زيد أبوزيد يكتب: ما بين مجد المئوية وموطن الدحنون والشيح والقيصوم

مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/01 الساعة 10:16
أراني هذهِ الليلة كمعظمِ الليالي حالمًا ومسكونًا بالوطنِ وبعظمةِ المكانِ والزمانِ في عمانِ العروبة والمجد والإنسان، مستذكرًا عبقرية الرجال من المؤسس عبدالله الأول طيب الله ثراه إلى المعزز عبدالله الثاني أطال الله في عمره وحفظه ورعاه، مرورًا بطلال رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، والحسين الباني صاحب الفكر وملك القلوب، ومعهم رفاقهم عبر أجيال من أبناءِ الوطن من رشيد طليع إلى توفيق أبو الهدى وإبراهيم هاشم ووصفي التل وعبدالحميد شرف وهزاع المجالي وحابس المجالي، وغيرهم كثير ممن روَّوا رمال هذه الصحراء بدماءٍ أنبتت أحرارًا أو أفنوا زهرة عمرهم في خدمة الوطن، وقبلهم أجيال أورثت أجيالًا الأنفة والعز والكرامة، وعزائم خلَّفَت مغاوير الغد الآتي وفجر المستقبل المشرق. إنها المئوية الأولى حيث تأخذني الدهشة، ويسافر بِيَ الخيال، وأنا أرى رجالات هذا الوطن يبنون موئلًا للصقور وعرينًا للأسود التي صنعت منها الشمس ريشة النصر بما تحقق، أما جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم فهو سليل الباني الحسين طيب الله ثراه، وحفيد طلال طيب الله ثراه، وجده المؤسس عبدالله الأول، وهنا أرى عبدالله الثاني أعزه الله ممتطيًا جواده الأسطوري في رحلة البحث عن مجدٍ لوطن وعظمة للإنسان فيه. في المئوية الأولى تعاودني ذكرى الممالك التليدة وإمبراطوريات المجد، ويشدني التاريخ؛ فأرى الزمان يختصر الزمان، والمكان يتلاقى والمكان، وأرى فارسًا عربيًّا هاشميًّا قرشيًّا يتنقل بفخر وسؤدد بين مجد بيت النبوة وعظمته وعز القبيلة إلى موطن الدحنون والشيح والقيصوم وعاصمته عمان، خوذته العقل وسيفه العبقرية وقوته الإيمان بعظمة شعبه وأمته، فيمضي إلى المستقبل فاتحًا أبوابه لعصرٍ جديد تتعاون فيه الشعوب، وتتحقق فيه الرفاهية والأمن والازدهار بأسلوب آخر، ليس للسيف فيه مكان، ولا للرمح فيه مجال، فاختصر بذلك الزمان، وأوصل المكان بالمكان بأسلوب العصر الجديد. مئة سنة مرت على تأسيس الوطن العظيم الأغلى، فوُضِعَ الدستور، وأُقيمت صروح العلم من مدارس وجامعات وشُيِّدَت مصانع المجد ومنشآت الفخر، وشُقَّت الطرق، وبُنِيَ الجيش والأجهزة الأمنية، ونُسِجَت العلاقات بين الأردن والعالم، فكانت دولة العروبة والإسلام والحداثة والتصميم على النجاح وتجاوز التحديات تقدم للعالم نموذج الدولة الوسطية والفريد شعبها، ومعهم يد قائدهم عبدالله الثاني يرسم خارطة الطريق لشعبه، يناقشهم ويبث فيهم روح الابتكار والعزم، ويد أخرى ممدودة للعالم كافة لبناء حضارة جديدة تنقذ العالم مما يجتاحه من حروب وصراعات وفقر وجهل وتجويع وأوبئة وأمراض في إطارٍ إنساني جديد. والعاقل من يدرك أن الأيام دول، فالحضارة الإنسانية لا ولم تقم على أكتاف شعب واحد أو قائد واحد، بل كان ديدنها التعاون، وسبيلها اللقاء، وطريقها الفهم، مستفيدة من كل مقومات الشعوب وقدرات الأقل والأكثر، غير ملتفةٍ إلى الماضي إلا لأخذ العبرة، وهنا تجلت عبقرية الأخذ والعطاء من العالم وإليه بتبادل التجارب وإقامة العلاقات على أساس التوازن والدفاع عن الحق الفلسطيني والعربي وحماية المقدسات ورعايتها بوصاية هاشمية حافظت على وجود المكان بالرغم من اختلال الزمان. إن الأردن وقائده الفذ الملهم كان مستجيبًا دائمًا لداعي العقل وعبقرية القيادة، ليدرك أن فيلادلفيا أو عمون القرون الماضية ليست عمان الحديثة العظيمة، وإن كانت في الماضي أيضًا عظيمة، لتدرك أنه آن الأوان للاستفادة من كل ما عند الآخرين من خبرات، وما لديهم من تقدم لبناء الوطن العظيم والفضاء العربي والمجال العربي، فكان انطلاق القائد إلى العالم مسلحًا بعشق شعبٍ مَثَّل تنوعه وانصهار مكوناته دولة التسامح والعيش المشترك. إنَّ المملكة الأردنية الهاشمية ممثلة بقائدها جلالة الملك المعظم، وبرجالاتها من أهل الدراية والفكر والاقتصاد والسياسة يحطون راحلتهم اليوم في العالم، وأملهم في التغيير والقوة وكرامة الإنسان. إنني أرى التجربة الأردنية فريدة في توجهها وإنجازاتها وصبرها وثباتها وشجاعة قادتها على مر العقود، وهي تجربة جديرة بالاهتمام، فلقد استطاعت شعوب قبلها أنْ تحقق أعظم إنجاز اقتصادي في عالم اليوم، لا بطرف السنان ولا بالمدافع والطائرات، ولكن بالحكمة والعقل، وليست التجربة اليابانية عنَا ببعيدة، ولعَلَّ التجربة الألمانية أيضًا التي تعبر بصدق عن أن عدو الأمس هو صديق اليوم ماثلة في أكثر من ميدان، وهذا ما يدركه زعيم العروبة وقائدها وملهمها انطلاقًا لبناء موطن الدحنون والشيح والقيصوم في فضاءٍ عالمي جديد.
  • عمان
  • عبدالله الثاني
  • مال
  • تقبل
  • الملك عبدالله
  • عرب
  • الأردن
  • إسلام
  • الحديثة
  • الهاشمية
  • الملك
  • اقتصاد
مدار الساعة ـ نشر في 2020/10/01 الساعة 10:16