جيوب الفقر من المسؤول؟
قرأت في الزميلة (الغد) تقريراً أعدته سماح بيبرس عن جيوب الفقر في الأردن التي شملت 12 قضاءً من أقضية الاردن في عام 2002.
ومع أنه لم يجر مسح حديث لجيوب الفقر ، فإن سماح سمحت لنفسها باتهام 14 حكومة تعاقبت على السلطة خلال 15 عاماً بالفشل في انتشال فقراء تلك الأقضية من أنياب الفقر.
يعتمد التقرير ورسومه البيانية على المسح الذي كان قد أجري في عهد حكومة أبو الراغب قبل 15 سنة ، مع الافتراض بأن هذه الجيوب بقيت تحت خط الفقر في 2017 كما كانت في 2002 مع أنها قد تكون زادت أو نقصت.
هذه الفرضية تمثل انطباعاً شخصياً ولا تستند إلى عملية مسح اجتماعي حديثة لمعرفة ما إذا كانت بعض تلك الأقضية قد غابت عن خارطة الفقر ، أم أن أقضية أخرى دخلت إليها ، ومع ذلك قرر التحقيق فشل جميع الحكومات المتعاقبة بالجملة.
يفترض التقرير أن من واجبات الحكومة أن تنتشل فقراء هذه الجيوب وتخرجهم من دائرة الفقر ، ولكن كيف؟.
الأسلوب الأول الذي أخذت به الحكومات الأردنية المتعاقبة هو إعفاء السلع والخدمات الأساسية أو دعم سعرها مباشرة ، فتكون النتيجة ان معظم الدعم يذهب لغير المستحقين ، ويحتفظ الفقراء بفقرهم.
الأسلوب الثاني الذي أخذت به الحكومات الأردنية هو تقديم معونة نقدية شهرية للعائلات الفقيرة من صندوق تأسس لهذا الغرض قبل عدة عقود ، وأخذت مخصصاته السنوية بالارتفاع عاماً بعد آخر ، فكانت النتيجة تثبيت حالة الفقر باستعمال المسكنات ، وتحويل الفقر إلى حالة دائمة ، واقناع الفقراء بقبول اوضاعهم الراهنة ، اي تأبيد ظاهرة الفقر ، بل إن بعض العائلات المستفيدة من صندوق المعونة الوطنية لا تسمح لأحد أعضائها بالبحث عن عمل ليكسب دخلاً ، خوفاً من إيقاف المعونة الشهرية!.
يقال أن الفقر ثقافة ، فليس من قبيل الصدفة أن يكون الكاثوليك أكثر فقراً من البروتستانت في مجتمع واحد ، وأن يكون المسلمون أكثر فقراً من الكونفوشيين في الصين ، وأن لا يوجد مسيحيون في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين.
يقول أحد أرباب العائلات الفقيرة إن كل طفل يأتي ورزقه معه ، مع أن الذي يأتي معه هو الفقر والجهل والإهمال.
ملاحظة هامة ليس بين الفقراء متعلمون أو مهنيون ، لا أكاديمياً ولا مهنياً ، وبالتالي فإن الأسلوب العملي لمكافحة الفقر ، الأقل كلفة والأكثر جدوى ، هو التعليم والتدريب المهني وليس الإعفاءات والتوزيعات.
الرأي