زيد أبو زيد يكتب: حكومة.. على إيقاع الجائحة

مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/15 الساعة 09:12

بقلم زيد أبو زيد

أعلنت التشكيلة الحكومية الجديدة والتي كنا ننتظرها بشوقٍ شديدٍ على إيقاع جائحة وباء كوفيد19، ترتكز إلى خارطة طريق إصلاحية عرضها صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه في أوراقه النقاشية، ومعززة ومستفيدة من جزالة خطاب التكليف السامي وقوته وعمقه الذي جاء في ظل ظروف استثنائية تعيشها البلاد والمنطقة والعالم بكلِ تعقيداتها، وهي الظروف الكارثية على المستوى الاقتصادي وعلى حجم الأضرار التي وقعت على اقتصاديات معظم دول العالم، ولا سيما في بعض القطاعات التي تضررت بشدة، ناهيك عن الأخطار التي تعصف بالمنطقة والعالم وعلى رأسها الصراع العربي الإسرائيلي الذي يستمر فيه الصهيوني اليميني بنيامين نتنياهو وفريقه العنصري في الإمعان بالشعب الفلسطيني قتلًا وتشريدًا، وفي الجغرافيا الفلسطينية تهويدًا، وفي المقدسات وفي مقدمتها الأقصى وقبة الصخرة انتهاكات يومية، ترافقها تهديدات إسرائيلية يومية لضم أراضٍ من المناطق الفلسطينية، وتهديد مستقبل السلام، وكذلك صراعات المنطقة التي يجب على الأردن لعب دور مركزي فيها لتفتيت الصراعات في الملفات العراقية والليبية واليمنية والسورية، وكذلك العودة لمراجعة توجيهات جلالة الملك بتطوير الحياة السياسية، والاهتمام بالتعليم بكل طرائقه وأشكاله وبخاصة التعلم عن بعد والتعليم الإلكتروني اللذين ازدادت الحاجة اليهما في ظل الجائحة ناهيك عن الاهتمام بقطاعي الزراعة والصناعة وهما مصدر مهم للدخل القومي، وهي مؤشرات ودلالات لابدَّ من الرجوع إليها و الاهتمام بها دائمًا من قبل حكومة الدكتور بِشر الخصاونة.

إننا نجد أن الرئيس المكلف شكل حكومة متنوعة الخبرات والكفاءات والمشارب ويمكنها أن تنهض بأعباء هذه المرحلة الصعبة مستفيدةً من تجارب دول العالم التي استطاعت تجاوز نسبياً وبخاصة في الشأن الاقتصادي، وأتوقع أن حمل أمانة المهمة والتكليف من جلالة الملك يتطلب فريقًا وزاريًّا ينهض بالتحديات التي يواجهها الوطن، ويحافظ على أمانة سَلَّمها قائد البلاد لدولة الرئيس في ظل الظروف الاستثنائية، بعد انجاز حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز لمهمة صعبة وحمل ثقيل في ظروف صعبة جدا للغاية في بداية جائحة كانت كل دول العالم تستفيد من بعضها البعض كيف تتجاوز هذا الوضع الجديد ولا أحد يستطيع أن ينكر أن حكومة دولة الدكتور عمر الرزاز أسست للمرحلة الجديدة.

ويبقى للتاريخ أن يذكر معالي توفيق كريشان بتاريخه الحافل، ومحمد داودية بشعبيته ووطنيته، والدكتور تيسير النعيمي بخبرته وحصافته وهو الوزير النشط صاحب الأثر الكبير في تجاوز أزمة التعليم التي صاحبت جائحة كورونا، والذي زاوج بين تجاوز أثر الجائحة تعليميًّا بالحفاظ على حق الطلبة في التعليم كما كفله الدستور والعهود الدولية، وتطوير النظام التعليمي، والدفاع عن سمعة الوزارة وهيبتها في وقت واحد، وهي مهمة تُعجز الرجال، ولكن حصافة الدكتور النعيمي وفكره النيّر وحزمه وعزمه جعله يتجاوز هذه المطبات معًا، ولن ننكر أيضًا قامة كبسام التلهوني الخبير القانوني الأنيق، أو بعض الشخصيات المتملكة لبعض خبرات الإدارة الأوتوقراطية، ولكنها وحدها لن تنقذ الحكومة من المرحلة التي تشكلت في ظرف استثنائي تَحْمِلُ إن لم يتكاتف معهم الجميع لتجاوز الأزمات.

لقد شكّل كتاب التكليف السامي خارطة طريق واضحة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا التي أوجدت ظروفًا استثنائية تحتاج إلى حلول استثنائية، و النهج الواضح في تشكيل الحكومة يحمل إشارة إيجابية يمكن المراهنة عليها؛ فحفظ التوازن في القرارات بين سلامة المواطن وصحته وبين الحفاظ على الاقتصاد الذي مُنِي بخسائر كبيرة يتطلب فريقًا يكتسب ثقة المواطن مع ارتفاع نسب التضخم والبطالة إلى درجة غير مسبوقة كأحد مؤشرات التراجع الاقتصادي دون البحث في شعبويات نظرية، وشعارات غير قابلة للتنفيذ ، فنحن لا زلنا أمام قرارات صعبة ومعقدة تتطلبها المرحلة اقتصاديًا وسياسيًا وحتى في قضايا الخدمات العامة وعلى رأسها التعليم والصحة.

إن فريقا وزاريًّا بشكل فريق الحكومة الجديدة يستطيع أن يتعامل مع المواطنين بكل نزاهة وشفافية؛ خاصة أنه فيها فريقًا قانونيًا وازنًا؛ فالمواطن الأردني واعٍ وحريص، ويحتاج حكومة بمستوى طموحه قادرة على تنفيذ خارطة طريق رسمها قائد ملهم.

أما ملف الانتخابات النيابية فمن الصعب على أحزاب فقيرة الوصول إلى بر الأمان فيها، والوصول إلى مجلس النواب في مواجهة رأس المال إذا سلمنا بضرورة المشاركة لأجل المشاركة والنتائج محسومة سلفًا، وهذا لابدَّ له من معالجة سريعة وعاجلة.

إن نسب الفقر والبطالة في ازدياد، والعجز في الموازنة كبير، والظروف صعبة، ولن تتمكن هذه الحكومة أن تقدم ملفات تنتشل البلاد والعباد من ازمتها إلاَّ بالتشارك بين القطاعين العام والخاص ودعم المانحين الذين دعاهم صاحب الجلالة الى تشكيل حلف إنساني عالمي جديد.

إننا في وطنِ الورودِ والسوسنِ والشيحِ والقيصومِ لدينا قائدٌ عظيمٌ ملهمٌ خطَّ لجيلٍ بأكملهِ خارطة طريق للعمل، وامتلك إرادة التغيير، وبثها أوراقًا نقاشية عدة، وكان لكل مجتهد أن ينهل منها، ومن الإنصاف أن نقول إن ما يحدث يساعد على إصلاح الواقع، بخاصة الدعم الذي يقدم للإدارة العامة من جيش عربي مصطفوي مدرب، وأجهزة أمنية محترفة.

حفظ الله أردننا الغالي بقيادته الهاشمية، وجعل بلدنا آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، والله من وراء القصد.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/15 الساعة 09:12