رولا بزادوغ تكتب: اليوم العالمي للصحة النفسية

مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/10 الساعة 23:22
كتبت: د. رولا عواد بزادوغ يتم الاحتفال فى العاشر من أكتوبر (10 أكتوبر) من كل عام باليوم العالمي للصحة النفسية (World Mental Health Day)، علماً بأن أول احتفال به تم في عام 1992 بناء على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية (World Federation of Mental Health). وماكان الا لتذكير الإنسان بأهمية الصحة النفسية ولمزيد من التوعية عن مفهوم المرض النفسي والعمل على حل كافة المشكلات و/أو التحديات التى تعترض السلامة النفسية لشعوب الأرض والعمل على علاج الاضطرابات النفسية التى ظهرت مع متطلبات العصر وضغوطه. تُعرف الصحّة النفسيّة (Psychological health) بأنها: قدرة الفرد على التعامل مع نفسه، الآخرين والبيئة المحيطة به، وترجيح حُكم العقل على الانفعالات التي تنتج لتأثّره بالعوامل التي تدفعه للغضب، القلق أو غيرها. كما أن لغياب الصحة النفسية آثار سلبية كثيرة تؤذينا وتؤثر على حياتنا اليومية بشكل مباشر و/أو غير مباشر فيغيب الاتزان بين الثلاث المحاور الرئيسية التى ترتكز عليها الشخصية السوية، والثلاث ركائز التى تكتمل بها الصحة النفسية هى العقل والنفس والجسد، وعندما يحدث خلل بهذه الركائز الأساسية للشخصية السوية يعنى المرض النفسي وعدم توافق الإنسان مع ذاته الداخلية وعالمه الخارجى بالمثل. ومن الجدير بالذكر أن الشعار الذى ترفعه الأيام العالمية للصحة النفسية هو تخفيف "المعاناة النفسية" وأنها رسالة إنسانية من حق الجميع التمتع بها. فالإنسان المحب للنجاح ويسعى إلى تطوير ذاته، هو شخص واعٍ يتصرف بعقلانية لأن صحته النفسية على ما يرام ولا تتأثر بالضغوط التى تدمرها وتصيبها بالأمراض النفسية. وبالتالي يؤدى أدوراه فى الحياة بمختلف أنواعها، ويستمر فى أنشطته الروتينية مما يثبت أنه إنسان سليم نفسياً. وفي هذا العام أي 2020: التحرك من أجل الصحة النفسية: فلنستثمر فيها (Move for mental health: let’s invest) ؛ ومما يتضح أن الصحة النفسية أمست من الجوانب المهملة فى الصحة العامة للبشر، وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية فيوجد ما يقرب من مليار إنسان فى جميع أنحاء العالم يعانون من الاضطرابات النفسية وخاصة فى ظل انتشار جائحة كورونا التى تفاقم أثرها على صحة البشر النفسية لغياب المجهودات المبذولة فى دعم الصحة النفسية والانشغال بعلاج الحالات المصابة أو العمل على الحد من انتشارها. والنسبة القليلة جداً هم من يتلقون الرعاية النفسية و/أو يسعون للحصول عليها. علماً بأن فى غيابها وعدم الإنتباه لها تزداد معدلات الإقبال على الانتحار و/أو الإدمان، لهذا السبب دعت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع المنظمات الأخرى التى تهتم بالصحة النفسية إلى إحداث زيادة كبيرة فى الاستثمارات الموجهة لقطاع الصحة النفسية وخاصة بعد جائحة كورونا وما واجهه العالم من ذعر وافتقاد إلى الدعم النفسى. *ومن الجدير بالذكر أن الانتحار يُعد ثاني سبب من الأسباب الرئيسية للوفاة بين الفئات العمرية الصغيرة ما بين 15 - 30 سنة. كما أن للصحة النفسية دور كبير في حياة الإنسان في جميع مراحل حياته وتزداد أهميتها من فترة المراهقة وصولاً لسن الرشد وما يمر به من تغيرات تؤثر على صحته النفسية الأمر الذى قد يصيبه ببعض الاضطرابات و/أو الصدمات النفسية، ويندرج تحت هذه التغيرات بجانب انتقاله من حياة الدراسة إلى حياة العمل الضغوط الناجمة عن استخدام وسائل الاتصال الإلكترونية، بالإضافة إلى تلك الفئة من المراهقين الذين يعيشون فى ظروف صعبة من انتشار الأوبئة أو وجود حالة من النزاعات فى مجتمعاتهم أو تأثير الكوارث الطبيعية على حالتهم العقلية والنفسية. ومن أبشع الاضطرابات النفسية على الإنسان - الإكتئاب فهو من المشاكل النفسية الخطيرة، إذ أنه قد يُصيب جميع الفئات العمرية، ويؤثر بقدر كبير على تمكنهم من إنجاز حتى الأشياء البسيطة اليومية في حياتهم، وفي حالات أخرى قد ينتهي بالشخص إلى مصير خطير قد يكون الانتحار و/ أو التوجه إلى حياة الجريمة. التمتع بحق الإنسان لعيش حياة كريمة وسعيدة يؤدي إلى انخفاض معدل الإصابة بالاضطرابات النفسية وبالتالي انخفاض و/أو انعدام معدل الجريمة و/أو الانتحار.

