأبناء، وكما قيل إسمحوا لنا في هذا القول: إذا كان ربُّ البيت في الدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص، وقس على ذلك. (الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وكثيراً من صحابته عاشوا وتفاهم الله فقراء)، وثاني هذه الأسباب هو: الفقر والجوع والحرمان والحياة القاسية والمجتمعات التي لا ترحم ( وقد قال سابقاً عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو كان الفقر رجلاً لقتلته ويقال أنه قالها أيضاً علي بن أبي طالب كرم الله وجهه). فتصوروا لو إجتمع عند أفراد بعض فئات المجتمع عدم الإيمان ومخافة الله مع الفقر، ماذا يفعل ذلك فيهم؟!.
هناك من يقول يوجد في المجتمع عائلات فقيرة كثيرة ولكن لم يكن أي فرد من أفرادها خارجاً عن القانون ... إلخ، أقول نعم ولكن الرادع لهم هو الدين والخوف من الله، من يخاف الله لا تخاف عليه لأنه لن يلحق الضرر بنفسه ولا تخاف منه لأنه لن يلحق الضرر بغيره.
والسبب الثالث هو: المجتمع الذي لا يُطَبَّق فيه القول المأثور: لا خير في قومٍ لم يحترم صغيرهم كبيرهم ولم يرحم كبيرهم صغيرهم، فالإحترام بين الناس يجعل الناس ترتدع عن عمل أي فعل خارج عن القانون وعن العادات والتقاليد الحميدة، والرحمة بين الناس تكون حماية ووقاية من الفقر الذي ربما يدفع الكثيرين ممن إيمانهم بالله ضعيف إلى فعل أفعال خارجة عن القانون.
والسبب الرابع هو: الدولة (أقصد المسؤولين الذين عيَّنهم جلالة الملك ورئيس الوزراء مسؤولين عن المجتمع وبالخصوص الفقراء منهم، وعن إصلاح كل من يقوم بأفعال خارجة عن القانون وعن العرف والعادات الحميدة، مثل وزارة التنمية الإجتماعية ومدراء مراكز الإصلاح والتأهيل).
والسبب الخامس هو: مماطلة القضايا في المحاكم لسنين طويلة وعدم الفصل فيها سريعاً لدرجة أن كثيراً من الناس أصبحوا يرفضون اللجوء للمحاكم ومحاولة حل مشاكلهم وأخذ حقوقهم بأيديهم بالطريقة التي يرونها مناسبة لهم وهذا بالتأكيد يزيد من عدد الخارجين عن القانون. فلو قام كل مسؤول ممن ذكرنا في مهامه على أكمل وجه لما وصلت بنا الأحوال إلى هذا العدد الكبير من الأحداث المروعة والخارجة عن القانون وتكرارها (مثل ما حدث سابقاً في زوح يفقأ عيني زوجته بدون رحمة، ولد يقطع رأس أمه ويفصله عن جسدها، ... إلخ وآخرها قطع يدي طفل وفقؤ عينه ورميه في الشارع ينزف ... إلخ من أحداث سابقة عديدة مروعة لم يعتد عليها مجتمعنا الأردني الأصيل).
ففي نظرنا يقع على الدولة مسؤولية كبيرة في رعاية جميع فئات المجتمع وبالخصوص في المناطق الفقيرة جداً عن طريق وزارة التنمية الإجتماعية وصناديق وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية العديدة وبالخصوص صندوق الزكاة، وعلى المجتمع أن يقوم بواجباته نحو هذه الفئة من المجتمع في رعايتها مادياً ومعنوياً (فعلى الأغنياء من أفراد المجتمع وبالخصوص من نفس أفراد العائلة والعشيرة القيام برعاية الفقراء منهم حتى يغنوهم كما نص الدين الإسلامي من أموال الزكاة والصدقات ولا ننسى قول الله تعالى (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (المنافقون: 10))، ونتساءل: كم منَّا يخرج زكاة أمواله بشكل صحيح ويوزعها على الفقراء والمحتاجين من أقاربه أولاً ومن ثم على أفراد مجتمعه التابع له وغيرهم؟. فمسؤلية الخارجين عن القانون لا تقع عل الدولة فقط بل على أفراد المجتمع الأغنياء وأصحاب الدين جميعاً دون إستثناء.