الغاء عطلة عيد العمال

مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/01 الساعة 01:49

دُهش العامل في محطة البنزين وأنا ابادره بالتهنئة، واجاب سريعا، لسه بدري على رمضان، ضحكت لغبائي وقلت كل عام وانت بخير بمناسبة عيد العمال، فأجاب بأدب وبلهجته المحكية “ هو إحنا إلنا عيد “ اجبته معك حق، فأنت على رأس عملك، وانا ايضا، فنحن نحتفل من أجل غير العمال في عيد العمال، ونحتفل مع العاطلين عن العمل الذين بلغت نسبتهم مستويات مقلقة، ونحتفل مع المحبطين في اصقاع الوطن العربي بين اسير ومشرد ولاجئ ونازح وكل مسميات الشتات العربي الممتد من المحيط الى الخليج .

مللنا من كثرة القول والتمني بأن يكون العيد القادم اجمل، لكنه يأتي اكثر سوءا واقل بركة واكثر بطالة، فثلث الشباب عاطل عن العمل وثلثهم يعمل في غير قطاعه ودراسته، وما زالت تصريحات المسؤولين على حالها وما زال ابناؤهم ينعمون بالوظائف الوثيرة وما زال حالنا على حاله في المزيد من التراجع والفقر الذي طال 12 قضاء وليس قدرا، رغم مرور 15 حكومة كانت برامجها تتحدث عن محاربة الفقر والبطالة وتأهيل الشباب وتدريبهم ومنحهم فرص عمل وسكنا كريما وتأمينات صحية واجتماعية ولا شيء حدث فعلا .

للمرة الأولى كنت اتمنى الغاء العطلة الرسمية في ما يسمى يوم العمال او عيدهم، فنحن بحاجة الى نصف ساعة عمل من اجل محاربة البطالة وجذب الاستثمار، لكن المرفهين والقادرين على التثاؤب ومدّ الارجل في مياه البحر، مارسوا غيّهم بالعطلة التي تستفز غالبية القطاعات التي لا تعرف يوم راحة حتى الجمعة الجامعة، فقد كبُر مقتا عند الله والشعب ان نقول مالا نفعل، وتصريحاتنا جميعا حيال الشباب وامنهم وامانهم الوظيفي والمعاشي اقوال لا تقابلها افعال بل تقابلها استفزازات .

لن نتحرّج من الدعوة الى الغاء عيد العمال ومنحه عطلة استثنائية الى ان يحين الوقت الذي نستطيع فيه دون خجل اعلان عطلة بمناسبة تشغيل الاف الشباب العاطلين عن العمل، فهذه اول خطوة يمكن ان تقول للشباب اننا نشعر بهمهم ونسعى لكسر قيد البطالة وفتح افاق المستقبل لهم، لا ادري كيف لوطن تحيطه النيران من كل جانب ان يفكر بالرفاه والاجازة وكيف لوطن يعاني افراده من البطالة وضيق فرص العيش ان ينعم مترفيه بإجازة تستفز كل خلايا الدماغ البشري، الا اذا وصلنا الى درجة اليقين اننا نحمل في رؤوسنا “ نخاعات بلدية “ .

عطلة يوم العمال او عيد العمال حتى لا يعتب اصحاب الفتاوى، هي ترف فائض عن حاجة مجتمعنا الاردني لانه ببساطة لا يمارس العطلة ولا يتذوق طعمها، فهو يوم للموظفين كي يتثاءبوا كثيرا ويمارسوا طقس الكسل بكل تفاصيله المملة، هو يوم يستحق ان نقلبه الى يوم عمل وطني عام ويوم مبادرات للتشغيل وجذب الاستثمار، وليس يوما للاسترخاء والتنظير على العمال الذين يتصببون عرقا وقهرا ويموتون كمدا وغيظا، والموظف الرفيع يشتم نسائم البحر او يقوم بطقس الشواء تحت اشجار وارفة .

والى ان يحين اليوم الذي نحتفل فيه بتشغيل الاف الشباب نعود الى ترف التثاؤب والاجازة، فنحن ما زلنا نحتفل بدخول الاف الاسر العفيفة الى مظلة صندوق المعونة الوطنية وهذا وحده يكفي لان نتراجع عن العطلة وان نقوم فورا بالغاء اجازة عيد العمال الى موعد اخر ونبادر الى الاعلان بأن عيد العمال هو يوم للعمل الوطني العام وللمبادرات الوطنية للتشغيل .

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/05/01 الساعة 01:49