فمن حق الأشخاص المصابين بالاضطرابات النفسية الحفاظ على كرامتهم؟ من خلال نظام رعاية معينة تسنها القوانين والتشريعات الخاصة بالدولة كل حسب معطياته؛ وتؤثر بالتالي على نظام إعادة التأهيل الخاص بمن لديهم سابقة جرمية و/أو جنح. وغيره. فعلينا الإنتباه لصحة أبنائنا وبناتنا وصحتنا النفسية كأفراد مهما كان موقعنا و/أو مهنتنا؛ لذا يجب أن يكون هنالك مؤسسة و/أو وزارة أو غيره تعنى بسعادة ورفاه المجتمع من سن قوانين وتشريعات، وجيه، تدريب وتأهيل، وحتى إعادة إصلاح وتأهيل المواطنين. كما يجب أن نقدم مستوى أفضل من الدعم والرعاية إلى الأشخاص المصابين بالاضطرابات النفسية ومن هنا نستطيع القول أنها خدمة يحتاجها كل إنسان على وجه الأرض ويكون بتنفيذ ما يلي: - تقديم الخدمات القائمة على المجتمعات المحلية، التي تعتمد نهجاً يبعث على الأمل ويدعم الأشخاص في سعيهم إلى تحقيق أهدافهم وطموحاتهم. - احترام استقلالية الأشخاص، بما في ذلك حقهم في اتخاذ قراراتهم بشأن العلاج والرعاية بأنفسهم. - ضمان إتاحة الرعاية العالية الجودة التي تعزز حقوق الإنسان، وتلبي احتياجات الأشخاص، وتحترم قيمهم واختياراتهم وأفضلياتهم. - توجيههم وإعادة تأهيلهم ودمجهم من جديد بالمجتمع دون خضوعهم لوصمة العار (ستيجما) - أن تكون حق لهم تتبع للمواطنة . - تعزيز دور الأسر للرعاية المنزلية . - التوعية الصحية في التعليم العام لتقليل الوصمة والتمييز. - وضع اختبارات وبرامج تأهيل للمتقدمين للوظائف و/أو الزواج و/أو غيره.. - التعرف على حجم المشكلات النفسية لدى كبار السن. - التحفيز على زيادة الوعي والاهتمام بالصحة النفسية لكبار السن. - إيضاح حجم مشكلة الاكتئاب لدى كبار السن والآثار المترتبة عليهم. - إيضاح حجم مشكلة الخرف لدى كبار السن. - توفير فرصة لتبادل البحوث الخاصة والتجارب والخبرات للمساعدة على دعم الصحة النفسية للجميع، خاصة كبار السن. - تحفيز دور الجمعيات النفسية والاجتماعية ومراكز التأهيل. - زيادة الوعي بدور المجتمع والأسرة ودعمه. - مناقشة الهالة التى تحيط بالمرض النفسى والخروج من دائرة الشعور بالخزى من المرض النفسى، مع تقديم مشورة بالوسائل العملية للحفاظ على الصحة النفسية. - والتأكيد على ضرورة العودة إلى التجمع الأًسرى فى مختلف المناسبات فى المنزل .. وفى العمل بالمثل .. وغيرها من الموضوعات الأخرى. - التركيز على الاعتناء بالنفس حتى يستطيع الإنسان الحصول على أقصى حد لرغباته فى الحياة، وتتمثل خطوات الاعتناء بالنفس : - التحدث عن المشاعر. - الأكل الجيد. - الاستمرار فى التفاعل مع الآخرين. - أخذ فترات للراحة. - قبول الذات على ما هي عليه. - النشاط. - عدم إتباع عادات صحية سيئة. - طلب المساعدة عند الحاجة. - القيام بفعل الأشياء التى يجيدها الإنسان. - وأخيراً الاهتمام بالآخرين بالمثل. لا يوجد انسان صحيح نفسياً 100% لذا لا ضير من طلب المساعدة لدوزان الفكر والمساعدة على رفع جودة الحياة و عيش حياة كريمة وسعيدة.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/10 الساعة 23:22